سعد بن طفلة العجمي
مصطلح quot;يخيم شبح الحرب على المنطقةquot;، يعني أن الحرب قد تندلع في أي لحظة. قدر منطقتنا أن تكون مرتعاً للحروب، ومطمعاً للعالم، وموطناً للأشباح والشبيحة، منذ مئات السنين. وترتبط كلمة quot;شبحquot; بأفلام الرعب وبظهور شبح ما ثم اختفاؤه في مشهد من الفيلم للإثارة والتشويق والتخويف، ولكن شبح الحرب في منطقتنا مقيم إقامة دائمة بدون أن يدفع رسوم هذه الإقامة. فلو تقدم أحدنا للحصول على تأشيرة زيارة أو سياحة في بلد ما، فإن هناك رسوماً يدفعها المتقدم، وأحياناً تكون باهظة، بل وغير قابلة للاسترداد في حالة الفيزا البريطانية إن رفض الطلب، وهو سلوك أقرب ما يكون إلى النصب والاحتيال منه إلى التعامل الحضاري مع المتقدم من قبل دولة مثل بريطانيا العظمى. أما رسوم شبح الحرب في منطقتنا، فقد تكفل بدفعها سلامنا وعيشنا وأمننا واستقرارنا ومستقبل أطفالنا، وملأت استمارة طلب إقامة هذا الشبح المدمر عوامل التخلف والجهل والطائفية البغيضة.
توتر في أجواء منطقة الخليج العربي وحديث عن ضربة إسرائيلية وشيكة للمنشآت النووية الإيرانية، إيران تتصلب بموقفها وتظهر عناداً غير مفهوم لبلد يعيش تحت حصار خانق، ويعاني شعبه من أزمة اقتصادية ومالية شديدة، لكن الرئيس أحمدي نجاد يكرر ظهوره على التلفزيون الرسمي بين فينة وأخرى ليعلن للعالم نجاح حكومته في المضي خطوة بعد أخرى نحو تحقيق البرنامج النووي للأغراض السلمية كما يقول الموقف الرسمي بتكرار، لكن العالم لا يصدق إيران، ففرض ولا يزال حصاراً ماليّاً ونفطيّاً ومصرفيّاً حادّاً على اقتصادها عل ذلك يردع برنامجها ويخضعها للرقابة الدولية.
المجتمع الدولي -أو قل الغرب والدول المحيطة بإيران- مقتنع قناعة راسخة أن إيران في طريقها لبناء سلاح نووي، وأن ما تقوم به من استعراض لقوتها الصاروخية في مناورات متكررة، ما هو إلا تحضير لصواريخ قادرة على حمل الرؤوس النووية، فالخبراء يقولون إن تصنع القنبلة شيء، وأن تكون قادراً على حملها وإرسالها شيء آخر، فما فائدة سلاح نووي لا تمتلك عدة إطلاقه؟ هو بذلك أشبه بمن يحمل رصاصة مسدس في جيبه، صحيح أن الرصاصة قاتلة، ولكن فقط في حال انطلقت من المسدس!
لذلك بدأت إيران في المرحلة الأخيرة من مراحل امتلاك النووي: صواريخ عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية، وهو تخطيط أقرب ما يكون للتهديد منه للتنفيذ، فالمنطق يفترض الحصول على القنبلة النووية وتفجيرها وتجربتها قبل الحصول على ما يحملها لأهدافها المحتملة -لا قدر الله.
كما ويجثم خطر الحرب على المنطقة بتهديدات إسرائيلية بضرب مفاعل إيران النووي، ويتوقع المراقبون أن تكون هذه الضربة بداية صيف هذا العام حيث تكون الولايات المتحدة الأميركية في أوج انشغالها بانتخاباتها الرئاسية، وتكون ألمانيا وفرنسا في حالة تحضير انتخابات برلمانية للأولى وانتخابات رئاسية للثانية هذا العام.
المراقبون الإيرانيون يظنون أن ما تقوله إسرائيل ما هو إلا تهديدات فارغة القصد منها الضغط على المجتمع الدولي -وتحديداً حلفائها الغربيين- للتوصل إلى حل دبلوماسي يضمن توقف طموح إيران النووي، ولعل هذا ما يفسر تكرار مناوراتها الحربية وتهديداتها المتكررة بغلق مضيق هرمز وإرسالها سفينتين حربيتين عبر قناة السويس لحليفها بشار الأسد الغريق.
يقول الإيرانيون إن إسرائيل لن تهاجمهم، وإنها لو كانت جادة في التخطيط لضربهم لما هددت، فإسرائيل تضرب دون تهديد لأن التهديد يجردها من عامل المباغتة، فلم الغطرسة والمكابرة إذن؟
quot;الشبحquot; عامل مهم للهيمنة على الأجواء، فبواسطته تقمع الحريات، وتصادر المطالب المشروعة، وتبرر الغطرسة ويسرح الشبيحة ويمرحون دون عقاب.
التعليقات