حسن عبد الله عباس

الأحداث الجارية والمتسارعة في سورية ما هي إلا صورة نمطية للصراع الدولي القائم منذ عشرات السنين. لا جديد في الأمر سوى أنها حلقة جديدة وستنقضي إن عاجلا أو آجلا!
سورية في سلمها الحلقة الوسطى لمشروع المقاومة الثلاثية المشكّلة من طرفيها إيران وحزب الله. أما في حربها، فسورية الحليف الاستراتيجي الوحيد لروسيا في المنطقة. فالحرب القائمة هي حرب دولية بالوكالة وبامتياز. لهذا سورية تحارب بعنوانين، مرة تحارب باسم المقاومة ومرة باسم التحالف الدولي الروسي. من هنا أقول يصعب جدا أن تسقط الدولة السورية بالسهولة التي يتصورها الناس، بل لا أبالغ إن أعدت ترديد القول السابق بأنه صعب وصعب للغاية بالنظر لهذا الامتداد الدولي، وبالنظر للتجارب التي مرت بها حليفتاها ايران وحزب الله.
المضحك في الأمر أن الفريق المقابل يدعي الجهاد المسلّح نيابة عن الشعب السوري. المسلّحون لا يتحدثون لغة شامية، فالجماعة يحاربون بالوكالة عن أطراف متعددة في المجتمع الدولي، بل تبدو لي laquo;النصرةraquo; اكثرهم اعتداداً بالنفس كونها بايعت علناً القاعدة. فلا أدري كيف تنطلي هذه الكذبة على السذّج ويصدقون أن الفريق المسلّح هو الثورة الشعبية!؟
هذه الحرب مجنونة كونها مقلوبة المعادلات وعلى كل الصّعد ولدرجة غبية غير مسبوقة! لاحظ كم تبلغ السذاجة والغباء حدّها حينما تقرأ خبراً يقول جنود حزب الله يقاتلون في سورية كونهم مرتزقة ومقاتلين أجانب، والخبر نفسه ينقل أن حزب الله يحارب لبنانيين على الطرف الثاني من أبناء السُنة! أستغرب كيف يدعون أنها ثورة شعبية، وتصرّح الدول العربية والخليجية والمنظمات الدولية والاعلام الغربي علناً وبلا مواربة بأن مواطنيها يقاتلون لجانب اخوانهم السوريين!؟ يقولون ثورة شعبية ضد نظام رسمي خائن لم يطلق رصاصة على العدو الإسرائيلي بسبب الجولان، لكنهم لا يرون حرجاً ولا يتحسسون النجاسة أبداً وحلال عليهم أن يساعدهم العدو الإسرائيلي بالعتاد والسلاح وبالقصف الجوي! يقولون نظام دولي، ومن أهم سمات النظام الدولي أن شراء الاسلحة لا تذهب إلا للأنظمة الرسمية، لكن مع ذلك لا حرج لدى الغرب والأوروبيين بأن يرفعوا الحظر عن تسليح المجاهدين والأجانب ويُعد عندهم أمراً طبيعياً جداً!
لا يوجد في سورية ثورة شعبية بعدما دخلت دول العالم وإسرائيل على الخط. اليد الطولى الآن لمن يسيطر على الأرض والواقع الميداني، فهذه حرب مجنونة والمجتمع الدولي جمهور مجنون يصفق لهذا المعسكر أو لذاك. المطلوب من هذه الحرب استنزاف العرب لطاقاتهم ومواردهم وابقاء إسرائيل متفوقة، واليوم فرصة أكثر من مواتية كونها تقضي على كل الاطراف وتستنزف قواه في الوقت الذي يقف العدو الإسرائيلي مرتاحا عالآخر.