يوسف الكويليت

أسهل الحروب السياسية الاتهام بأي أمر لدولة مضادة لنهج وتفكير وسلوك دولة أخرى، وروسيا منذ القياصرة، ثم الاتحاد السوفياتي، فالقيصرية الجديدة وهي بارعة باستخدام سلاح التشويق والتهويش، والمتحدث الرسمي قال إن السعودية تدعم الإرهاب في سورية، وتساعد القاعدة، ولم يستند على أي مصدر إلا ما تذيعه وتتحدث عنه سلطة الأسد..

نعم هي تساعد الشعب السوري ونفخر أن نراه يناضل من أجل حريته، وإذا كان في نظر روسيا إرهابياً فهي مسؤولة أخلاقياً وأدبياً عما تقول، وهو ما يناقض الرؤية العالمية، وليست دول الأطلسي فقط التي تحاول روسيا أن تعاكس سياساتهم، لكن الرأي العام يرى ويشهد، وليس بحاجة إلى انحياز حكومة موسكو لدكتاتور سقط تاريخياً من ذهنية المجتمعات العربية والدولية..

الأمر الآخر إذا كانت المملكة تساند القاعدة، فالراصد الروسي يبدو أنه خارج فهم ما يجري بالمنطقة والمملكة تحديداً، فهي بوسائل إعلامها المختلفة تنشر أسبوعياً ويومياً عن محاكمات أعضاء في القاعدة، خضعوا للاستجواب والتحقيق، إلا إذا كان سفير دولتهم في الرياض لا يعلم أو يتعامى عما يجري، وهذا، بحد ذاته ينفي تهمة أن تكون المملكة مع القاعدة، وهي المستهدفة منها في إرهابها وأدبيات ما تنشر..

ملف روسيا مليء بالقضايا التي تتطابق مع جرائم حرب، وإلا بماذا نفسر تهجير الشعب الشيشاني برمته إلى سيبيريا، وإغراق وثائقه التاريخية بالبحر أثناء الحكم السوفياتي، ثم تدمير laquo;غروزنيraquo; ومدن شيشانية أخرى عن آخرها في العهد الروسي الجديد، ولا ننسى كيف هاجمت قواتها جورجيا، واقتطعت إقليماً كاملاً ليكون تحت ولايتها!

هذه بعض رؤى صغيرة عن أفعال روسية، أخطر من كل ما قام به الإرهاب الحديث تحت ذرائع مصالح قوة عظمى..

مشكلة روسيا هي عقدة أفولها عن المسرح الدولي، وحتى الهند التي ظلت البقية من القوى الناشئة تتعامل معها عسكرياً بشكل مفتوح، بدأت تصنع سلاحها بنفسها، وتوارى حزبها الشيوعي بعد نهاية المرحلة السوفياتية، والمنطقة العربية التي ظلت بعض دولها حليفاً مباشراً تحت بريق معاداة الاستعمار، لم يبق منها من يرى شيئاً في الحليف القديم إلا سورية الدولة، وليس الشعب، ودورها في جمهوريات الدولة السوفياتية تقاطعت معها، ولجأ الكثير منها للغرب، ودخل اتحادهم معظم دول أوروبا الشرقية..

نعود ونقول إن دول الجامعة العربية مجمعة على مقاطعة الحكم السوري، وقدمت مشروعاً لمجلس الأمن عارضته روسيا بlaquo;الفيتوraquo;، والاتهام في هذه الحال ينطبق عليهم جميعاً لأنهم يقفون مع الشعب السوري بوضوح، وبدون تستر، وإذا كانت جادة في رؤيتها فعليها طرد سفراء هذه الدول لأنهم جميعاً متهمون بالوقوف مع الشعب السوري، وإرهابيون يشجعون القاعدة!!

مؤلم أن تكون دولة بحجم روسيا لا تقيس أبعاد أقوالها لتنتهج الدبلوماسية الواقعية وترى الأمور بعين مفتوحة، ولعل هذه إحدى سقطاتها التي لا تُغفر لها..