عدنان حسين


حسناً فعل رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بتأكيده المعلومات المتداولة شفاهاً في الأوساط السياسية، بان أطرافاً حكومية نافذة في بغداد أوصلت رسائل إلى قيادة الإقليم تزيّن لها فكرة تسهيل خروج (هروب) نائب رئيس الجمهورية المطلوب طارق الهاشمي إلى الخارج لإغلاق ملف قضيته.

قضية الهاشمي لم تشكّل مأزقاً شخصياً له ولكتلته، العراقية، فحسب وإنما كانت أيضاً مأزقاً لخصومه. فهؤلاء برغم قوة موقفهم لجهة توفر قرائن ودلائل قوية تدين الهاشمي يخشون، إذا ما سلّم الهاشمي نفسه إلى القضاء بإرادته أو سُلّم عنوة رغماً عنه، أن يستغل فرصة محاكمته لكشف الكثير مما هو مستور بين الكتل والائتلافات المتوافقة والمتحاصصة، وفقا لمبدأ quot;عليّ وعلى أعدائي.. وليكن من بعدي الطوفانquot;. والهاشمي بحكم منصبه وشراكته مع خصومه في العملية السياسية يعرف أشياء كثيرة للغاية تتعلق بالفساد المالي والإداري والفساد السياسي وانتهاكات الدستور والقانون، باعتباره شريكا أساسياً في السلطة، ولا بد انه سيقدم إلى المحكمة كل الوقائع التي تأخذ معه إلى السجن أو ساحة الإعدام شركاءه السابقين - خصومه الحاليين.
وفي الواقع إن بارزاني لم يكشف الحجب عن مستور، وإنما فتح في العلن ملفاً نعرفه، وأكد على نحو قاطع معلومات هذا الملف. وللتذكير فأنني شخصياً كنت قد كتبت ما يلي في هذا العمود قبل ثلاثة أسابيع

(المدى في 22/ شباط الماضي( http://www.almadapaper.net/news.php?action=viewamp;amp;id=60398amp;amp;spell=0amp;amp;highlight=%DA%CF% E4%C7%E4+%CD%D3%ED%E4):


(( بينما جَهِد البعض، وبخاصة ائتلاف العراقية، للتوصل إلى تسوية سياسية (توافقية) لقضية القيادي فيها نائب رئيس الجمهورية (مع وقف التنفيذ) طارق الهاشمي، تفيد معلومات بأن جهات نافذة في الحكومة دفعت باتجاه أن تأخذ هذه التسوية صيغة quot;هروبquot; الهاشمي إلى الخارج فيُريح ويستريح)).
لم أكن متنبئاً ولا مُبصّراً ولا قارئ فنجان يوم كتبت ذلك العمود. والمعلومات التي استندت إليها في كتابتي استقيتها من مصادر مطلعة بل عليمة أثق بها تماماً وهي عربية، ولاحقاً توثقت منها من مصادر كردية.

الأطراف النافذة في الحكومة التي أرادت توريط الكرد في قضية الهاشمي، بحسب تعبير بارزاني، كانت تهدف إلى ضرب عصفورين بحجر: استخدام قضية الهروب (التهريب) إن حدثت ضد الإقليم وقت الحاجة، والاطمئنان إلى أن الملفات الشائكة التي يعرف بها الهاشمي لن تُفتح.

نظام المحاصصة والتوافق هو القاعدة الصلبة والأساس المتين للقضايا القذرة التي تحفل بها حياتنا السياسية، وهو القرار المكين لنظام الفساد المستشري في دولتنا الذي لولاه ما تمكّن الهاشمي من الخروج عن الدستور والقانون وهو في منصب نائب رئيس الجمهورية، ولولاه ما استطاع غيره من المستوى نفسه وأقل أن يخرج عن الدستور والقانون في السابق... وحالياً أيضاً.
ما فعله رئيس إقليم كردستان يصبّ في مجرى الشفافية التي يُريدها الشعب من ساسته ومسؤولي دولته، ونتطلع إليها ونلهث وراءها نحن الإعلاميين.