علي حماده


ليس سرا ان معركة القصير التي اشعلها النظام في سوريا ومعه quot;حزب اللهquot; تهدف في ما تهدف الى فتح طريق آمنة للتواصل بين quot;الكانتونquot; العلوي العتيد في الساحل السوري وكل من دمشق والكانتون الشيعي التابع لنفوذ quot;حزب اللهquot; في لبنان. هذه هي الخطة باء التي تعرفها عواصم القرار العالمية، وتعرف من خلالها اهمية معركة القصير ومفصليتها. فسقوط القصير معناه سقوط آلي للاحياء الصامدة في حمص، وانهيار جبهة الرستن ومحاصرة الشمال اللبناني الذي لا يزال يشكل عمقا لوجستيا للثورة السورية. كما ان سقوطها يفتح الباب امام مشروع تفتيت سوريا.
الحديث عن مشروع الكانتون العلوي صار على كل شفة ولسان باعتباره الخطة باء في حال انهيار النظام في الجنوب ودمشق. ولكن لماذا الحديث عن quot;كانتون شيعي quot; او quot;كانتون حزب اللهquot; ؟ لان الحزب المذكور يتعامل مع واقعه اللبناني على قاعدة خلق كيان ضمن الكيان يضعف الكيان الاصلي، ثم يقضمه فيلحقه بمشروعه. ولعل ما يهم quot;حزب الله quot; في المرحلة الراهنة، ان يعطل الدولة اللبنانية، وان يرهب المكونات اللبنانية الاخرى، ليخلق تواصلا بين الجنوب والبقاع وصولا الى سوريا حيث التواصل مع الكانتون العلوي. وكلا الكانتونين يكونان تحت وصاية المشروع الايراني في المنطقة. القاعدة بسيطة: ان لم نتمكن من الحفاظ على quot;سوريا الاسدquot;، فسنلجأ الى خلق دويلة او كانتون للاسد على تواصل جغرافي وبشري مع لبنان او الاجزاء الواقعة منه تحت الحكم التام لـquot;حزب اللهquot;.
إذاً ان معركة القصير في حال انتصار quot;حزب الله quot; فيها ستحدد مسار المعركة من اجل سوريا. وواضح ان تحالف النظام في سوريا والايرانيين يعتبرونها مفصلية وإلا لما جرى زج quot;الاحتياطي الاستراتيجيquot; الايراني في المشرق العربي، اي quot;حزب اللهquot; في معركة من المؤكد انها ستنعكس مباشرة على وضع الحزب داخل لبنان، إن على مستوى العلاقات الطائفية والمذهبية بين اللبنانيين، او على مستوى امن لبنان الهش اصلا. فالتورط في معركة القصير بهذا الحجم، كما التورط في مناطق اخرى هو دعوة مفتوحة لاستدراج الحرب الى قلب لبنان، واستدراج رد من فصائل الثورة السورية على ارض لبنان. واول المستهدفين هم بيئة quot;حزب اللهquot; الحاضنة.
هذا لا يعني ان لبنان لن يتأثر بأي عمل انتقامي رداً على تورط quot;حزب اللهquot;، ولكن التذرع بمقاتلة من يوصفون بـ: عملاء اسرائيل واميركا quot; في سوريا، وكذلك quot;التكفيريينquot; لا يقنع بقية اللبنانيين بصوابية تورط quot;حزب اللهquot; في حرب مع الشعب السوري.
النتائج ستكون وخيمة، لا بل وخيمة جدا. وكون معركة القصير مفصلية بين الطرفين، فإنها اما ان تصمد وتتحول حرب استنزاف متبادلة، او تسقط فتفتح ابواب جهنم على من تورطوا بدماء السوريين، وتفتح معها حربا اوسع منعا لتحقق اهداف ايران في كل من سوريا ولبنان.