عبد المحسن سلامة
ظاهريا كان المشهد العام متماسكاrlm;,rlm; لكن فعليا كان هناك صراع مكتوم علي السلطة بين الرئيس المنتخب محمد مرسي والمجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي تحمل المسئولية اعتبارا من11 فبراير1102 بعد تنحي الرئيس السابق ونقل سلطاته إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة.
وقتها لم يكن المجلس الأعلي راغبا في السلطة, خاصة في ظل رفض شعبي عام للحكم العسكري برغم التقدير الذي يكنه الشعب المصري دائما أبدا للجيش ورموزه وقياداته لدورهم التاريخي في حماية التراب المصري ومكتسبات الشعب وحقوقه, ورفض الجيش توجيه طلقاته إلي صدور أبناء الشعب المصري, إلا أن هناك أطرافا حاولت اللعب علي وتر تأليه المجلس الأعلي للقوات المسلحة وتحويله إلي حاكم فعلي للبلاد, برغم أنهم كانوا يرفضون ذلك في البداية, واختلطت الأوراق, وأصبح هناك أكثر من فريق.. الأول يطالب بإنهاء حكم العسكر قبل موعد تسليم السلطة, والثاني يطالب باستمراره لفترة أطول مما هو مقرر, وبينهما فريق معتدل يسعي لتمرير المرحلة الانتقالية بأقل قدر من الخسائر ومتمسك بالأجندة المعلنة والمقررة والمتفق عليها بين القوي السياسية والمجلس الأعلي للقوات المسلحة.
دارت عجلة الديمقراطية لتبدأ الانتخابات البرلمانية ويظهر إلي الوجود مجلس الشعب وبعده الشوري, غير أن حكم المحكمة الدستورية ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب وحل المجلس أربك المشهد السياسي, وأعاد الكرة إلي المربع رقم واحد من جديد, ثم جاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليصدر إعلانا دستوريا مكملا أثار الكثير من الجدل واللغط بخصوص توقيت صدور الإعلان والهدف من صدوره, ثم جاءت نتيجة الانتخابات بالدكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية, ووجد نفسه في وضع يكاد يشبه وضع الرئيس أنور السادات بعد رحيل الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر, وما كان من السادات إلا أن قام بما عرف وقتها بثورة التصحيح في51 مايو ليطيح بكل العناصر المناوئة له ويتسلم السلطة فعليا بعدها, وقد ثار جدل شديد وقتها حول قدرة السادات علي القيام بأعباء الحكم ومسئولياته, إلا أن السادات استطاع تحقيق إنجازات لا يستطيع أحد إنكارها في السلم والحرب, ويكفيه شرف انتصار حرب أكتوبر, تلك الحرب الوحيدة التي انتصر فيها العرب علي العدو الإسرائيلي.
الآن لم يعد هناك جناحا سلطة في مصر, وأصبح هناك جناح واحد فقط يتحمل مسئولية السلطة كاملة بمزاياها وسلبياتها, وهذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه الرئيس مرسي الآن, فقد آن وقت العمل والإنتاج وتحقيق مبادئ الديمقراطية الحقيقية, لأن التاريخ لا يرحم, ولا نريد تكرار أخطاء سابقة, كما أن وقوع الأخطاء في النظام السابق لا يبرر علي الإطلاق تكرار تلك الأخطاء بدعوي أن ذلك كان يحدث في الماضي.. فلماذا نستنكر حدوثه حاليا؟!
الإجابة ببساطة أن الثورة قامت لتصحيح الأخطاء وإزالة الظلم والفساد وإقامة دولة ديمقراطية حقيقية تحترم الحريات وتفتح الأبواب أمام كل الأطياف, ويتم فيها التداول السلمي للسلطة بشكل حقيقي وكامل, ويكون فيها الصندوق هو الفيصل والحكم.
يجب أن يكون يوم الأحد الماضي, الذي صدرت فيه قرارات دمج السلطة وتوحيدها بداية مرحلة جديدة لنظام حكم يتسع للجميع, بعيدا عن سياسة الهيمنة والاستحواذ والإقصاء والتهميش, فكلها أساليب بالية يمكن أن تنجح, لكن نجاحها مؤقت ومحدود المدة, وبعدها تسقط سقوطا مدويا وذريعا.
علي الجانب الآخر, فإن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يستحق التحية والتكريم, برغم كل الأخطاء التي وقع فيها, ولولا ما قام به من جهد للحفاظ علي الدولة المصرية من السقوط, لسالت الدماء أنهارا في مصر, ومن هنا جاء قرار الرئيس مرسي بمنح طنطاوي قلادة النيل, ومنح عنان قلادة الجمهورية تقديرا لجهودهما, واعترافا بما قاما به خلال الفترة الماضية.
تبقي ملاحظة مهمة وهي تخص المستشار محمود مكي, نائب رئيس الجمهورية شقيق المستشار أحمد مكي وزير العدل, وأعتقد أنه بتعيين المستشار محمود مكي لابد من إقالة وزير العدل حتي لا نعود إلي عصر الأسر والتوريث والتكويش في الحكم, فهناك الكثير من الكفاءات المتميزة في مختلف المجالات, وبرغم حبي وتقديري لوزير العدل المحترم أحمد مكي, فإنني أتمني لو تم إجراء تعديل وزاري محدود وتعيين وزير جديد بدلا منه بعد اختيار شقيقه نائبا لرئيس الجمهورية.
التعليقات