علي حماده


يوم وقفنا وقلنا لا للوصاية الاحتلالية التي كانت تسعى الى فرض التمديد للرئيس السابق اميل لحود، قيل لنا انتم مجانين، ولن تقدروا على تغيير الواقع، والتمديد حاصل برضاكم او بغير رضاكم، فالافضل ان تمشوا في الركب. رفضنا وسرنا بقيادة الثلاثي البطريرك صفير، والرئيس الحريري والزعيم وليد جنبلاط.
ثلاثتهم قرروا عشية الاستحقاق الرئاسي سنة ٢٠٠٤ ان يدفعوا بالأمور في لبنان في اتجاه انتزاع استقلال جديد. كان المسيحيون وعلى رأسهم البطريرك يشكون ولسنوات عدة، أنهم متروكون وحدهم في مواجهة الوصاية الاحتلالية، وفي ٢٠٠٤، بنتيجة عمل دقيق وشاق، اقترب زعيم المسلمين رفيق الحريري ومعه زعيم الدروز وليد جنبلاط من المزاج المسيحي الاستقلالي المعلن، ليميطا اللثام عن موقفهما الاستقلالي الحقيقي. فالزعيمان كانان يدركان بالتجربة انه لا بد من التقاط الفرصة الذهبية المتمثلة في معركة التمديد، من أجل إشاعة وعي لبناني اسلامي - مسيحي مشترك يحقق للبنان الاستقلال الحقيقي، وينهي بالسياسة الوصاية، عبر التقاء جناحي لبنان في لحظة تاريخية ما كانت لتحصل لولا وجود الثلاثة الكبار، الحريري، وجنبلاط والبطريرك صفير.
أذكر، بعد التمديد الأخرق، والذي احسن وليد جنبلاط بوصفه بـquot;التافهquot; كأصحابه في سوريا ولبنان معاً - أذكر جيداً اننا عندما كنا في احدى الرحالات الى الخارج، قبيل اغتياله، قال الحريري: quot;لقد مددوا، حسنا، لكننا سنخوض الانتخابات وفق اي قانون أكان، وسنربح الانتخابات ويكون لنا مجلس نيابي استقلالي في حزيران المقبل ٢٠٠٥quot;. اضاف: quot;ما رأيكم في مناسبة عيد الشهداء في السادس من أيار، ان نريهم من هم اللبنانيون عندما يتحدون؟ سوف استقل سيارتي من هنا من قريطم، واعرّج على وليد جنبلاط في كليمنصو، ومعاً سنصعد الى بكركي لنصطحب البطريرك صفير وننزل ثلاثتنا في سيارة واحدة الى ساحة الشهداء بعد ان نكون دعونا الناس الى ملاقاتنا هناك، حيث سنعلن من خلال وجودنا معاً اننا لبنان المستقبل، لبنان الاستقلال والحرية والسيادةquot;. كانت هذه الفكرة تستولي على عقل الحريري، الذي وللتاريخ، كان يراهن على موقف استقلالي ولو اتى متأخراً من quot;حزب اللهquot; ليلاقي الثلاثي الاستقلالي، فيكتمل النصاب الوطني اللبناني.
في ٢ أيلول ٢٠٠٤ قلنا لا، ثم انتفضنا في ١٤ شباط، ونزلنا بمئات الالاف الى ساحة الحرية في ١٤ آذار، ومعاً صنعنا لحظة تاريخية مشرقة، وأسّسنا لحلم لبناني. واليوم بعد ثماني سنوات، تبقى مسؤوليتنا ان نحيي ذلك الحلم الكبير.