سليمان الخضاري

أقولها قولا واحدا، الإمارة الدستورية بما يشمله ذلك من تشريع للأحزاب وحكومة منتخبة، هي التعبير الحقيقي لأي نظام دستوري ناضج، وهو ما سيصل إليه الوضع في الكويت عاجلا أو آجلا، خصوصا إذا ما أخذنا في عين الاعتبار الضعف المفجع الذي تعاني منه الحكومة في ما يخص قدراتها على انتشالنا من الأوضاع السياسية الحالية، أو حتى على مستوى الإدارة العامة لمؤسسات الدولة التي وصلت حدا مريرا من التهلهل والفساد وضعف الانتاج على جميع المستويات تقريبا!
إذاً.. أين المشكلة؟
المشكلة هي وبمنتهى الصراحة في الشعب نفسه وفي قواه الفاعلة سياسيا واجتماعيا، فكلنا تقريبا نقر بمشاكل الحكومة، لذا فلنحاول تحييدها ومشاكلها بعض الوقت ونتساءل، هل نقدم كشعب وقوى فاعلة ما يدل على نضج كاف للمطالبة بالصعود بنظامنا السياسي إلى مستوى أعلى مما هو موجود حاليا؟
أشك في ذلك، ففي ظل واقع يشهد فيه المجتمع انقسامات حادة أفقيا وعموديا، بما يشمله ذلك من توتر طائفي شديد، واجتماعي أشد متمثل بثنائية بدو/حضر، والذي يتمظهر في انعكاسات لا ينكرها إلا مكابر على تجيير مؤسسات الدولة لمصلحة الطائفة والقبيلة والفئة الاجتماعية، ناهيك عن ثقافة الاستهلاك والمتمثلة في مطالب تتعلق بـ laquo;الصرفraquo; على المواطنين وتوزيع الهبات عليهم من فوائض نفطية وتقاعدات مبكرة وغيرها.
حالة الاستقطاب هذه لا توفر البيئة اللازمة للحديث، ناهيك عن الفعل، عن تطور سياسي جدي، خصوصا إن التفتنا إلى أن الكثير ممن يطالب بنقل نظامنا السياسي الحالي إلى نظام برلماني كامل، يقوم بالمطالبة تلك بمعزل عن التوجه الدستوري والخاص بأن يكون أي تعديل في اتجاه يخدم المزيد من الحريات، فالقوى الاسلامية والاجتماعية المتطرفة التي تقود الحراك السياسي الحالي أو هي في واجهته ومقدمته هي أشد القوى غلوا في معاداة الحريات الاجتماعية والثقافية، ومسؤولة بشكل كبير عن تنامي خطاب الكراهية والتخوين، أما الأخطر حقيقة وبكل صراحة فهو خطابها الملتبس والموجه لأسرة الحكم ورموزها، والذي يرى فيه البعض محاولة واضحة للتشكيك في مكانتها، وحرصها على وطنها وشعبها!
إننا نؤكد على نقدنا للسلطة، وتحميلها للجزء الأكبر مما وصل له الوضع حاليا، لكننا نؤكد على أن نقدنا متعلق بمنهجية تفكير الحكومة وفعلها السياسي وخياراتها السيئة وضيقة الأفق والمتأثرة بمنطلقات عشائرية ورعوية لا تفرق بين السياسي والاجتماعي، وهو الأمر المتأثر بالبيئة السياسية والاجتماعية الموجودة في منطقة الخليج. وأسرة الحكم عندنا، الأكثر قربا من شعبها والأكثر تطورا من الناحية السياسية، لذلك لا نقبل حقيقة أن يجنح الخطاب السياسي للتشكيك في أسرة الحكم أو في حبها لشعبها ووطنها، وأن يقتصر النقد على الخيارات السياسية للحكومة وأفعالها، بمعنى انتقدوا كما شئتم، لكن دون خوض في النوايا ومحاولة زرع الفتنة.
سيقول البعض، وأين كل ذلك التشكيك والتعرض للأسرة، وأقولها بكل صراحة، هو موجود في خطابات بعض السياسيين، وموجود أكثر لدى الكثيرين من جمهورهم، ونظرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بل وحضور لأي ندوة أو تظاهرة للغالبية والإنصات لما يقوله الجمهور وإقرار السياسيين به سيثبت للجميع ذلك.. إلا المتعنتين!