القاهرة

امتلأت الصحف المصرية السبت والأحد، بخطبة الشيخ محمد العريفي يوم الجمعة في مسجد عمرو بن العاص. أيضاً أشارت الصحف الى استمرار ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه رغم المنحة والوديعة القطرية. وافتتح رئيس الوزراء المرحلة الثانية من توسعات محطة المياه الجديدة في المعادي والتي بدأ العمل فيها، وانتهى أيام النظام السابق، وصرح بأن الصكوك الإسلامية لن تمتد الى قناة السويس ومرافق الدولة، أي ان الحكومة وجماعة الإخوان مصممة عليها، وهي ستمتد بالتالي الى مصانع ومؤسسات الدولة الأخرى والقطاع العام، أي انهم مصممون على البيع كما كان يخطط جمال مبارك ومجموعته، وأصدرت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة عدة أحكام متتالية الأول وقف بث برنامج في ميزان القرآن الذي يقدمه على قناة الحافظ الدينية الدكتور عاطف عبدالرشيد لمدة ثلاثين يوما ومنع ظهور عاطف في القناة نفس المدة - أحسن - بسبب الألفاظ والتهجمات البذيئة من الدعاة إلى الإسلام، ومنع ظهور عبدالله بدر في القناة مدة مساوية - وحكم آخر بحق قناة دريم من البث من استديوهاتها، وحكم آخر برفض دعوى تطالب بمنع البرنامج الذي يقدمه الإعلامي باسم يوسف الساعة الحادثة عشرة كل يوم جمعة على قناة سي بي سي بتوقيت القاهرة لأنه يهاجم الرئيس، كما تقدمت جبهة الانقاذ بقائمة بأحد عشر مطلبا للقبول بها قبل بدء الحوار مع الرئاسة.
وإلى شيء من أشياء كثيرة عندنا:

ماذا قال العريفي يوم الجمعة
بمسجد عمرو بن العاص؟

ونبدأ بخطبة الشيخ محمد العريفي يوم الجمعة في مسجد عمرو بن العاص ومعظمها كان تكرارا لخطبته الشهيرة التي تم تقديمه بها الى المصريين، وان كانت قد شهدت، إضافات ملفتة، الأولى انه - للأسف الشديد - قام بتقليد المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع بأن نسب الى نفسه قصيدة مصر تتحدث عن نفسها للشاعر المصري حافظ إبراهيم والتي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم، بأن قرأها كلها على المصريين، دون أن يشير الى صاحبها هو شاعرهم العظيم ومطربتهم العظيمة التي هيمنت على مشاعر العرب جميعاً، بينما كان حريصاً على أن يذكر اسماء الكثيرين ممن تحدثوا عن مصر، وعن مصريين قدموا أعمالا جليلة للعالم العربي والإسلامي، بحيث انصرفت الأذهان الى انه صاحب القصيدة، وهذا للمرة الثانية عمل مؤسف، ويبدو أنه أراد منافسة محمد بديع الذي أشار الى ابيات من القصيدة دون ذكر اسم صاحبها، ثم حور في عنوانها ليكون عنوان مقاله التالي 'شعب مصر يتحدث عن نفسه'، وهذه هي الملاحظة الأولى.
والثانية، انه كان اكثر وضوحا، في التعبير عن اتجاه لطمس الدور الذي سبقه إليه الشيخ القرضاوي في خطبته بالجامع الأزهر بأن ركز على دعوة التجار العرب خاصة الخليجيين للاستثمار في مصر بدلا من وضع أموالهم في بنوك الأجانب، ولكنه لم يفعل، كما فعل الشيخ القرضاوي عندما أشار في قطر إلى أن ما يحدث من اضطراب سياسي في مصر يحرمها من الاستثمارات.
كما ركز العريفي على ضرورة توحد آراء مصر والسعودية، ومثلما دعا القرضاوي في خطبته بالأزهر لمساندة الشعب السوري، ومهاجمة النظامه، فقد قام العريفي بالدعاء على بشار ونظامه والحاضرون يكررون وراءه الدعاء، ومثلما دعا القرضاوي المصريين الى التوحد فقد فعلها العريفي، وان كان القرضاوي قد طالب الرئيس والإخوان بالاعتذار عما ارتكبوه من أخطاء، وهو ما لم يفعله العريفي، أي اننا اصبحنا امام أول ملمح سياسي في كلامه ولا نعرف ان كان كلامه جاء في سياق حبه لمصر بأن دعا ابناءها الى عدم الفرقة، أما انها مقدمة لاستغلال شعبيته في الإكثار من الحديث في أمور السياسة، ولأي اتجاه سوف يميل، كما مال القرضاوي للإخوان، وحزب الوسط، وان حدث، فسيكون تدخلا غير مقبول منه أو من غيره، رغم التقدير لحسن النوايا والمحبة نحونا، ذلك انه اصبحت من أكبر مشاكلنا استغلال الإخوان والسلفيين ودعاتهم للدين لتحقيق مطامعهم الدنيوية، ولا نحتاج الى غيرهم من اشقائنا العرب ليزيدوا من ثقل هذه المصيبة.

تزامن مع زيارة العريفي
مع زيارة وزير خارجية إيران

والملاحظة الثالثة ان العريفي جاء في وقت متزامن مع زيارة وزير خارجية إيران علي صلحي لمصر وإجرائه محادثات مع الرئيس ومقابلاته مع شيخ الأزهر والبابا تاوضروس، ومع مؤتمر آخر تبناه يومي الخميس والجمعة، حزب البناء والتنمية وهو الذراع السياسي للجماعة الإسلامية لمناصرة الشعب الأهوازي، وهم عرب الأهواز في إيران والتي تسمى خوزستان وكان اسمها قبل ضم إيران لها، عربستان، وقد دعا الشيخ العريفي الله لحماية السنة في إيران.
وعلى كل حال، فان الأيام القادمة سوف تكشف ان كانت ظاهرة العريفي مؤقتة أم كانت تدبيرا لإطلاقه في سماء الدعوة في مصر، وأهداف الإطلاق، وهل هو صراع سعودي - قطري، أم سعودي - إيراني، أم محاولة للتبرؤ من تهمة دعم السلفيين بعد أن ساءت سمعتهم وأصبحوا يتخذون مواقف ويعبرون عن آراء ويدعون انهم يقلدون فيها السعودية في وقت يتجه فيه الملك عبدالله للابتعاد عنهم، وآخر خطورته تخصيص عشرين في المائة من مقاعد مجلس الشورى للنساء.

وزير الداخلية يسعى
لتبديد المخاوف بانحيازه للاخوان

ومن أبرز الأخبار الملفتة أيضاً قيام وزير الداخلية الجديد اللواء محمد إبراهيم بزيارات لشيخ الأزهر والمفتي والبابا تاوضروس الثاني، وذلك - في رأيي - محاولة منه لنفي اتهامه بأنه جاء لينفذ سياسات الإخوان في وزارة الداخلية خاصة انه، يتعرض للاتهامات بهذه التهمة من داخل الوزارة ومن ضباط وأمناء شرطة، علنا، ومن صحف المعارضة وأصبح خاضعا في تصرفاته وسياساته لمراقبة الجميع مما سيصيبه بالارتباط - وتعرض الشرطة لمتاعب جديدة، كما ان كثيرا من العاملين في الشرطة يطالبون بالكشف عن اسباب إقالة الوزير السابق اللواء أحمد جمال الدين.

الامتيازات التي قدمها
العريان لليهود للعودة

والى توالي ردود الأفعال ضد صديقنا العزيز ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة، ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب في مجلس الشورى، عصام العريان ومطالبته اليهود المصريين الذين غادروا مصر للعودة إليها واتهامه خالد الذكر بأنه الذي طردهم منها، وكأن الإخوان بعد أن امتلكوا السلطة يريدون تصحيح ما ارتكبه عبدالناصر - آسف جداً - قصدي خلد الذكر، من جرائم، رغم أن أحدا لم يجبر يهودي مصري على الخروج ولم يرتكب ضدهم أعمال عنف، بينما الإخوان وحدهم الذين قاموا بعمليات إرهابية ضدهم وضد شركاتهم.
وعن الامتيازات التي قدمها العريان لليهود للعودة قال الأستاذ بجامعة الإسكندرية الدكتور إبراهيم السايح - يساري - يوم الأربعاء في مقاله اليوم في 'الدستور': 'هذه الامتيازات سوف تغري معظم يهود إسرائيل بالعودة إلى مصر كما ستغري أيضاً يهود إسرائيل الأفارقة والشرقيين بالعودة إلى بلادهم الأصلية والحصول منها على 'تعويضات العريان' التي سوف تتحول الى تعويضات دولية رسمية، وبهذه الطريقة يتصدع المجتمع الإسرائيلي ويتحول كل إخواننا اليهود داخل إسرائيل إلى أشخاص يسيل لعابهم على تعويضات العريان ويطالب كل منهم بالعودة الى الوطن الأصلي!!
وتصبح فلسطين الشقيقة أيضاً خالية من اليهود ويعود أبناؤها إلى حيفا ويافا وتل أبيب وكل المدن العربية الأخرى، ويعود بيت المقدس للأمة الإسلامية وكنيسة القيامة للأمة المسيحية، ثم إن الأخ العريان يشرح خطته على الملأ، ولا بد أن الإخوة اليهود سوف يسمعون هذا الشرح ويعرف كل منهم خطة تدمير إسيرائيل وإخلائها من اليهود والصهاينة وإعادتها للعرب، ولكن العريان يثق ثقة عمياء في غباء اليهود الذين يتحكمون في سياسة واقتصاد العالم كله، هؤلاء هم الإخوان وتلك هي أفكارهم ولا بأس من الاحتفاظ بهم وبأفكارهم على سبيل التسالي بعد الارتفاع الكبير في أسعار اللب والسوداني والحشيش والترامادول وحبوب الهلوسة!!'.
وهذه هي المرة الأولى التي أعرف فيها بارتفاع أسعار اللب، لأني أحب قزقزة اللب الابيض اعتقادا بفوائده في خفض ضغط الدم، ومستوى السكر.

'الوفد' تعطي عصام العريان
لقب أدون الإسرائيلي

وفي اليوم التالي الخميس خصصت 'الوفد' في عددها الاسبوعي عدة موضوعات عن دعوة العريان، منها مقال لزميلنا محمد مهاود، قال فيه: 'يبدو أن استقالة 'أدون عريان' من الهيئة الاستشارية للرئيس 'العياط' لم تكن إلا مشهداً من مسرحية هزلية من إخراج مؤسسة الرئاسة وأداء الكومبارس 'أدون عريان' للتغطية على فضيحة خيانة الوطن، 'أدون عريان' تناسى أن اليهود خرجوا بإرادتهم من مصر إبان الحرب العالمية الثانية وتحديداً قبل 941 خشية دخول الجيش الألماني إلى القاهرة بعد أن احتل الصحراء الغربية بقيادة الجنرال روميل ثم المجموعة الأخرى التي باعت ممتلكاتها عام 1956 بناء على طلبات تقدموا بها بعد أن أصابهم الفزع من العدوان الثلاثي على مصر، أسمعو إذا أردت أن تسمع - إن زيارتك لواشنطن خاصة وبعد أن تردد أنك عقدت اجتماعاً سرياً مع أحد العناصر اليهودية هناك، وقد جاءت تصريحاتك - التي لا يحاسبك المولى عز وجل عليها - لأن القلم رفع عنك، لتؤكد هذا اللقاء، فهي لطمة عار على جبينك تلاحقك وتلاحق أتباعك الى يوم الدين، أما نحن فنحاسبك ونطعن في قواك العقلية، وأطالب بتوقيع الكشف الطبي عليك ونتبرأ من أفعالك وتصرفاتك لأنها ليست من الإسلام في شيء، وأنت لست منا، أبحث لك عن وطن آخر، أو ارحل دون رجعة إلى تل أبيب'.

'الوطن' تسرد وجهة نظر
العريان والعلاقات مع اليهود

ولقب أدون عريان استخدمته في نفس اليوم زميلتنا الجميلة نشوى الحوفي في 'الوطن' ومؤكدة، على حكاية العلاقات مع اليهود بقولها: 'المتتبع لتصريحات السيد العريان منذ سنوات يفطن أن الرجل لا يسخر ولا يتفوه بما لا يعنيه ولا يعلن تصريحا لمجرد سد الحاجة للظهور، بل على العكس تماماً، فهو يعني كل حرف ينطق به ويبتغي من ورائه رسالة يرسلها لأحبائه أو شركائه في المصلحة، أذكركم هنا بتصريحات السيد العريان في جريدة عربية بتاريخ 12 أكتوبر عام 2007، وكان وقتها يشغل منصب رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين التي لا تزال محظورة حين قال إن 'الإخوان إذا ما وصلوا إلى الحكم فسيعترفون بإسرائيل ويحترمون المعاهدات الموقعة معها'، وهي لتصريحات التي قلبت الدنيا وقتها وكالعادة خرج الإخوان بعد أن وصلت الرسالة لمن ابتغوا وصولها لهم ليؤكدوا أن العريان وتصريحاته لا يعبران عن الجماعة ومنهاجها.
اليوم نمر بمرحلة خطيرة في تاريخنا تكتمل فيها عناصر المؤامرة على وطن لا يجد من يحميه من حاكميه، ولذا لا تستهزاوا بتصريحات 'أدون' العريان، بل أبحثوا عما وراءها، لقد سافر العريان للولايات المتحدة في أعقاب أزمة الإعلان الدستوري الكارثي لأخيه ساكن القصر والتقى من التقى بهم من مسؤولين أمريكان في ذات الوقت الذي كان فيه الكتاتني في اجتماعات في ألمانيا بعدد من المسؤولين الأمريكيين اتسمت بالدفء والود'.
هذا وقد أخبرني يوم الجمعة زميلنا الرسام الكبير بجريدة 'روزاليوسف' أحمد دياب بأمر جلل وهو انه اثناء تجواله في شوارع تل أبيب شاهد عصام العريان يسير متخفياً بنظارة على زجاجها نجمة داوود، وهو أمر يحتاج الى توثيق أكبر.

'الأهرام': افتقار الاخوان
الى الحنكة والمراجعة

وإلى الإخوان المسلمين ومعاركهم، التي لا تنتهي وتزدد اشتعالاً بعد أن وصلوا للحكم وبدأوا في تطبيق خططهم في التمكين، حتى لا يتركوه أبداً، وقد اندهش منهم ومن غرورهم زميلنا وصديقنا بـ'الأهرام' أشرف العشري فقال عنهم يوم الثلاثاء، وذكرهم بمبارك وما حدث له ولنظامه، ومتمنياً لهم نفس مصيرهما: 'حالة التعالي التي يظهر عليها كل يوم فريق جماعة الإخوان وفصائل الجماعات السلفية تتفوق في شهور قليلة على سنوات عهد مبارك وكانت النتيجة معلومة للجميع فأين مبارك وعائلته وعصابته الحاكمة، بئس العهد وبئس المصير واقع الحال يعكس كل يوم افتقار تلك الجماعات الى الحنكة والذكاء السياسي فهم لم يتعلموا أو يتدبروا فرص التأمل والمراجعة والاستفادة من دروس وعبر الأخطاء السابقة بل على العكس نجد تصميماً وعزيمة لا تلين في انتاج نفس سياسات التغول مع أن الأمس ليس ببعيد، اللحظة الراهنة تدعونا إلى نصح المعارضة وخاصة جبهة الانقاذ بألا تذهب إلى الحوار هذه الدعوة هي مجرد استدراج وكمين سياسي ينصب لكم هدفها تفتيت صلابة موقفكم وضرب وحدتكم والتقاط الصور التليفزيونية مع الرئيس وفريقه، ومن ثم استغلالها في الترويج للمصريين والعالم ان المعارضة كانت مخطئة وعادت إلى جادة الصواب وبالتالي تشويه صورتكم خاصة قبل استحقاق الانتخابات البرلمانية ويومها لن تحصلوا على أي مكاسب فاتفقوا وتمسكوا بلائحة شروط قاسية لهذا الحوار تضمن التزام وتنفيذ الرئيس الفوري لسيناريوهات الحل عبر ضمانات ملزمة وفي الحال وبدون ذلك لا تنخدعوا بالدعوات للحوار وتبقى أمامكم فرص الاستعداد لمعركة 25 يناير في الساحات والميادين'.

أوزان الاحزاب والقوى السياسية

ولم يكن اشرف بسبب طيبة قلبه وحسن ظنه يعلم أن هناك كميناً أعدته له 'الأهرام' إذ نشرت في نفس الصفحة مقالا لزميلنا الإخواني حازم غراب الذي يكتب من خارجها قال فيه مستعرضا أوزان الاحزاب والقوى السياسية: 'إذا تطرقنا إلى تنظيمات إسلامية كالجهاد أو الجماعة الإسلامية فسوف نجد أن تبنيهما العنف أداة التغيير وتعدد واختلافات قياداتهما مع الضربات الأمنية القاسية قد حرمهم من قاعدة عضوية ذات وزن على الساحة المصرية قياساً بالإخوان ولا تفسير للوزن الإعلامي الذي تحقق لهذه التنظيمات إلا بتأثير عمليات الاغتيال والقتل واستباحة أو استحلال الأموال التي نسبت لهما ولا ندري حاليا كم بقي من قواعدها المتآكلة، بعد المراجعات الفكرية التي أعلنتها قيادتهما التاريخية من داخل السجون وتركزت على رفض منهج العنف، أما المنظمات الأهلية الدينية كالجمعية الشرعية والشبان المسلمين وأنصار السنة ودعوة الحق فقد تلاشى دورها السياسي المباشر بإرادتهما أو قسرا بفعل جهاز القمع الأمني المسمى زوراً 'أمن الدولة' ومن المقطوع به أنها جميعاً كانت تفضل الابتعاد عن شبهة أي عمل يمكن أن يعتبره الأمن انخراطاً في السياسة ويمكنني القول أن هذه الجمعيات أبلت بلاء حسناً على الصعد الاجتماعية التكافلية فضلا عن التثقيف الديني الوسطي، هذا الدور جعلها أقرب ما تكون إلى الإخوان بعد الثورة بل وقبلها، لسنا في حاجة هنا للإسهاب في تفصيل ما تعرضت له جماعة الإخوان من اضطهاد وقتل وتعذيب وسجون وحملات اغتيال معنوي لرموزها من لدن عبدالناصر مروراً بالسادات ووصولا إلى العهد البائد، كل ذلك أضحى معروفاً للكافة وقد كان بعضه كفيلا بهدم هذا التنظيم وإزالته من الوجود وهو ما لم يحدث في حين زالت تنظيمات أخرى عديدة تمتعت برعاية ودعم الدولة كما رأينا'.

ما تعرضت له جماعة
الإخوان من ضربات

وفي الحقيقة، فقد وقع حازم هنا في خطأ تاريخي بالنسبة للجمعية الشرعية للعاملين بتعاون الكتاب والسنة التي أنشأها عام 1911 الشيخ السبكي وجمعية الشبان المسلمين وأنصار السنة بالإضافة إلى غيرها من مئات الجمعيات الدينية، فهي كلها مسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية ولم تكن لها أي أنشطة سياسية لا قبل ثورة يوليو 1952 ولا بعدها، ولم تتعرض لأي مضايقات، أو اضطهاد في أي عهد، حتى اصبحت الجمعية الشرعية بالذات - باعتبارها كبرى الجمعيات - تحظى بدعم واضح من ثورة يوليو، ولذلك كانت قفزتها الكبرى في الخدمات في عهد خالد الذكر الكافر والعياذ بالله، أما ما تعرضت له جماعة الإخوان من ضربات فقد لوحظ أن حازم حدده في عهود عبدالناصر والسادات ومبارك، دون ان يذكر الاسباب خاصة في عهد خالد الذكر، ومحاولتهم اغتياله، كما تعمد إخفاء ما حدث لهم قبل ثورة يوليو من قرار حل واعتقالات واغتيال مرشدهم الأول ومؤسس الجماعة حسن البنا في 12 فبراير سنة 1949 ردا على اغتيالهم رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي في ديسمبر عام 48، ومحاولات الإخوان تصوير أنفسهم في صورة المضطهدين المظلومين الذين تعرضوا للضربات بسبب دعوتهم للإسلام وكأنهم كانوا يواجهون كفارا، مسألة شائعة تدفعهم لطمس اعمالهم الإرهابية وعدم الاعتراف بارتكابهم أية أخطاء، وكأنهم ملائكة يمشون على الأرض، بل تجاوزوا مرتبة الملائكة إلى تشبيه أنفسهم بالرسل.

الاخوان: الصراع بين الحق
والباطل دائم الى يوم الدين

وهو ما يتضح من قول نائب المرشد ومؤرخهم جمعة أمين عبدالعزيز في نفس اليوم في 'الحرية والعدالة': 'ما أكثر ما تحدثت ألسنة المشركين والمعاندين والمنافسين والمخاصمين عن محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم فقالوا: 'معلم مجنون' 'الدخان: 14' وقالوا: 'ساحر كذاب' 'ص: 4'.
ودعوة الإخوان المسلمين لم تخرج عن أنها دعوة إصلاح وخير وحق، تطبق عليها سنة الله تبارك وتعالى التي استنها لكل الدعوات فيتألب عليها المنافسون والأعداء ويمتحن أهلها في الأنفس والأموال والأوقات بالبذل والعطاء، ثم يمتحنون بعد ذلك بها الكيد والإيذاء والكذب والافتراء ويجدون من الألسن والأقلام الجاهلة أو الحاقدة أو المأجورة على حد سواء ما يشوه جمال أعمالهم ويبرز حسناتهم للناس في صورة سيئات ويختلق لهم التهم والمفتريات، حدث هذا في كل قطر فيه نشاط للإخوان، بينما لم يكن دور الإخوان المسلمين فيه إلا دور الناصح الأمين من أول يوم الى هذه الساعة، وأن ننسى لا ننسى حادث المرحوم أحمد الخازندار فكان الإخوان المسلمين أول من تأسفوا وتألموا لحدوثه بينما انطلقت الصحف المغرضة يومها والألسنة الحداد تهدف بما لا تعرف وتقول بغير علم وتفتري على الإخوان الكذب وتسبق حكم القضاء، وتشوه الوقائع وتتمادى في ذلك كله لا لشيء إلا لإرضاء شهوة الكيد والإيذاء، فيا أبناء الدعوة أصبروا وأتقوا، ويا أيها المرجفون بالباطل حسبكم فإن الله بما تفعلون محيط، من أجل ذلك كان لابد من البلاء الذي يكشف عن عالم الواقع ما هو مكشوف في عالم الله المغيب عن البشر ليظهر الصبح لنرى عينين ويتميز بهذا البلاء المؤمن الكافر والطائع من العاصي والصادق من الكاذب والمخلص من المرائي والأشعث الأغبر ذو الضمرين الذي إذا أقسم على الله لأبره والعالم الذي أضله الله على علم وذلك بابتلائهم بالمحنة ليختبر صبرهم وبالمنحة ليختبر شكرهم وليكونوا أهلا لنصر دعوته.
وهذا أمر طبيعي لأن الصراع بين الحق والباطل دائم الى يوم الدين'.

حنلغيلكم القنوات الفضائية بتاعتكم

الغريب أنه يعترف بجريمة الإخوان عام 1949 باغتيالهم القاضي احمد الخازندار امام منزله في حلوان وتأسفهم له ثم ينفيه بعد عدة كلمات، وصمت تماما عن اغتيالهم بعد ذلك لرئيس الوزراء وهو الحادث الذي وصف فيه الشيخ يوسف القرضاوي في قصيدة له النقراشي بأنه كلب، وأشاد بقاتله عبدالمجيد، والقصيدة منشورة في مذكراته؟
وهذا ما أخبرنا به يوم الخميس في 'التحرير' زميلنا وصديقنا ووكيل أول نقابة الصحافيين جمال فهمي والذي أورد ما قاله عضو مجلس الشعب السابق، الإخواني والمحامي محمد العمدة في قناة الحافظ الدينية يوم الثلاثاء قال العمدة بالنص: 'إحنا اللي حنحكم مش حمدين والبرادعي ووحيد 'عبدالمجيد' ولا أي كلب من الكلاب دي اللي عايزة تحكم الدولة'، 'والأيام الجاية الكل حيمشي على المبادىء والقيم الإسلامية، كل المؤسسات، الإعلام والقضاء حيمشي غصباً عن عين أمه على هذه القيم، الكلاب دي كلها لازم تخش جحورها'.
'حنلغيلكم القنوات 'الفضائية' الوسخة بتاعتكم'! 'جبهة التخريب 'الانقاذ الوطني' هؤلاء مخربين ما عندهمش هدف غير إسقاط الحكم الإسلامي عشان يحكموا هما بمرجعية ليبرالية إسرائيلية أمريكية'، 'يوم 25 يناير اللي جاي أنا بادعو كل القوى الإسلامية تنزل الشوارع من الإسكندرية لأسوان، كل مواطن شريف لازم يبقى في الشارع بقبضته بـ'عصايته' بأي حاجة، عشان أي ابن كلب ما يروحش عند أي مؤسسة'!'.

الاخوان لا يعرفون فضيلة الاعتراف بالخطأ

وبعد أن أورد جمال، هذه القطعة الأدبية التي اقترح تدريسها للطلاب في حصص التربية الوطنية قال على طريقة، اشرح ما هو آت: 'هذا الكلام الراقي والعميق قوي، جدا، خالص هو مجرد فيض من فيض ابداعات الاستاذ المبجل الفاضل، لا تسأل فاضل ايه ولا كام وقد تفوه به وهو يطل على خلق الله من شاشة فضائية الحافظ التي ليست من الفضائيات الوسخة، بل من النوع النظيف المهذب المتربي وابن الناس الكويسين المحترمين قوي'.
وفي حقيقة الأمر، فان مشكلة الإخوان تكمن في خطأين رئيسيين، الأول، انهم لا يعرفون فضيلة الاعتراف بالخطأ، أبداً، ولا لنقد الذاتي لأعمالهم خاصة وهم يعملون في السياسة، ويربون كوادرهم وأعضائهم على ذلك، ولهذا نجدهم لا يطيقون حتى قياداتهم التي ترفض مثل هذا السلوك، وهو ما جعلهم يرفون انفسهم الى مرتبة ملائكية تحولت بعد حصولهم على السلطة الى مرتبة الرسل والأنبياء صراحة، وتحول خصومهم بالضرورة إلى كفار، ومقالاتهم وتصريحاتهم المنشورة بأقلامهم وعلى ألسنتهم معبرة عن هذه الروح.
والثاني: انهم وانطلاقا من ذلك، لا يؤمنون مطلقاً بالديمقراطية الحقيقية وتداول السلطة، لأنه لا يمكن لأنبياء ورسل وملائكة أن يتنازلوا عن الإسلام لصالح الكفار حتى لو كانت الأغلبية تريدهم في انتخابات.
وعلى العموم فان التجربة والصدمات القادمة التي سيتعرضون لهاو سوف تجبرهم على التغير، وحدوث حركة تصحيح داخلهم تطيح بالقيادات الحالية وتأتي بغيرها، أكثر اعتدالا وفهماً للواقع ورو العصر.