القاهرة - أحمد مصطفى

أشعل عرض فيلم أنتجه ناشطون أقباط مقيمون في الخارج لمناسبة ذكرى هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) وأطلقوا عليه اسم laquo;اليوم العالمي لمحاكمة الرسولraquo;، غضباً عارماً في الأوساط الإسلامية في مصر وتبرأت الكنائس المصرية منه واعتبرته laquo;تطرفاًraquo; يهدد العلاقات المجتمعية.

وأثار عرض الفيلم مخاوف من أن يشعل أحداثاً طائفية بين مسلمين وأقباط في مصر. وانتهز إسلاميون عرض الفيلم لتمرير صياغات متشددة في مواد الدستور، فشدد الناطق باسم حزب laquo;النورraquo; السلفي نادر بكار على التمسك بوضع مواد تجرم التعدي على الذات الإلهية والرسل والصحابة، وهي المادة التي يتخوف كثيرون من استخدامها لتقويض حرية الرأي والإبداع.

وأحال النائب العام عبدالمجيد محمود على نيابة استئناف القاهرة بلاغاً يتهم كلاً من نبيل موريس وعصمت زقلمة وجاك عطا الله ونبيل بسادة وإيهاب يعقوب وناهد متولى وإيليا باسيلي وعادل رياض، وهم فريق إنتاج الفيلم وجميعهم من ناشطي أقباط المهجر المنضوين في ما يعرف باسم laquo;الدولة القبطيةraquo;، بـ laquo;الخيانة العظمى والسعي إلى تقسيم مصرraquo;.

ودانت الكنائس المصرية إنتاج الفيلم. وقال القائم بأعمال بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأنبا باخوميوس في بيان: laquo;علمت الكنيسة أن بعض المصريين في الخارج ودول المهجر يعملون على نشر الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، بالإساءة إلى الإسلام ونبيه الكريم، والكنيسة تعلن رفضها بوضوح وبشدة، وتدين الإساءة إلى الإسلام، وتؤكد أنها تحترم الإسلام والمسلمين شركاء الوطن والإنسانية، وترفض المساس بمشاعرهم وعقائدهم ورموزهم الدينيةraquo;. وأضاف: laquo;لهذا تعلن الكنيسة تبرؤها من أفعال كل من يقدم تلك الأعمال التي تنطوي على ازدراء الأديان، وهي جريمة يعاقب عليها القانون وتتعارض مع الخلق المصري الأصيل وتقاليد المسيحيةraquo;.

ودان وزير الأوقاف طلعت عفيفي laquo;إصرار بعض غلاة أقباط المهجر على عرض الفيلم المسيء إلى الرسول الكريم، والدعوة إلى ما يسمى اليوم العالمي لمحاكمة الرسولraquo;. وأكد أن laquo;الإسلام يحترم حرية التعبير ولا يصادر رأياً، لكنه في الوقت نفسه يرفض الحرية المنفلتة التي تتجرأ على الثوابت والمعتقدات الدينيةraquo;. ورأى أن laquo;الحرية لا تعني عدم احترام مشاعر ملايين المسلمين في أنحاء العالم كافة الذين يجري الدين في عروقهم ولا يمكن أن يقبلوا الإساءة إلى رسولهمraquo;، محذراً من laquo;خطورة مثل هذه التصرفات غير المسؤولة التي تزيد من حدة التوتر وتغذي نار الكراهية وتستفز المسلمين بما قد يؤدي إلى ردود أفعال ليست في مصلحة الاستقرار والسلام الدوليين والعالم كله في غنى عنهاraquo;.

من جانبه، أكد مفتي مصر علي جمعة رفضه الشديد laquo;لما أقدم عليه مجموعة من متطرفي أقباط المهجرraquo; ببث الفيلم، واصفاً تلك الفعلة بأنها laquo;تمس مشاعر ملايين المسلمين في العالم، كونها تحاول النيل من أقدس رمز بشري لديهمraquo;. وشدد على أنه laquo;لا يمكن التغاضي عن هذه الإساءة تحت بند حرية الرأي لأن أقباط المهجر تعمدوا بذلك إهانة المقدسات الإسلامية مما يعد اعتداء على حقوق الإنسان بالاعتداء على مقدساتهraquo;.

ووصفت laquo;حركة 6 أبريلraquo; الفيلم بـ laquo;الحقيرraquo;، معربة عن laquo;غضبها وأسفها الكامل لإنتاج أقباط المهجر لمثل هذه الأفلامraquo;. وأكدت في بيان أن laquo;هؤلاء الشراذم الذين أنتجوا الفيلم لا يمثلون إلا أنفسهم ولا يمتون إلى أقباط مصر بصلة، وفعلهم مستهجن وملعون من أقباط مصر قبل مسلميهاraquo;. وطالبت بإسقاط الجنسية عن laquo;موريس صادق الذي نصَّب نفسه رئيساَ لجمهورية الأقباط ولا يدخر جهداً أو مالاً هو ومن على شاكلته لإدخال مصر في أزمات طائفية في ذلك الوقت الحساسraquo;.

وسعت السفارة الأميركية في القاهرة إلى التخفيف من حدة التوتر، خصوصاً أن الفيلم أنتج بالتعاون مع القس الأميركي تيري جونز الذي كان دعا إلى يوم عالمي لحرق القرآن. ودانت السفارة في بيان استمرار laquo;محاولات بعض الأفراد المضَللين لإيذاء مشاعر المسلمين الدينيةraquo;، كما نددت بـ laquo;محاولات الإساءة إلى المؤمنين من جميع الأديانraquo;. وأكدت أن laquo;احترام المعتقدات الدينية هو حجر الزاوية للديموقراطية الأميركية، ونرفض في شدة أفعال من يسيئون استخدام الحق العالمي لحرية التعبير للإساءة إلى المعتقدات الدينية للآخرينraquo;.

ودانت الجامعة العربية الفيلم، واصفة إياه بـ laquo;العمل المشين والاستفزازي والإجراميraquo;. وتعهدت على لسان نائب الأمين العام للجامعة أحمد بن حلي laquo;متابعة أولئك الذين يقومون بهذه التصرفاتraquo;. وقال بن حلي في تصريحات صحافية أمس: laquo;الجامعة العربية تدين وترى أن احترام المقدسات والرموز الدينية مبدأ أساسي أقرته الأمم المتحدة. وهناك قرار في الأمم المتحدة يدين أي أعمال تمس المقدسات أو تمس الرموز الدينيةraquo;.