عبدالله إسكندر


شهدت آلما آتا حلقة من حلقات من حوار الطرشان بين طهران والدول الغربية الست في شأن الملف النووي الايراني. ولمناسبة كل جولة جديدة، يصح التساؤل عما يمكن ان يقوله كل طرف للآخر، بعدما استنفد كل منهما شرح وجهة نظره وفهمه لمعطيات الملف وعرض مطالبه وقدم مغرياته. لكن هذه اللقاءات التي لم تعد مفاوضات، تستمر لأن اياً من الطرفين لا يجرؤ حالياً على تحمل مسؤولية وقفها، رغم القناعة التامة انها لن تؤدي، في المستقبل المنظور، الى شيء في ما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني. وربما يريد الجانبان الابقاء على هذه اللقاءات كصمامات أمان، في ظل تقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير الى مزيد من التقدم في البرنامج الايراني والى توسيع التخصيب. وفي ظل انعدام اي خيارات باستثناء العقوبات.

تسعى طهران عشية كل من هذه اللقاءات الى الايحاء بزيادة قدراتها وخبراتها النووية، ما يشكل ضمناً تحذيراً من قدرتها التقنية على الوصول الى النهاية الحتمية، اي السلاح النووي، وانها لن تقدم، بقرار واع ومستقل، على هذه الخطوة. ولذلك تسعى طهران الى تقديم مناقشة القضايا المرتبطة ببرنامجها، وليس بجوهر هذا البرنامج.

جوهر البرنامج هو التخصيب، والعقدة الاساسية في الجدل تكمن هنا. ايران تقول ان التخصيب حق مطلق بالنسبة اليها، ولن تقبل بأي مساومة على هذا الحق. وهي لذلك لا تقبل الدخول بنسب التخصيب، وما يتفرع عنها من قضايا تقنية، تعتبر وكالة الطاقة الذرية انه من دون ضبطها لا يمكن الجزم باستبعاد الهدف العسكري من البرنامج الايراني.

واضح ان طهران باتت تعاني من الآثار الاقتصادية السلبية للعقوبات الدولية عليها، خصوصاً في المجال النفطي. ويتركز همها على كيفية الحصول على تخفيف هذه الآثار، إن لم يكن انهاء بعض هذه العقوبات. لكنها تدرك ان هذا الهدف لا يزال بعيد المنال، خصوصاً ان ملفها النووي لا يزال امام مجلس الامن، وانها لم تقدم على الخطوات التقنية التي تتيح لوكالة الطاقة الذرية ان تحكم على نحو قاطع بسلمية البرنامج الايراني، وتالياً سحبه من يدي مجلس الامن واعادته الى وكالة الطاقة، كما هو حاصل بالنسبة الى كل البلدان الموقعة على اتفاق الحد من انتشار الاسلحة النووية.

وربما للخروج من هذه الدوامة، حاولت طهران ان تضيف الى المفاوضات النووية مع الغرب، ملفات سياسية تتعلق بأزمات في المنطقة حيث يعرف الآخرون ان لها تأثيراً أكيداً فيها.

الصدفة جعلت لقاء آلما آتا يعقد عشية اجتماع اصدقاء الشعب السوري في روما. لكن طهران، باقتراحها ضم هذا الملف (اضافة الى البحرين) الى لقاءاتها مع الغرب، تريد ان تؤكد ان ما يجري في سورية قد يكون بين رزمة الاغراءات التي وعدت بها او انها قادرة على التأثير في قرار النظام لجهة الدفع نحو الحل السياسي. وفي الحالين، تريد ان تنتزع اعترافاً بالترابط بين مصالحها الاستراتيجية وبين محادثات ملفها النووي. ولربما تعتبر طهران، حالياً، ان الوقت مناسب اكثر من السابق من اجل انتزاع هذا التنازل، مع بدء جولة وزير الخارجية الاميركي الجديد جون كيري على المنطقة. فهو معني بكيفية التوصل الى حل سلمي للملف الايراني وللازمة السورية في آن.

وسيكون في حاجة الى بعض الوقت، بعد انتهاء جولته الشرق اوسطية لاعادة تقويم الموقف الاميركي، وتالياً لن يكون سهلاً على الادارة الاميركية حالياً اتخاذ اي اجراء دراماتيكي، حتى في شكل عقوبات آحادية، ضد ايران. لتستمر لعبة تضييع الوقت وحوار الطرشان.