لندن

مصر تعيش عيدا ديمقراطيا غير مسبوق حيث تقفل مساء اليوم صناديق الاقتراع لاختيار رئيس من بين 13 مرشحا، لقيادة دفة البلاد في انتخابات غير معروفة نتائجها مسبقا مثلما كان عليه الحال في جميع الانتخابات السابقة.
المجلس العسكري الحاكم الذي يشرف على هذه الانتخابات اكد انها ستكون نزيهة، وربما يكون مصيبا في ذلك بالقياس الى تجربة الانتخابات البرلمانية، ولكن هذا لا يمنع وجود من يشكك في هذه النزاهة خاصة في صفوف من لم يساعدهم الحظ في الفوز.
من المستبعد ان يفوز مرشح بهذا المنصب الاهم في المنطقة العربية باسرها في الجولة الاولى، وهذا يعني احتمال وصول مرشحين اي الاول والثاني الى المرحلة الثانية والنهائية.
هناك ثلاث كتل رئيسية تتنافس في هذه الانتخابات وتحشد انصارها لوصول مرشحها او مرشحيها الى مقعد الرئاسة يمكن اختصارها على الشكل التالي:
' التكتل الاول: هو تكتل الدولة، او المجلس الاعلى للقوات المسلحة على وجه الخصوص، يتمثل في مرشحين اساسيين: هما السيد عمرو موسى الامين العام السابق للجامعة العربية ووزير الخارجية في عهد الرئيس مبارك، واللواء احمد شفيق آخر رئيس وزراء في النظام السابق، وصديق رئيسه مبارك وزميله في سلاح الطيران.
' التكتل الثاني: هو تكتل الاسلاميين ويضم الاخوان المسلمين والتيار السلفي، ويتمثل في كل من السادة محمد مرسي زعيم حزب الحرية والتنمية (اخوان) وعبد المنعم ابو الفتوح الناشط الاخواني المبعد، والدكتور محمد العوا الاسلامي المستقل.
' التكتل الثالث: يمثل التيار اليساري والقوميين والليبراليين، ويمثله عدة مرشحين ابرزهم حامدين صباحي زعيم حزب الكرامة الناصري.
اللافت ان الضغوط التي مورست لتنازل مرشح اسلامي لآخر لتوحيد جبهة الاسلاميين في الانتخابات قد فشلت في اقناع اي من المرشحين الثلاثة، اي ابو الفتوح ومرسي والعوا، والشيء نفسه يقال عن ضغوط مماثلة لتوحيد تيار الدولة خلف مرشح واحد، اي عمرو موسى او احمد شفيق، وهذا قد يؤدي الى تفتيت الاصوات، مما يعني احتمال حدوث مفاجآت غير متوقعة، الامر الذي يعطي نكهة خاصة لهذه الانتخابات، ويجعلها اكثر اثارة وترقبا.
اذا التزم انصار حزب الاخوان بتعليمات قيادتهم بالتصويت الى السيد محمد مرسي وقاطعوا التصويت لغريمه وزميله السابق في الحزب ابو الفتوح فان هذا يعني وصوله الى الدور الثاني بكل راحة، اما اذا لم يحصل هذا الالتزام، وهو ما نشك فيه، فان فرص ابو الفتوح ستكون جيدة خاصة انه مدعوم من قبل قطاع كبير من التيار السلفي وبعض الليبراليين والقوميين.
السيد عمرو موسى هو المرشح المفضل دون ادنى شك من قبل المجلس العسكري وانصار النظام السابق ونسبة كبيرة من الاقباط والليبراليين بسبب رفض هذا التكتل وصول الاسلاميين الى سدة الرئاسة واحتكارهم بالتالي للمناصب الرئيسية وهي رئاسة البرلمان ورئاسة مجلس الشورى ورئاسة الجمهورية بالتالي.
ويجادل الاخوان المسلمون محقين بان زملاءهم في تركيا فازوا في الانتخابات وكل هذه المناصب، فلماذا الاعتراض طالما ان صناديق الاقتراع هي الحكم مثلما هو الحال في جميع الديمقراطيات في العالم. ولكن معارضيهم يردون عليهم بالقول ان حزب العدالة والتنمية التركي وصل الى جميع هذه المناصب مستندا الى انجازات اقتصادية ضخمة ومن خلال عملية انتخابية تدريجية، اي ليس من المرة الاولى وبعد اقتناع راسخ من قبل الناخبين بضرورة استمراره في الحكم بعد تجريبه.
استطلاعات الرأي التي اجرتها بعض الصحف المصرية مثل الاهرام (المجلس العسكري) والمصري اليوم (القطاع الخاص) عكست اهواء الجهة التابعة لها، ولهذا تقدم السيد موسى في معظمها على خصومه، ولكن تفوق السيد ابو الفتوح واحتلاله المركز الاول في انتخابات المصريين في الخارج عكس نتائج تتمتع بالمصداقية وتعكس المزاج العام لقطاع عريض من الشعب المصري.
ما نتمناه هو ان تجري هذه الانتخابات في اجواء من النزاهة والالتزام الكامل بالقانون والاجراءات الامنية بالتالي على غرار ما حدث في الانتخابات البرلمانية، وما نتمناه اكثر ان يحترم الجميع، الشعب والمجلس العسكري الحاكم معا، ما ستسفر عنه العملية الانتخابية هذه من نتائج حتى تبدأ مصر مسيرتها المأمولة نحو الاستقرار والتنمية والعدالة الاجتماعية.