د.شملان يوسف العيسي

شهدت مصر يوم الجمعة موجة جديدة من الاحتجاجات دعت إليها القوى السياسية وذلك غداة دعوة الرئيس محمد مرسي لاجراء حوار وطني يوم السبت.. أقطاب المعارضة من جبهة الإنقاذ أعلنوا قبل إلقاء الرئيس كلمته بأنهم يحملون الرئيس مرسي وحكومته وجماعته المسؤولية الكاملة عما يحدث من عنف في مصر اليوم.

وأكد الدكتور محمد البرادعي استمرار الحشود حتى تحقيق المطالب وهي الغاء laquo;الإعلان الدستوريraquo; وتأجيل الاستفتاء على هذا الدستور.
حمدين صباحي قال إن الدم يراق الآن حول أسوار قصر الرئاسة وأن على الرئيس التخلي عن مسؤوليته وأن الرئيس يفقد المشروعية، أما عمرو موسى فقد طالب الرئيس بتقديم عرض رسمي للحوار لانهاء الأزمة بشأن الدستور.
السؤال، هل الرئيس فعلاً يريد الحوار؟ الرئيس في خطابه أعلن على رغبته بالحوار لكنه في نفس الوقت أكد على تمسكه بإعلانه الدستوري وإصراره على الاستفتاء حول الدستور يوم 15 ديسمبر الحالي، إذن لماذا الحوار؟ وما هي الأرضية المشتركة؟ لاجراء الحوار، فإذا لم يتم الغاء الإعلان الدستوري أو تأجيل الاستفتاء على هذا الدستور، فإننا أمام إشكالية واضحة، فالإخوان المسلمون فقدوا مصداقيتهم أمام الشعب العربي في مصر وكل الأقطار العربية بعد وصولهم للسلطة.
السؤال، لماذا لم يتنازل الرئيس مرسي عن اعلانه الدستوري أو تأجيل الاستفتاء على الدستور حتى يجرى الحوار مع القوى السياسية المختلفة في مصر حقناً للدماء وضمان استقرار مصر سياسياً؟! واضح جداً بأن الاخوان لا يريدون الديموقراطية ولا يؤمنون بها فهم بعد وصولهم للسلطة يحاولون التملص من التزاماتهم السابقة بأنهم سوف يلتزمون بالحكم الديموقراطي والتعددية السياسية والفكرية وأنهم سوف يعملون مع الجميع لضمان الحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان، لكن حب الاخوان للسلطة وأفراحهم بالنزاعة السلطوية والإصرار على خداع الناس ومناوراتهم جعلتهم يرفضون التعاون مع جميع القوى السياسية لوضع الدستور الجديد وجاء الاعلان الدستوري لكشف زيف ادعاء الاخوان بأنهم يؤمنون بالسلطة وتدويرها.
القوى الليبرالية والقومية واليسارية اعترضوا على مشروع الدستور الجديد لأنه يحتوي على لغة مبهمة وغير واضحة تفتح الباب أمام التأويلات وتثير المخاوف، لماذا يريد الاخوان التدخل في القضاء والحد من صلاحيات السلطة القضائية؟.. الجواب واضح وهو أن استقلال القضاء واحترامه والالتزام بأحكامه تعتبر عنصر أساسي ومن أهم ركائز الحكم الديموقراطي وضماناته في الفصل بين السلطات وفي حماية الحقوق وترسيخ قيم العدل والمساواة.
لماذا نتخوف نحن عرب الخليج من تدهور وعدم استقرار مصر واستمرار حكم الاخوان المسلمين للشقيقة مصر؟ ينبع تخوفنا من حقيقة أن تنظيم الاخوان سواء في مصر أو دول الخليج أو الوطن العربي ليس حزبا ديموقراطيا مفتوحا ولديه نهج ديموقراطي واضح ويملك رؤية تنموية يمكن بها اقناعنا بأن ادارتهم لمصر أو غيرها من الدول سيكون لصالح الشعب، فالاخوان لديهم تنظيم سري وبنية الجماعة وهيكلية عملهم وتنظيماتهم الداخلية كلها ذات طبيعة غير ديموقراطية، كما أن تنظيمات الاخوان واقطابهم في الخليج شاركوا في بعض الحكومات الخليجية ووضعوا مناهج التعليم في أكثر من بلد ويدير تنظيماتهم وزارات الاقتصاد والعدل في اكثر من بلد خليجي، ماذا كانت النتيجة؟ خلق حالة من التوتر والتمزق المجتمعي يخلق الفتنة والتفرق باسم الدين والحفاظ عليه، حتى نتعلم من درس ما حدث في مصر.