عبدالله الاشعل
في 21 نوفمبر الماضي أصدر الرئيس المصري إعلانا دستوريا لقي رد فعل بالغ العنف من القضاء وبعض القوى السياسية التي تسمي نفسها القوى المدنية، وكانت النتيجة عشرات المليارات من الخسائر المادية والاضطرابات في الشارع المصري. وكان واضحا أن السائد هو أن حسن نية الرئيس لم تشفع في انفجار الموقف، ثم أدركت القوى الإسلامية بعد عدة أيام العنف ومحاولات الاعتداء على القصر الجمهوري وكأن ثورة حقيقية كانت تعد ضد الرئيس، وتشكلت laquo;جبهة الإنقاذ الوطنيraquo; التي طالبت بأمرين الأول: إلغاء الإعلان الدستوري، والثاني تحقيق التوافق معها حول مشروع الدستور الذي تقرر طرحه للاستفتاء 15 ديسمبر الجاري.
وأعلن الرئيس أنه مستعد لبحث كل المقترحات والتجاوب معها ولكن في حوار وطني جامع، ولكن الجبهة قاطعت الحوار الذي انتهى إلى بيان صاغته لجنة قانونية وافق الرئيس عليه وأصدر عقبه إعلانا دستوريا جديدا ألغى به الإعلان السابق، وقرر إعطاء الحق في تسجيل تحفظات المعارضين للدستور لكي تقدم في مجلس النواب لاقتراح تعديل الدستور. رغم الإعلان الدستوري الجديد الذي استجاب لما طلبته المعارضة، إلا أن جبهة الإنقاذ قررت رفض الإعلان والدعوة إلى مقاطعة مشروع الدستور تحديا للرئيس.
من الواضح أن المجتمع المصري قد انقسم، وكل طرف يريد أن يعلي من شأنه دون أن يدرك أن ذلك يؤدي إلى تعطيل مسيرة الوطن، كما يفتح الباب لحرب أهلية واضطراب خطير. ومن أسباب هذا الاضطراب هو التجربة الحديثة للتيار الإسلامي في الحكم، وإصرار أحزاب المعارضة على مواقفها، الأمر الذي أدى لتصعيد الموقف.
ولا بد أن يتعلم الجميع التفاعل البناء في إطار وطن واحد، وأن المواطنة والمساواة حق للجميع. فليس من حق التيار العلماني أن يعارض بشكل يؤدي إلى العنف، كما لا مفر من خوض التجربة بجسارة أعلى قدرا من الشعور بالمسؤولية. إن الشارع قد انقسم، ولكل شارعه بعد أن كان شارعا واحدا يوم الثورة.
ليست المشكلة هي الدستور أو الإعلان، فالمشكلة أعمق، ونتائجها أكثر خطورة. وفي النهاية يجب أن يكون الشعار laquo;وضع المصلحة العليا للوطن فوق أي اعتبارraquo;.
التعليقات