يوسف الكويليت

قمة البحرين، هل ستخرج من التقليدية إلى التفاعل والعمل على إنجاز واقعي لا يصطدم بالعلل السابقة والتي جعلت المخاوف من تضارب الصلاحيات وتداخلها هي المهيمن بينما اتجه الهدف من البدء بمجلس تعاون إلى مشروع اتحاد، لا يغير من بنية أي دولة واستقلال قرارها وصلاحياتها؟

نعرف أن تجربة كهذه لا يمكن القفز عليها دون نضج كامل في الأفكار والطروحات وتأكيد دور كل بلد في هذه العملية، لكن من غير الموضوعي، ولا المصلحة تجاهل هذا العمل، وقياسه على الفشل بينما الظرف لا يمكن أن يضعنا أمام احتمال الفشل فقط، لأن الموضوع ليس تحقيق مكسب لدولة ما، وخسارة أخرى، فنحن أمام تحديات اقتصادية وأمنية، ومستقبل لا يزال مثار جدل في جميع دول المجلس..

ومثلما الهاجس الأمني يسجل ضغطه المباشر، فإن نجاح دول المجلس بالمبادرة مع اليمن وإنهاء الصراع الذي كاد أن يتطور إلى حرب أهلية، فإن قضاياهم لا زالت متوترة خاصة بين الشمال والجنوب، وعدم التوافق على مناخ يوفر للحوار الوطني حل القضايا المتراكمة بما فيها مستقبل الوحدة، والتي تعد قراراً سيادياً بين اليمنيين أنفسهم، لكن طالما رابط الثقة والأخوة مصدر جامع لكل الأطراف، فإن حل إشكالات اليمن السياسية والاجتماعية والمادية مرتبطة بأمن الخليج بأبعاده المختلفة..

صحيح أن التركيز على الداخل له الأولوية الأولى، سواء بخطط التنمية والتعليم وقضايا التوظيف والعمالة الأجنبية، وأزمات المياه، والمخاوف من تأثير أي تلوث لمياه الخليج سواء جاءت من مصادر خليجية عربية، أو مفاعل بوشهر الإيراني الذي دارت عليه العديد من الاتهامات على تقادمه وعدم سلامته، لكن في نفس الوقت نجد الرابط المشترك موجود، فأي مؤثر داخلي أمني أو خارجي يريد خلق فوضى بين مكونات المجتمع الواحد، هي تحديات للجميع ولا يمكن عزل الداخل عن الخارج وبالتالي فإن فرضية وجود خليج متضامن وموحد ليست عملاً تحكمه العواطف وإنما المصالح وارتباطها في جميع شؤوننا..

الفرضيات التي نتحدث عنها ليست فقط ما تجنيه هذه الدول من عائدات النفط أو توظيفها، وإنما بقضايا الهم laquo;الديموغرافيraquo; والذي جعل بعض الدول الخليجية يعيش مواطنوها أقلية في طوفان الجنسيات المتعددة والمتواجدة بها، وحتى لو اعتبرنا ذلك شأناً داخلياً يرتبط بسياسة كل بلد، فالمشكل جدير بالطرح، ليس من باب التدخل بأي شأن خاص وإنما لاعتبارات أمنية ومستقبلية فيما لو كسبت هذه الجنسيات من خلال تقادم عملها صفة المواطن، وصارت تلجأ إلى بلدانها المركزية وخاصة الآسيوية، والتي نعرف أن بعضها ستكون دولاً عظمى باشتراطات ما ستؤول إليه المنافسة العالمية على المراكز الأولى اقتصادياً وسياسياً..

هموم مجلس التعاون هائلة، منها ما هو مقدور عليه بالحل والتوافق، ومنها ما يثير الأسئلة وربما المخاوف، لكن إذا كان الحوار والطروحات الصريحة هي ما تميز هذه الدول فإن الحلول قد تأتي وفق المسؤولية المشتركة، ومن الطبيعي ان نختلف، لكن لا نصر على الخلاف أو عدم التوافق بما يؤكد مصلحتنا ومستقبلنا..