المنيا (مصر) ـ من ماجد فهيم

دير جبل الطير في المنيا، شمال صعيد مصر، هو ثاني أهم محطات رحلة العائلة المقدسة في مصر بعد الدير المحرق في أسيوط وبه كنيسة أثرية يعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي وتزامن بناؤها مع كنيسة القيامة بالقدس على أيدي الملكة هيلانة.
يرجع تاريخ المكان إلى القرن الأول الميلادي، عندما هربت السيدة مريم وابنها السيد المسيح من أرض فلسطين إلى أرض مصر وطاردهم الرومان في ربوع مصر على مدار أكثر من ثلاثة أعوام ارتحلوا فيها من الشمال إلى الجنوب حتى وصلوا إلى مغارة أعلى الهضبة المواجهة للنيل وهي مغارة فرعونية عبارة عن كهف مظلم ظلت العائلة المقدسة بداخله لمدة ثلاثة أيام وبعدها ارتحلوا إلى الجنوب.
وفي العام 328 ميلادية ذهبت الملكة هيلانة والدة الإمبراطور الروماني laquo;قسطنطينraquo; إلى مدينة القدس وأمرت ببناء كنيسة القيامة ثم جاءت إلى مصر بعد ذلك مباشرة وأمرت بتفريغ هذا الكهف ليتحول إلى كنيسة منحوتة في الصخر قائمة على 12 عمودا من الصخر حسب عدد حواريي السيد المسيح وبعدها ذاع صيت المكان وسكنه رهبان كثيرون وبدأ الأقباط يقصدون المكان لأخذ البركة من المغارة الموجودة بجوار الهيكل وهو مكان صغير تباع مساحته بطول مترين في عرض متر.
ومع مرور الأيام زاد عدد الرهبان بشكل كبير ولايزال هذا الدير موجودا حتى الآن وبه الكنيسة الأثرية ويسكنه آلاف من أبناء سمالوط يعملون في مجال الزراعة أسفل الجبل أو منطقة الحاجر المجاورة للدير ويحتفل الأقباط ومعهم إخوانهم المسلمون بذكرى وصول العائلة المقدسة في نهاية شهر مايو من كل عام بموسم السيدة العذراء حيث يقصد هذا الدير أكثر من مليوني من كل مكان على أرض مصر.
وعودة إلى الألقاب التي أطلقت على هذا الدير فقد ذكره المؤرخون بأنه دير laquo;الكهفraquo; ودير laquo;البكرةraquo; ودير laquo;جبل الطيرraquo;.
وبحسب ماذكره التاريخ الكنسي، فإن هذا الدير أطلق عليه دير الكف نسبة إلى كف السيد المسيح وهو طفل والتي طبعت على صخرة كبيرة سقطت على القارب الصغير الذي يقل العائلة المقدسة بهذه المنطقة فرفع الطفل الصغير يده وأوقف الصخرة فطبعت يده laquo;الكفraquo; على هذه الصخرة ويقال إن هذه القطعة الصخرية تمت سرقتها من مصر وتوجد حاليا في أوروبا، كما أطلق على هذا الدير بحسب المؤرخين أنه دير laquo;البكرةraquo; نسبة إلى بكرة كبيرة كانت تتدلى منها سقالة كبيرة ينزل ويصعد عليها الرهبان وهم يحملون الغذاء والماء للدير.
وبحسب ماجاء بالخطط المقريزية فقد ذكر المؤرخ العلامة المقريزي، أن هذا الدير قديم ويطل على النيل أعلى الجبل قبالة سمالوط فيما يسمى دير الطير أو دير جبل الطير نسبة إلى طائر laquo;البوقيروسraquo; الذي كان يأتي في أسراب طويلة إلى هذا المكان هربا من شتاء أوروبا الشديد البرودة ليعود مرة أخرى إلى بلاده وقبل العودة كان يضرب أحد هذه الطيور بمنقاره في الصخر حتى يموت ويعلق بالصخر فيكون علامة لبقية الطيور عند عودتها مع موسم الشتاء التالي.
وذكره أيضا بعض المؤرخين ومنهم laquo;الشابشتيraquo; بأنه دير عامر كبير يقصده الناس من كل موضع ويقع بالقرب من جبل معروف باسم جبل الكهف لذلك يلقب بدير جبل الكهف.