يوسف الكويليت

في عرف طالبان ليس عيد الأضحى مناسبة لنحر الإبل والغنم والبقر، بل لقتل مسلمين يؤدون صلاة العيد في أحد مساجد أفغانستان راح ضحية التفجير، وبواسطة صبي لم يتجاوز عمره الرابعة عشرة، واحد وأربعون قتيلاً خمسة منهم أطفال، وقطعاً ستكون الحادثة laquo;روتينيةraquo; لأننا اعتدنا هذا الجنون وفي مقار عبادتنا..

لم نجد أتباع الأديان من هندوس وبوذيين، أو كنائس المسيحيين بالرغم من خلافات مذهبية عميقة يلجؤون لفعل طالبان، ولهذا السبب أصبح أي مسلم في نظر العالم إرهابياً، لأن الواقعة جسدها مسلمون، ولذلك لم تستنكر الدول مذابح مسلمي بورما أخذاً بمبدأ أنهم إذا كانوا تعرضوا لهذه المآسي من قبل بوذيين فإن الصراع بين طرفين لا يقلان مأساوية في أفعالهما من المسلمين مع بعضهم..

سوريا تشهد نفس اليوم الدموي أي أن الأسد الذي يحمل وحشية اسمه، لا يقر بحق للشعب، والقتل مشروع إذا كان من يفتي به روسيا (الأرثوذوكسية) وإيران الصفوية والتنفيذ على يدي الطائفة وحاميها..

لقد روّض ديننا الإسلامي وحوش القبائل العربية، ونشر المحبة في بلدان دخلها وقد اعتادت على التقاتل، وفي روحه ومعانيه رعاية المقدسات وحقن الدماء لكن ما يوجد من نصوص قرآنية وأحاديث نبوية، لا يعمل بها إلا وفق منظور من يحلل ويحرم برؤيته لا المستند الديني، وهذا ما جعل وحشية طالبان والقاعدة ومنظمات تسير على نهجهما يأخذان بمنطق أن من لا يتفق معهم كافر حلال الدم، بينما الإسلام في بنائه الأساسي، لا يقبل التأويل وفتاوى ليست في صلب عقيدته غير أن المشكل بمن انحرف عن جوهر الدين وحمله مواقف ومبررات تخدم أهدافه..

غضب العالم الإسلامي على تعرض الأقصى والمسجد الابراهيمي الذي شهد جريمة ليلة القدر، ومع إسرائيل الاستنكار مفهوم ومعروف لأن بنية العقيدة الصهيونية لا تعادي الإسلام وحده، بل كل البشر الذين لا يصلون إلى نقائهم وطهارة العرق اليهودي، لكن أن تستهدف بيوت العبادة وبالأشهر الحرم التي اعتبرها الجاهليون لها حرمتها، يناقضهم مسلمو طالبان، وبعيداً عن هذه الأمور، فرؤية العالم لنا في مشهد يوم عرفة الذي تناقلته جميع محطات ووسائل الإعلام العالمي ويأخذ بعداً هائلاً بصورته وحشوده، نجد بعد هذا التوقيت من يقتل عمداً، إنها صورة متناقضة بين مناسبة عظيمة، وبين إرهاب وجريمة..

لا نجد تعليلاً أو مبرراً يقبله العقل أن يصبح المسلم مضاداً لمعتقده وهي مسألة في غالبها، سياسي لا ديني تأخذ بهذا الطابع وتغلفه بصورة مغايرة، والعالم الإسلامي الذي يواجه التحديات الكبيرة، مدعو لمعالجة هذه الأمور المسيئة لهم سواء بالحوار، وهو أقصر الطرق وأهمها، أو فضح هذه المنظمات ومقاطعتها ونبذها، لأنه في ظرف التحديات التي نعيشها، من الظلم ترك القضايا المعادية للإسلام تستشري وتتسرطن إلى حدود استهداف المسلم وبيوت العبادة، وإلا ما فائدة المنظمات والهيئات والفقهاء والعلماء، إذا لم يضعوا حداً لهذه التصرفات وموقفاً يتسامى على غيره من أي خلاف مذهبي وطائفي..