سركيس نعوم
العلاقات بين تركيا quot;الاسلاميةquot; السنّية والعلمانية وبين الجمهورية الاسلامية الايرانية، تشغل بال العالمين العربي والاسلامي. فغالبية دول الأول، اي العربية، تخوض ومن زمان، مواجهة مع الجمهورية المذكورة لأنها الخطر الأكبر عليها. لكنها مواجهة غير مباشرة. أما بعد النجاحات النووية التي حققها الايرانيون فقد شعرت الدول العربية بأن الخطر صار داهماً، لكنها لم تكن تمتلك ولا تمتلك القوة التي تستطيع بواسطتها مكافحته. ولهذا السبب اعتمدت على طريقتين لتقليصه ولازالته. الاولى، الارتماء في احضان الولايات المتحدة والغرب الموالي لها طلباً للحماية. وقد حصلت عليها لان غالبيتها دول تقع في قلب العالم العربي وفي طرفه الذي هو في بحيرة نفطية يحتاج اليها العالم. والثانية تشجيع ودعم الحركات المناوئة لايران لاسباب اتنية او مذهبية سواء داخلها او في الدول المجاورة لها مثل العراق حيث صارت هي صاحبة صاحبة النفوذ الأقوى فيه. وفّر quot;الربيع العربيquot;، الفرصة المثالية للدول العربية المذكورة لمواجهة ايران من خلال دعم الثائرين على حليفها السوري، وربما يتيح لها ذلك وضع ايران في موقع دفاعي.
طبعاً ظهرت في السنوات الاخيرة طريقة ثالثة اعتقدت غالبية الدول العربية، ولا سيما التي منها تواجه اخطاراً ايرانية، أن بروز تركيا الاسلامية دولة راغبة في لعب دور اقليمي كبير استناداً الى قدراتها العسكرية وامكاناتها الاقتصادية وعلاقاتها الدولية وعضويتها في حلف شمال الاطلسي وسنّية غالبية شعبها، اعتقدت غالبية هذه الدول ان في مقدورها حماية العرب السنّة من quot;الفرسquot; الشيعة.
هل حقّقت الدول العربية المشار اليها النتائج التي أملت فيها؟
ضمنت الحماية الاميركية والغربية الاوروبية، وضمنت أن اصحاب هذه الحماية لن يسكتوا أمام ايران اذا مضت في خياراتها النووية والسياسية الشرق الأوسطية. فهم بدأوا، ومنذ مدة، فرض عقوبات قاسية عليها. وهم سيلجأون الى القوة العسكرية اذا وجدوا انها لن تتراجع عن مخططاتها او لن تنخرط في حوار جدي معهم يحمي مصالح الجميع. وهي، اي الدول العربية، تدعم بجد ثورة غالبية الشعب السوري ضد نظام الاسد ومعها غالبية العرب ومعظم العالم. وتقدم الدعم لسنّة العراق كي يبقوا صامدين في وجه ايران وحلفائها الشيعة، وتالياً كي يبعدوها عن الحدود المباشرة لخليج النفظ العربي. اما بالنسبة الى تركيا فإن هذه الدول العربية لا تزال تعتمد عليها، لكنها اكتشفت ومن خلال مباحثاتها مع حكومتها الاسلامية، استعداداً تاماً للمساعدة ولكن غير العسكرية وخصوصاً في سوريا. وظهر ذلك في وقوفها جانباً، رغم استمرار مساعداتها الانسانية وربما غير الانسانية للثوار وإن بطرق غير معلنة. ورهان هذه الدول مع جهات اخرى دولية على صراع ايراني ndash; تركي يستفيدون كلهم منه لم يلاقِ النجاح.
طبعاً لم تصبح تركيا عدوة ايران. لكنها لم تصبح حليفتها. إنهما دولتان متجاورتان كبيرتان تطمح كل منهما الى دور كبير في منطقة واسعة، وتعرف كل منهما انها ستحصل على هذا الدور نظراً الى quot;وسعquot; المنطقة. ويبدو استناداً الى المعلومات quot;الديبلوماسيةquot; المتوافرة عن الاتصالات بين انقرة وطهران ان القرار النهائي لحكّام الدولتين هو عدم التقاتل اي التحارب وهو اقامة علاقات ثنائية متنوعة وجيدة. طبعاً اوضحت طهران لانقرة اهمية سوريا الاسد بالنسبة اليها، ودعتها الى تفهّم هذا الموضوع، ونصحتها بعدم التورط عسكرياً فيه على نحو مباشر. وأوضحت انقرة لطهران ان نظام بلادها علماني لكن شعبها غالبيته مسلمون سنة، ولذلك لا يستطيع تحمّل قمعهم واستهدافهم في دول تؤثر فيها ايران سلباً في شكل او في آخر. وأوضحت لها ايضاً ان العراق المهم لها هو مهم لتركيا ايضاً، ليس لأن فيه تركمان وسنّة عرب فقط، بل لأن مناطق هؤلاء على تخوم الخليج العربي. وهي لا تحبذ ان يُصبح في خطر جراء وصول ايران مباشرة او على نحو شبه مباشر الى حدوده. طبعاً عرفت ايران من تركيا انها تحبّذ امتلاكها طاقة نووية للاستخدام السلمي لكنها ترفض تحوّلها نووية عسكرياً، علماً ان صواريخ ايران التقليدية قد تبلغ اسطمبول. ولا يخفي ذلك خوف او قلق بل رغبة في رؤية شرقٍ اوسطٍ مستقر. ذلك ان تركيا تعرف انها قوية بامكاناتها المتنوعة وأيضاً بتحالفاتها الدولية والعربية وكذلك بعضويتها في حلف شمال الاطلسي
- آخر تحديث :
التعليقات