عبدالزهرة الركابي


أقر أياد علاوي واعترف بعظْمة لسانه في حديثه لصحيفة عربية، بأنه أساء للمواطن العراقي، ودعا المواطنين الى عدم انتخابه أو انتخاب جميع المشاركين في العملية السياسية مرة أخرى، عندما قال: laquo;العملية السياسية في العراق وصلت إلى مستوى ضحل، مستوى لا يليق بالشعب العراقي، ولهذا أنا أطلب من العراقيين عدم الذهاب مجددا لانتخابي أو انتخاب أي ممّن يشاركون الآن في عمل يسيء الى العراق، فنحن كساسة أسأنا الى المواطن كثيراraquo;.
والحقيقة أن علاوي لجأ إلى الصراحة كثيرا في أحاديثه السابقة، من دون أن يعلن laquo;التوبةraquo; وينفض يده من هذه العملية، حتى أنه اعترف في حديث سابق لوسائل الإعلام بتعامله وتعاونه مع عشرات الأجهزة المخابراتية في العالم، خلال سنوات المعارضة السابقة، بيد أن هذه الاعترافات كان يسوقها في خانة laquo;المصلحة العامةraquo;، كأسلوب لاجترار التعاطف معه، وهو أسلوب أفضى إلى الإخفاق في العملية السياسية التي خرج منها شخصيا، كما يقول المثل العربي laquo;خرج من المولد بلا حمصraquo;، عندما تقاسم أقطاب كتلة laquo;العراقيةraquo; المناصب في ما بينهم، ما عداه، حيث كان laquo;موعوداraquo; بمنصب رمزي إن لم أقل laquo;وهميraquo; هو رئيس المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية، وحتى هذا الوهم لم ينله!
ولو نعود إلى قصة ترؤسه كتلة laquo;العراقيةraquo; التي تتألف من جماعات وقوى سنية في الأغلبية الغالبة، وهو الشيعي، نرى أنه لم يكن قارئا laquo;جيداraquo; للساحة السياسية، وهو الذي أمضى laquo;دهراraquo; من الزمن في التعايش والتعامل مع الجماعات الشيعية الدينية المهيمنة على هذه الساحة، عندما كانت تهيمن أيضا على عمل وسياق المعارضة السابقة، وبالتالي، فإن الجماعات الشيعية الدينية كانت تدرك جيدا الغرض من ترؤس علاوي لكتلة سنية (العراقية)، ولماذا ارتضت هذه القوى السنية أن يكون علاوي الشيعي رئيسا لكتلتها، وهي التي تدرك أن العملية السياسية قائمة على نظام المحاصصة.
وهكذا وقع علاوي في الفخ الذي شارك في نصبه جميع القوى السياسية الشيعية والسنية، حتى يكون بعيدا عن أي فرصة للحصول على منصب رئيس الوزراء، والدليل لو كان علاوي منضويا في كتلة شيعية لكانت فرصته متاحة للوصول الى هذا المنصب على الرغم من علمانيته التي تتعارض مع توجهات الجماعات الشيعية الدينية، وكذلك توجّس هذه الجماعات من خلفيته البعثية.
إذاً أياد علاوي، وبسبب هذه القراءة الخاطئة للساحة السياسية، خرج خالي الوفاض، بعدما توهّم أنه رئيس كتلة سُنية بحق وحقيقة، بينما كان رئيسها الفعلي هو أسامة النجيفي، الذي حصل على منصب رئيس البرلمان بعدما كان مغمورا حتى في مدينته الموصل، وهكذا خدم علاوي الآخرين، ولم يخدموه!