بيروت


مرة جديدة تستدعي الأزمة السورية إطلالة إعلامية لامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ليدافع عن نظام بشار الأسد ويوجه رسائل سورية وإيرانية تقترح تسويات معينة في المنطقة على عكس ما بدا من الطابع الحربي لحديثه, خلال مقابلة تلفزيونية ليل اول من امس.
ورأى خبير في الشؤون الستراتيجية أن ما ميز المقابلة أنها تمحورت كلها على الوضع السوري وإن كان نصر الله قد حاول تغليف ذلك بالحديث عن القضية الفلسطينية أو الموضوع السني - الشيعي في المنطقة أو حتى الأزمة اللبنانية. وقد تجلى هذا الارتباط بعدد من النقاط والتي حمل بعضها جديداً لافتاً:
أولاً: لم يكن ذكر نصر الله للسلاح الكيماوي من قبيل الصدفة, فقد قصد منه المشاركة في المواقف الدولية والإقليمية التي تناولت الأمر عندما تحدث عن أسلحة الأسد الكيماوية وإمكان استخدامها. وقد مرر نصر الله رسالة سورية إلى الدول المعنية بأن هذا السلاح لم ينتقل إلى لبنان ولا نية لدمشق لتسليمه إلى quot;حزب اللهquot;, الذي يعتبر, وفقاً لما قاله نصر الله, استخدام الكيماوي حرام شرعاً, ما فُسِّر بأنه رسالة طمأنة إلى الآخرين, ففي الوقت الذي يهدد نصر الله بالويل والثبور في أي حرب مقبلة, يمتنع عن التهويل بأخطر الأسلحة التي يمكن أن تقع بين يديه.
ثانياً: إن رفع مستوى التهديد العسكري من قبل نصر الله هو استمرار لما بدأه منذ أشهر, ولكن كلامه هذه المرة حمل في طياته عرضاً سورياً لإسرائيل بأن قواعد اللعبة لن تتغير, وسيظل توازن الرعب قائماً طالما بقي الأسد في الحكم, أما إذا سقط فإن أحداً لا يضمن استمرار قواعد الحرب والاشتباك على حالها.
ثالثاً: عكس نصر الله موقفاً إيرانياً واثقاً بأن إسرائيل لن تستهدف المنشآت النووية الإيرانية لأنها لا تملك الضوء الأخضر الأميركي. وفي قراءته لذلك يرى quot;حزب اللهquot; أن ثمة فرصة جدية لإنقاذ نظام الأسد من السقوط إذا ما استمرت الولايات المتحدة في لجم إسرائيل, وفي المقابل يمكن التوصل إلى تسوية في المنطقة تحافظ على محور طهران - دمشق.
رابعاً: لم يقم نصر الله أي وزن لمئات آلاف ضحايا الأسد من قتلى وجرحى ومفقودين ومشردين, واعتبر أن بالإمكان إيجاد تسوية مماثلة لما جرى في لبنان بعد حرب أهلية دامية. واللافت في هذا الموقف أنه يعترف بأن المعارضة السورية باتت نداً مساوياً للنظام, وينبغي عليهما الجلوس معاً لإيجاد حل سياسي.
خامساً: لقد مر نصر الله سريعاً على الوضع اللبناني, ولم يتناوله إلا من زاوية الحدث السوري ومدى انعكاسه على وضع الحكومة. وهذا ما يثبت مرة أخرى نظرة محور دمشق - طهران إلى لبنان كساحة لتصفية الحسابات وكصندوق بريد لتبادل الرسائل الإقليمية.