وليد أبي مرشد


تكاد تنقضي سنة كاملة على تسلم laquo;الإخوان المسلمينraquo; مقاليد السلطة في مصر وصورة حكمهم لا تزال مهزوزة، في أحسن الحالات، وغامضة، في أسوئها.

رغم ما بدر من نزعات laquo;تفرديةraquo; لـlaquo;الإخوانraquo; في إدارة شؤون البلاد في أوائل عهدهم في الحكم، فإنه قد يكون من الإجحاف تحميل laquo;الذهنية الإخوانيةraquo; وحدها، مسؤولية التخبط في إدارة مصر، فالتنظيم الإخواني، في نهاية المطاف، حصيلة تفاعل - وربما الأصح تصادم - ذهنيتين سياسيتين يصعب التحرر بسهولة من تبعاتهما السياسية والاجتماعية:

أولا: انعدام تقليد التداول الديمقراطي الطبيعي للسلطة في جمهوريات العالم العربي في عصر الأنظمة السلطوية المديد، مما جعل laquo;الإخوانraquo; يصلون إلى السلطة غير مهيئين، سياسيا، لموجبات تحمل مسؤولياتها العامة. وغير خاف أن إقصاء الأنظمة العربية الشمولية للتيارات المعارضة عن كل آليات الحكم - واضطهادها كما كانت الحال بالنسبة لـlaquo;الإخوانraquo; في مصر - خلف فراغا واسعا في مفهوم التعامل مع السلطة بين الحاكم والمحكوم، مما أوقع المنقلبين على الأنظمة الشمولية في مأزق تعاني منه كل دول laquo;الربيع العربيraquo;: مأزق التعاطي مع شعوبها من موقع غير مهيأة لموجباته وغير مؤهلة لتحمل مسؤولياته العامة.

ميزة الديمقراطية على سواها من الأنظمة السياسية أنها مشروع laquo;تنشئةraquo; سياسية للحاكم والمحكوم معا، أكثر مما هي نظام حكم laquo;آخرraquo; يطبق بكبسة زر. وفي هذا السياق، يعتبر الوضع العراقي مثالا حيا على فشل تطبيق الديمقراطية المستوردة - حتى بالقوة - في العالم العربي في غياب خلفية سياسية حاضنة لمفاهيمه.

ولا تقتصر مهمة الديمقراطية الغربية على تشريع نظام الحكم لمن هم في السلطة فحسب؛ بل تتخطاه إلى laquo;تنشئةraquo; حس المسؤولية العامة لبديلهم المنتظر في سدة الحكم، أي المعارضة الشرعية للحكومة. وقد يكون تقليد المملكة المتحدة تشكيل laquo;حكومة ظلraquo; من المعارضة تعمل بموازاة الحكومة الشرعية وتسائلها على كل الأصعدة الوزارية، أعلى درجات الديمقراطية تقدما في مجال laquo;تنشئة البديلraquo; على مسؤوليات الحكم وهو بعد في صفوف المعارضة.

ثانيا: طابع العمل الحزبي السري لـlaquo;الإخوانraquo;، والمفترض أن يتحول من ذهنية الـlaquo;undergroundraquo; إلى الشفافية والعلنية. وعلى هذا الصعيد، يبدو أن تجربة 85 سنة من الممارسات الحزبية السرية - والعنفية أحيانا - لا تسهل انعتاق laquo;الإخوانraquo; من ذهنيتها ولا من أساليبهاح فبعد قرابة السنة على وجودهم في سدة الحكم في مصر، ما زالت تصرفات laquo;الإخوانraquo; توحي باستمرار تعاملهم مع الأحداث وكأنهم لا يزالون في صفوف المعارضة، مما قد يفسر تحول كل قضية خلافية إلى مواجهات وعراك في شوارع القاهرة وغيرها من المدن المصرية.

من هنا أهمية تعجيل laquo;الإخوانraquo; في تحقيق النقلة النوعية المطلوبة من ذهنية العمل السري إلى رحاب الوضوح والشفافية في سدة الحكم. باختصار الانتقال نفسيا - لا سياسيا فحسب - من المعارضة إلى الحكم.

هذه النقلة مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بعد أن أصبح الاقتصاد المصري بحاجة ماسة إلى تعويم دولي. وقد تصب في هذه الخانة بالذات ملاحظة وزير الخزانة الأميركي جاكوب ليو، أن واشنطن تربط إقراض صندوق النقد لمصر laquo;بالتزامات جديرة بالثقةraquo;، وإشارته إلى أن هذه الثقة تستوجب laquo;مسارا أكثر استقراراraquo; لوضع مصر الداخلي.

سنة المسؤولية الأولى في حكم الإخوان المسلمين لمصر ما زالت تفتقر إلى الوضوح الكامل في تحديد ما إذا كانوا يتطلعون إلى حكم مصر بوصفهم ممثلين لكل المصريين، بصرف النظر عن معتقداتهم، أم مواصلة مساعي السيطرة الحزبية على كل أجهزة الدولة بداعي laquo;تطهيرهاraquo; من الفساد والمفسدين.. والليبراليين في واقع الأمر.