علي حماده

كل الاشارات الظاهرة والمخفية تدل على ان لبنان يقترب بشكل سريع من منزلق خطير، قد يسقطه في حرب داخلية، او اقله في مرحلة من المواجهات الامنية الاهلية في اكثر من منطقة. وكل العناصر المؤدية الى خضة امنية اهلية كبيرة تجمعت بشكل لم يعد فيه جائزاً السؤال: هل تقع حرب اهلية؟ بل متى تشتعل؟ وأين؟

ليس المقصود من هذه المقدمة الجزم بأن حربا أهلية ستقع حتما، بل انها للاشارة الى اننا اقتربنا من الخطوط الحمر، حتى ان هوامش التفلت من انفجار داخلي بدأت تضيق الى حد بعيد. وهنا مسؤولية طرفين اساسيين: الحكومة برئيسها الذي يمثل كل يوم يبقى فيه متعلقا بكرسيه المفخخ اهانة للبنانيين على اختلافهم، ولا سيما لبيئته التي ما بلغت هذا الحد من الاحتقان والاحساس بالاذلال، والشعور بالاستهداف، والاستضعاف كما بلغته في عهده، وهو الذي صار عنوانا للاستتباع المذل للنظام في سوريا ولـquot;حزب اللهquot; في الداخل. اما الطرف الآخر الذي يتحمل مسوؤلية، بل المسؤولية الكبرى في تعميم المناخات الفتنوية في البلد، فهو quot;حزب اللهquot; الذي قام انقلاب على الصيغة اللبنانية بالقوة، وسطا على السلطة، وعلى المؤسسات بتواطؤ البعض، او قصر نظر البعض، او خوف البعض الثالث. وفي كل الحالات تحوّل الحزب المذكور بالنسبة الى فئات كبيرة من اللبنانيين رمزاً لـquot;احتلالquot; داخلي أشدّ مضاضة من كل الاحتلالات التي سبقت، أكانت اسرائيلية حيث العدو واضح بشكل حاسم، أم سورية حيث كانت وصاية احتلالية لطرف غير لبناني ما لبث ان اخرج يوم التقى اللبنانيون معا واتّحدوا في انتفاضة الارز. والحال انه لم يسبق في تاريخ لبنان منذ نشوء الكيان، وحتى في اكثر ايام الحرب اللبنانية سواداً، ان شعرت فئات واسعة من الشعب بأنها امام تحد كياني يتسبب به فريق داخلي كسر كل التوازنات الداخلية، حتى انه (وهذا ليس بمبالغة) جعل مئات الآلاف، بل ملايين اللبنانيين يشعرون بأن للبنان عدوّين: اسرائيل وquot;حزب اللهquot;. طبعا هذه المساواة غير مقبولة، ولكنها تعشش في قلوب الملايين من لبنانيي الداخل والانتشار. لذا فإن مسؤولية الحزب كبيرة لكونه اعاد الاحتكام الى السلاح. كما انه عمم بفعل تفلّته وخروجه على القانون والنظام العام حقن بيئته بـquot;فيروسquot; اللاقانون والميل الى اعتماد شريعة الاقوى، نمطا سائدا في المجتمع. وفي النهاية كان لا بد لبقية مكونات البلد من ان تصيبها عدوى الخروج على القانون وكسر المحرمات. كان لا بد للاحتقان ان ينفجر في وقت ما، وقد صرنا في مكان ما اقرب الى نار الحرب الداخلية من اي وقت.
ادت سيطرة quot;حزب اللهquot; على السلطة بمعادلة القوة خلال سنتين الى نشر الاحقاد والفوضى بما لا يقاس بالماضي، ونشرالفساد بشكل غير مسبوق، وكسر هيبة القانون، وتعميم التسلح في كل مكان، وتعريض لبنان لنيران الصراع في سوريا، ووضع الاقتصاد تحت اشد الضغوط منذ الحرب. والأدهى اننا اليوم على ابواب انفجار اهلي داخلي.