محمد جاب الله

كم تساوي عملية احتجاز حكم لاتهامه بتقاضي رشوة من أجل التغيير أو التأثير على نتيجة مباراة من المباريات، وليت هذه الرشوة مادية، ولو كانت كذلك ربما قلنا إن الحكام يعانون من أزمة مالية، لكن هذه الرشوة رشوة أخلاقية تتعلق بفتيات هوى، هذه الواقعة حدثت من ثلاثة حكام عرب في سنغافورة وأودعوا السجن ورفض القاضي الإفراج عنهم ولو بكفالة خشية هروبهم من البلاد، بل إن الأدهى والأمر أن العقوبة التي ستوقع عليهم إذا ثبت ذلك الاتهام هي الحبس خمس سنوات وغرامة تزيد على ثمانين ألف دولار، أنا لا أريد أن أذكر أسماء الحكام أو بلدهم على اعتبار أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، لكن هذه الواقعة فيها درس كبير جداً لكل حكامنا ولاعبينا وإداريينا بضرورة الحرص والبعد عن مثل هذه الأمور حتى لا يكونوا عرضة للمساءلة ويفقدوا مستقبلهم إثر ذلك، ناهيك عن الفضيحة التي تطارد من يرتكب هذا العمل وأسرته وإساءته لبلاده بهذا التصرف المقيت ، فحكم أي مباراة هو بمثابة قاض، لابد أن ينزه نفسه عن أي أعمال من شأنها أن تسيء إليه وإلى هذه المهنة المقدسة لأنه لو ثبتت التهمة فإن كل الدول ستفقد الثقة في الحكام الذين يأتون من بلد هؤلاء الحكام ويجعلون الناس تنظر إليهم بعين الشك والريبة وتطاردهم الاتهامات أينما ذهبوا، القاضي عندما ينزل إلى أرض الملعب لابد أن يتجرد من الميل لأي فريق حتى ولو كان يحبه لأن العيون تتابعه، وارتكاب خطأ واحد أو تعمده من شأنه أن يؤثر على نتيجة المباراة يجد امتعاضاً وغضباً من الناس، كما أن المنظمات الكروية مثل الاتحاد الأهلي أو القاري أو الدولي ترصد كل شاردة وواردة ومن الممكن أن توقف هذا الحكم عن التحكيم إذا ما كانت تصرفاته فجة ومثيرة، حتى الأخطاء البشرية العادية تستمر في مطاردة الحكم طوال حياته ويتندر بها التاريخ كلما جاءت واقعة خطأ مماثلة من حكم آخر، ولعلنا جميعاً نتذكر الهدف الذي سجله دييجو مارادونا في مرمى إنجلترا بكأس العالم ١٩٨٦ بالمكسيك وشاهد العالم كله هذا الخطأ عدا حكمنا العربي التونسي علي بن ناصر، وكذلك أخطاء عادية أخرى من حكام آخرين لكنها أثرت على المباريات.

مهنة التحكيم واحدة من المهن الرائعة فلابد أن نحافظ عليها ونحترمها، ومن لا يقدر فعليه أن يتركها لغيره.