علي سعد الموسى


يؤحذ في الغالب على المفكر الديني، أياً كان المذهب أو الديانة، أنه دائماً ما يحسب مساحة لردة فعل التلاميذ والأتباع

يؤحذ في الغالب على المفكر الديني، أياً كان المذهب أو الديانة، أنه دائماً ما يحسب مساحة لردة فعل التلاميذ والأتباع، ولهذا تأتي مواقفه حول القضايا العامة مسكونة بهواجس (ترمومتر) الانتشار والشعبوية. وللحق، فقد كان بيان علماء القطيف الأخير ـ مع تحفظي على المصطلح، فهم علماء مذهب وأبناء وطن ـ واضح الأسطر وناصع الكلمات حول إدانة العنف ونبذ الفرقة والتأكيد على حقوق الجميع مثلما كان وافياً وهو يقول ما سأرفعه فوق الرأس بالحرف: (إننا نعيش في دولة ذات طوائف متعددة منذ مئات السنين وننعم في أمن وأمان، أرسى دعائمها قادة هذه البلاد، ولا مساومة أو مزايدة على حفظ هذا التاريخ الذي حمله الأجداد والآباء ويواصله الأبناء في مؤسسات المجتمع والدولة على امتداد بلادنا الغالية، وأن خيارنا الوطني الذي نصر عليه هو احترام هذا النسيج وعدم المساس بالثوابت الوطنية). ومثلما قال القاص القطيفي الجميل الأخ فاضل عمران في تعليقه على البيان: نحن لسنا أبناء القرون الفائتة، بل أبناء هذا الوطن وعلينا أن نبنيه بمسؤولية، فنحن لا نريد لأحفادنا أن يحاكمونا أننا لم نصل بهم إلى بر الأمان. ولعله من المكاشفة والصراحة التي يتطلبها الموقف أن نقول للإخوة الفضلاء إن المسؤولية الحقة هي أن يذهبوا إلى ما بعد البيان وأن يترجموا جمله وكلماته إلى واقع، وأن يكونوا العقلاء الذين يقولون لمن حولهم إن المجتمع الوطني الشامل لن يقبل الفئام الحركي ما دام مبنياً على تخندق مذهبي.
الأغلبية الساحقة لن ترضى بأن يظل أمنها رهناً لأقلية شاردة من أقلية الأقلية. سنقولها بكل وضوح إن ما يحدث من قلة في القطيف لا يمثلونكم ولا يمثلوننا مثلما سنقول بصوت واضح إنها لن تكون مطالب إصلاح أو سعيا إلى حقوق. هي دعوة صريحة إلى فتنة، وإلا لماذا كانوا هم وحدهم في ميدانها البغيض من بين سكان ألف مدينة سعودية؟ وفي المقابل نحن نشد على مطلبكم بتجريم وتحريم القذف الطائفي والانتقاص المذهبي، ونحن في غماره ضحايا المتطرفين من الطرفين، ولو كان لي فقرة تضاف إلى بيانكم الموقر لكتبت فيها بالحرف دعوة للمسؤولين إلى قانون صريح نوقع عليه جميعاً في حوار شامل يلجم أصوات القذف والتجريح والانتقاص في مستند يوضح الجريمة وحجمها وعقوبتها دون التباس أو مداراة أو تمييز.