فاتح عبدالسلام


أخطر ما يواجه الائتلاف السوري المعارض الجديد هو استمرار ذلك النفس التشنجي في المحاصصات الذي ساد تشكيلات سياسية معارضة عدة في الخارج طبعاً. بيد إنَّ انتخاب رئيس مستقل مقبول من مختلف الاتجاهات لا سيما في الداخل يعد ضمانة أولية لعبور هذه العقبة المرضيّة التي أساءت لجهد كثير من السوريين الوطنيين. لكن ذلك مشروط بتخلي السياسيين عن منطق تجزئة سوريا من دون أن يشعروا، إنْ لم تكن التجزئة جغرافية فهي سياسية وتكوينية. ودون ذلك سيتحول رئيس الائتلاف إلى مقاتل على جبهة الانقسام الداخلي للمعارضة التي من المفترض حسمها لصالح المشروع الوطني في اجتماعات الدوحة.
وفي الجانب الآخر، فإنَّ العالم المنادي بالحريات وحقوق الانسان قد يسهم في الحاق الإحباط بالائتلاف الجديد بالرغم من ترحيب واشنطن وباريس ولندن فقد أدمنت العواصم الكبرى الادانة والشجب والترحيب ولا شيء سواها.
صوت الداخل سيبقى الأقوى في توجيه دفة المعارضة السورية. وسيكون رقيباً على الذين يظنون أنَّ النضال التلفزيوني وحده هو كل القضية في حين ينزف السوريون من فصائل معارضة مسلحة وغير مسلحة ومواطنين الدماء كل يوم.
لعلَّ تجربة الخذلان التي اتسمت بها المعارضة العراقية لنظام صدام، أقصد خذلانها الشعب العراقي، خير ما ينفع المعارضة السورية التي تجاذبت قسماً منها مبكراً استقطابات الولاءات الخارجية وهذا أمر يهدد استقلالية القرار السوري مستقبلاً كما كان معوقاً على مدى عشرين شهراً أمام وحدة التيارات المعارضة في جسم واحد.
هناك فرق كبير بين ما حصل في العراق من نقل المعارضة بطائرات أمريكية أو عبر وسائل إيرانية إلى بغداد وبين المعارضة السورية التي تخوض حرباً حقيقية في الداخل السوري وأقصد هنا الجيش الحر والتشكيلات المسلحة التي تواجه قصف جيش النظام في المدن السورية كافة. وتبقى هناك حقيقة يجب أن لا تنسى وهي أن أحداً لن يستطيع أن يسرق ثمار تضحيات الداخل السوري مهما تمتع بشخصية سياسية ذات علاقات عربية أو دولية، ولابدّ أن يأتي اليوم الذي تكون فيه قيادات الداخل التي لم تمثل كما ينبغي هي الأكثر حضوراً في المشهد مما كان في اجتماعات الدوحة أو سواها في الخارج. لعل صوت سوريا كلّه لم يظهر حتى الآن. وحين يكتمل ظهوره تكون سوريا قد عبرت إلى ضفة التغيير والحياة الحرة.