راجح الخوري


تزامن وصول الخبراء الدوليين الخمسة امس الذين أرسلهم كوفي انان الى دمشق، مع انباء عن وصول سفينة تحمل وحدة من مشاة البحرية الروسية لمكافحة الارهاب نزلوا في ميناء طرطوس وهو ما نفته موسكو.
بعثة انان وصلت لتبحث مع الرئيس الاسد في quot;آلية مراقبة واجراءات ملموسةquot; يفترض ان تلي وقف النار، لكنها بدت كمن يعد المائدة قبل اصطياد السمكة، باعتبار ان الواقع الميداني لا يوحي اطلاقاً بامكان التوصل قريباً الى وقف النار بل على العكس تتسع رقعة الاشتباكات والمداهمات التي وصلت الى قلب العاصمة دمشق وتزداد المخاوف من انزلاق سوريا اكثر فأكثر نحو الحرب الاهلية .
عملياً، تراوح مهمة انان عند حدود مراسلات خالية من اي نتيجة، فقد رد الاسد على نقاط انان التي تعكس محتوى quot;المبادرة العربيةquot; من دون الاشارة الى تنحيه لنائبه، بست نقاط لا تخلو من السخرية وتضع مهمة انان على الهامش في انتظار ما يمكن ان تفعله الدبابات، وهذا يعني ان الاسد متمسك بالحل العسكري، وهو ما يجعل من مهمة الخبراء والحديث عن quot;آلية المراقبةquot; مجرد اطلالة على تخوم النار العالقة في اذيال معظم المناطق السورية .
هذا ليس خافياً على الجامعة العربية التي تبدو مستقيلة من مسؤولياتها، ولا على مجلس الأمن الذي يعطله الروس في اسوأ رهان، لأنهم في النهاية سيخسرون بـquot;الفيتوquot; معظم الدول العربية والاسلامية، من غير ان يتمكنوا من الاحتفاظ بسوريا عبر بقاء النظام. والنتيجة ان مجلس الامن يقف عاجزاً لا يملك كما بدا امس اكثر من الاعراب عن quot;أسفه الشديدquot; وquot;قلقه العميقquot;.
ويبقى السؤال: اذا كانت روسيا تدعو منذ فترة الى وقف متزامن للنار والذهاب الى الحوار، فما معنى الايحاء بانها قد ترسل مشاة بحريتها الى طرطوس لدعم النظام؟ ثم انها عندما تعارض بشدة أي تدخل خارجي في سوريا وتستعمل quot;الفيتوquot; مرتين في مجلس الامن لهذا الغرض، كيف تسمح لنفسها بهذا التدخل العسكري السافر، ذلك انه حتى إن لم يشارك جنودها في التصدي للمعارضة، فان مجرد نزولهم في طرطوس سيدفع الأسد الى التصلب اكثر والمضي في الحل العسكري الى مداه الاقصى؟!
في اي حال، لن يكون حظ بعثة الخبراء الذين ارسلهم انان أفضل من حظ بعثة محمد احمد الدابي، فالحديث عن quot;وقف فوري للنار وعن سحب المجنزرات من المدن واستجابة هواجس الشعب المشروعة واطلاق المعتقلين والسماح بدخول الاعلامquot; هو مجرد امنيات لن تتحقق في ظل اتساع رقعة العمليات العسكرية.
في المقابل. تنكب تركيا جدياً على الإعداد لإقامة منطقة عازلة، وتتزايد التلميحات عن امكان تدخل عسكري تركي - عربي يحمي هذه المنطقة ويسهر على قيام ممرات آمنة لإيصال المساعدات الانسانية .