لندن
بعد ثماني سنوات من استشهاد الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في ظروف غامضة وبعد حصار اسرائيلي خانق تتوالى النظريات والتكهنات حول كيفية استشهاده والاطراف المتورطة فيها.
قناة 'الجزيرة' القطرية بثت امس شريطا وثائقيا اكد ان الرئيس عرفات مات مسموما بمادة مشعة بحسب نتائج تحليل اجراها مختبر سويسري بعد تحقيق استمر تسعة اشهر تركز على عينات بيولوجية أخذت من الاغراض الشخصية له، سلمها المستشفى العسكري الفرنسي في بيرسي جنوب باريس الى ارملته السيدة سهى عرفات.
الكشف مهم في حد ذاته ولكن ما جاء ناقصا هو تحديد واضح وصريح ليس فقط للجهة التي اقدمت على عملية التسميم هذه اولا، وكيفية تنفيذ هذه الجريمة ثانيا والاطراف الفلسطينية المتورطة فيها ثالثا.
السلطة الفلسطينية لم تجر اي تحقيق جدي لمعرفة تفاصيل هذه الجريمة الارهابية، كما انها لم تتهم اسرائيل رسميا بتنفيذها، واكتفت بالتهرب من هذه القضية ربما خوفا من اغضاب السلطات الاسرائيلية واجهزتها الامنية التي تتولى عمليات التنسيق الامني مع نظيراتها في السلطة الفلسطينية.
التصريح الوحيد الذي صدر عن السلطة جاء على لسان الدكتور نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة 'فتح' قبل ثماني سنوات قال فيه ان السلطات الفرنسية جربت اكثر من 300 نوع من السموم معروفة لديها لم يكن اي منها قد استخدم في عملية اغتيال الرئيس الراحل.
الدكتور محسن عرفات شقيق الزعيم الراحل كشف لهذه الصحيفة وفي اتصال هاتفي من مقره في مدينة ابوظبي حيث كان يعمل انه لا يستبعد ان تكون عملية الاغتيال تمت بمادة اشعاعية، وقال قد تكون هذه العملية تمت من خلال المصافحة، او باطلاق الاشعة عن بعد.
الرئيس عرفات كان يستقبل يوميا في مقره في المقاطعة حيث كان محاصرا العديد من الوفود العربية والاجنبية التي كانت تريد اظهار التضامن معه، ومن غير المستبعد ان يكون احدهم او احداهن قد صافحه بيد ملوثة بالسم جرى بعدها علاجه بطريقة سريعة بمصل مضاد تماما مثلما جرى مع السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي حقن بمادة مسمومة على يد خلية تابعة لجهاز 'الموساد' الاسرائيلي، ولم تكتب له الحياة الا بعد تهديد العاهل الاردني الراحل الملك حسين بالغاء معاهدة وادي عربة اذا لم يقدم الاسرائيليون المصل المضاد للسم وهذا ما حصل.
الرئيس عرفات استشهد لانه رفض التنازل عن القدس المحتلة وحق العودة، وكان خلف تفجير الانتفاضة الثانية التي هزت اسرائيل وبثت الرعب في نفوس مستوطنيها، ولو كان جبانا يتهرب من المواجهة لربما بقي حتى هذه اللحظة على قيد الحياة ويحظى باستقبال حافل في العواصم الغربية.
مسألة كشف كل التفاصيل حول اغتيال الرئيس عرفات تظل واجبا وطنيا فلسطينيا ومن صميم النضال الفلسطيني، وخدمة للحقيقة والتاريخ، تاريخ هذا الرجل الذي ضحى بحياته من اجل قضية شعبه وامته.
السلطة الفلسطينية، ورفاق الشهيد عرفات على وجه الخصوص يتحملون المسؤولية الاكبر في هذا المضمار وفاء للرجل الذي لولاه لما كانوا في مواقعهم الحالية. الحقيقة يجب ان تظهر وفاء لهذا الشهيد وتضحياته ومسيرته النضالية المشرفة.
- آخر تحديث :
التعليقات