عبد الوهاب بدرخان
صور لكان ارتأى مقاطعة لبنان القمة العربية وكل اجتماعات مجلس الجامعة العربية. الأولى لان العراق لم يوجّه دعوة الى سوريا، والثانية لأن الجامعة جمّدت عضوية سوريا فيها. ذاك ان وزير خارجية لبنان حائر بسياسة quot;النأي بالنفسquot;، المتوافق عليها حكومياً، فتارة يفاخر بها كأنها من استنباطاته، وطوراً يتحدث عنها بشكل اعتذاري، واخيراً صار يمون عليها، وعلينا، متجاوزاً فيشير الى ان لبنان مرتبط بمعاهدات واتفاقات مع سوريا النظام وعليه التضامن معها. كما انه يدير وزارة درج وأسلافه الاخيرين، لا الأولين القدامى، على اخضاعها للتعليمات الدمشقية، لانه بفضلها حمل وحملوا هذه الحقيبة، حتى باتت الديبلوماسية اللبنانية أشبه بكاريكاتور لشخص يفترض انه الوزير جالس الى مكتبه وخلفه لافتة على الجدار كتب عليها: لطفاً لكي تعرفوا موقفنا اتصلوا بهذا الرقم... في دمشق.
قبل ايام تحدث الوزير الى وكالة quot;رويترزquot;، وكان له موقف استباقي، اذ قال ان لبنان سينأى بنفسه في قمة بغداد عن اي قرار quot;يضرّ بسوريا ويمسّ استقرارها ووحدتهاquot;. عدا ان quot;النأيquot; اصبح وسواساً، فلا احد يعرف من اين جاء منصور بفكرة ان لبنان ينفرد بهذا الحرص على سوريا، او ان quot;النأي بالنفسquot; على قدر المحبة. بل انه بات يقيس القرارات العربية والدولية بمدى quot;تعارضهاquot; مع المصلحة الوطنية، فـquot;الضررquot; الذي يخشاه هو ما يضير النظام، اما quot;المصلحة الوطنيةquot; فلا شك انه يعني بها مصلحة النظام. والاكيد ان الوزير لم يأخذ علماً بأن هذا النظام ماض في ضرب وحدة سوريا وامنها وريفهما، بدليل انه تمنى لو ان سوريا quot;حاضرةquot; في القمة.
دليل آخر، للمرة الثانية سيقاطع لبنان مؤتمر quot;أصدقاء الشعب السوريquot; رغم انه دعي اليه. ليس القاموس الديبلوماسي لعدنان منصور ولا حكومته انه يمكن الحضور والاطلاع، ولا احد يجبر احداً على التزام لا يريده. الاسوأ ان تصبح سياسة دولة عدم الحضور حيث يكون المجلس الوطني السوري، رغم ان معظم quot;الاصدقاءquot; لم يعترفوا بالمجلس ولا يدعمونه بأكثر من الكلام، لكنهم لا يظهرون هذا العداء الذي يجهر به الوزير اللبناني، الذي يعتبر ان اي قرار يصدر عن مؤتمر quot;الاصدقاءquot; في اسطنبول سيتعارض مع وحدة سوريا وامنها واستقرارها... الى ما هنالك من ثرثرات الخطاب الرسمي السوري، والوزير لا ينأى بنفسه عن هذا الخطاب الذي يستخدمه النظام لتأسيس علاقات تنافر وتنابذ بين مكوّنات الشعب السوري.
لا شك ان الخارج يتعامل مع الديبلوماسية اللبنانية على انها لا تقدم ولا تؤخر، بل يعرف ان هناك اكثر من ديبلوماسية واحدة لهذه الحكومة، لكنها تقف جميعا عند الخط الاحمر، فالتبعية الراهنة للنظام السوري تمنع لبنان من ان يكون بين quot;اصدقاء الشعب السوريquot;. وقد يضطر لاحقاً لمراجعة علاقته ببعض هؤلاء quot;الاصدقاءquot; الذين هجروا جميعاً سفاراتهم في دمشق لكنهم لا يزالون في بيروت.
التعليقات