راكان حبيب

هل يمكن لعاقل أن يصدق الكلام البائس الذي يردده بعض الكتاب ـ في الإعلام الغربي ـ على غير وعي، أن غزة تستحق هذه الحرب البربرية، وأن إسرائيل محقة في حربها على حماس؟ نعم يمكن تصديق هذه الكذبة لو أن إسرائيل وفلسطين دولتان مستقلتان بينهما معاهدات سلام، ولو أن حماس هي التي تنقضها، وتعتدي على دولة مسالمة لم يتلطخ تاريخها باعتداءات بربرية على جيرانها، وتهددهم بأكبر سلاح جوي وترسانة أسلحة متقدمة ونووية!. لكن الواقع يظهر حقائق دامغة ولا بد من توضيحها للأجيال وللتاريخ.
ففي كل وقت تبرر الدول الداعمة لإسرائيل هجماتها اليومية وحربها الروتينية على الفلسطينيين، بحجة نقض المقاومة للهدنة، سرعان ما يردد صوتان أو ثلاثة من بني جلدتنا هذا التبرير متجاهلين حقيقتين: الأولى: انتهاك إسرائيل لقرارات مجلس الأمن منذ تقسيم فلسطين عام 1948، وانتهاكها لاتفاقية حماية المدنيين وقت الحرب لعام 1949 و1954 و1997، مرورا بقرار مجلس الأمن للانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، وقرارعودة اللاجئين عام 1969، وقرارات عدم تغيير وضع القدس عامي 1969و1971، يؤكد ذلك إدانة مجلس الأمن لانتهاكها اتفاقية جنيف عام 81 وعام 1988.
الحقيقة الثانية: أن إسرائيل هي المتهم الأول بنقض اتفاقيات السلام. فمنذ اتفاق أوسلو عام 1990 نقضت وغيرت بنود أكثر الاتفاقيات. فأصبحت الاستحقاقات الفلسطينية في مدينة القدس والخليل ومطار فلسطين وعودة اللاجئين مجرد وعود وهمية تقول عنها: إنها ليست مقدسة. وساعدها على ذلك الدعم الغربي، حيث مكنها وبمباركة اللجنة الرباعية من تحويل فلسطين إلى سجن لجميع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، وطوقتهم بحصار منعت فيه كل شيء له علاقة بالحياة الكريمة.
لذلك بدلا من لوم المقاومة عليهم أن يتوقفوا الآن عن مطالبتها بأن تنتظر جيلا بعد جيل لسلام لا يأتي!.