عبد المنعم الاعسم

القمة العربية المقرر عقدها في بغداد بعد أقل من شهرين تُعدّ، في رأي الاستراتيجيين، الاخطر من بين جميع القمم العربية الـ22 ليس في الجوانب ذات الصلة بالاوضاع العربية المتغيرة والمندفعة الى تهديم النظم المتوارثة، لكن أيضا، وبالاضافة الى ذلك، في وظيفة هذه المرجعية الاقليمية، وأطارها الاوسع، الجامعة العربية، التي قطعت 67 عاما من عمرها من غير ان تهزها الاحداث والاستحقاقات وبات ميثاقها وجملة قراراتها وقواعد صياغة مواقفها وادارتها للازمات والخلاقات في مهب الريح، فضلا عن تصدع قوى التحكم والتأثير والتوجيه في حلقتها النافذة وأنهيار المحاور التي بقيت تتجاذبها وتفرض عليها ldquo;هويةrdquo; وعلاقات وتحالفات وصفقات وتبعيات، مثيرة للجدل، مع التكتلات والقوى الاقليمية والدولية.
على أنّ إنعقاد القمة العربية في بغداد، حصرا، لم يكن من غير مغزى كبير في هذا الوقت بالذات، فهو الاخر يدخل في قوام العناصر الاستثنائية، والخطيرة، لدور ومستقبل القمم العربية ومؤسسة الجامعة العربية، وذلك من زوايا عديدة، في الصدارة منها، العلاقة المضطربة والمشوبة بالملامات والالغام وسوء الظن والريبة والكيفية وانعدام الانضباط والشكاوى المتبادلة بين بغداد وعواصم الجامعة العربية، حيث شهدت السنوات التسع الماضية، مواجهات ووقائع تـَدَخـّل وتحريض وتمحور كان العراق طرفا فيها، وضحية لها، في غالب الاحيان.
حتى سلسلة التأجيلات، واسبابها، تلقى الكثير من الشكوك، او الغموض، على امكانية نهوض القمة الـ23 بمهمة تصويب القواعد القديمة وإنشاء هياكل عصرية وحيوية لاحتواء متطلبات المستقبل وطي صفحة المحاور والوصاية والاملاءات في العمل العربي، فيما المراهنة في نجاحها وتأمين انطلاقها الى ذرى ارقى تعوّل، اولا، على الزخم الشعبي العارم المتطلع للتغيير، وثانيا، على الارادة الجمعية البناءة للانظمة والزعامات الحاكمة، وثالثا، على حسن ادارة العراق، كدولة مضيفة، لاجواء وفروض وحاجات المناقشة والحوار وتبادل الاراء. اما معيار النجاح فانه يتمثل في مسارين، الاول، اعادة هيكلية وترشيد وتحديث هذه المرجعية الاقليمية بما يتناسب مع الحقائق العربية والدولية الجديدة، والثاني، في بناء منظومة مواقف وقرارات وسياسات نوعية وحيوية وانتقادية، وغير ذي ديباجات تتمدد على جميع المقاسات والاهواء والظروف.
وقدر ما تعلق الامر بالمطلوب من العراق، فانه يكفي التذكير بان نجاح القمة في مساريها يعني نجاحا للعراق احوج ما يكون له راهنا، وان فشلها سيلحق افدح الاضرار بمصالح العراق وسمعته وتطلعاته الى استعادة موقعه الاقليمي النافذ، وتحْسن الاشارة هنا الى التحذير من مخاطر التعاطي مع القمة واعمالها من زاوية الاعتبارات والشعارات والولاءات الفئوية، الامر (الخاطئ والضار) الذي نتتبع الآن بعض بصماته الفاقعة في تصريحات بعض السياسيين والنواب وفي استباقات اعلامية ينقصها النضوج وبُعد النظر، وأقل ما يقال فيها، انها تجهل معاني انعقاد مثل هذه الفعالية، وفي هذا الوقت، في بغداد.. والجاهل عدو نفسه، كما يقال.

ldquo;العلم يرفع بيتاً لا عماد له........
والجهل يهدم بيت العز والكرمrdquo;.
شعر