علي حماده
لم يكن غريبا ان يقوم وليد جنبلاط بعد خمسة وثلاثين عاماً على اغتيال والده بوضع علم الثورة على ضريحه، بل كان الغريب ألاّ يفعل ذلك يوما. فوليد جنبلاط اكثر العارفين بهوية قتلة كمال جنبلاط، وهو اكثر العارفين بطبائع آباء النظام وابنائه. وهو اكثر العارفين بهوية قتلة رفيق الحريري وسائر شهداء ثورة الارز من رفاقه على مدى ثلاث سنوات متعاقبة سقط فيها كبار استقلاليي لبنان.
هذا بالنسبة الى لبنان، فما بالك بسوريا، التي يعرف جنبلاط ان الاسد الاب سبق ان دمر مدينة كبيرة مثل حماه على رؤوس اهلها، وقتل منهم الوفاً من دون تمييز بين ناشط او مدني عادي. ووليد جنبلاط المخضرم الذي دخل المسرح السياسي اثر اغتيال كمال جنبلاط في عقر داره على مداخل بلدة بعقلين في الشوف، يتذكر كم من اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين سقطوا في حروب النظام المتعاقبة على ارض لبنان وفلسطين. ويتذكر كيف تابع حافظ الاسد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 باجتياحه لمدينة طرابلس بعدما دكها بالمدفعية والدبابات. وهل ينسى حرب المخيمات التي اوكل الى quot;حركة املquot; امر محاصرتها وبغية تصفية قرار ياسر عرفات المستقل. وكيف ينسى عشرات السيارات المفخخة التي زرعت فيها مدن لبنان والعراق. وكم من معارض جرى سجنه وتعذيبه في غياهب اقبية المخابرات. وكم من كريم أُدخل المعتقل عقوداً ليخرج منه الى القبر. ويعرف كم من شخصية تاريخية سورية جرت تصفيتها في الخارج.
لا نقول هذا لأننا نعرف ما يدور في خلد وليد جنبلاط، بل لأننا حينما سمعناه البارحة في السادس عشر من آذار يعلن ان يوم السادس عشر من آذار 2012 هو يوم مصالحة مع الذات، ادركنا ان كمال جنبلاط كان وسيبقى كأول الشهداء الكبار الذين سيلاحقون النظام في سوريا، من الأب الى الابن. وهل من مشهد اروع من مشهد الاعلان عن تشكيل كتيبة الشهيد كمال جنبلاط في حلب اسوة بكتيبة الشهيد رفيق الحريري؟ هكذا تختلط دماء شهدائنا مع دماء شهداء ثورة الحرية والكرامة في سوريا. وهكذا تكون قضية كمال جنبلاط ورفيق الحريري وسائر شهداء لبنان الكبار قضية الحرية والكرامة في سوريا التي سقط فيها لغاية اليوم اكثر من عشرة آلاف سوري.
بالامس وضعنا وردة حمراء على ضريح كمال جنبلاط، واليوم نضع علم الثورة، وغداً في يوم النصر على طغاة دمشق وقتلة الاطفال سنضع على ضريح كمال جنبلاط ورفيق الحريري ورفاقهما وردة بيضاء وصورة لحمزة الخطيب!
في ذكرى كمال جنبلاط نردد مع ابنه ان quot;اعمار الطغاة قصارquot;!
- آخر تحديث :
التعليقات