حسام عبد البصير

ان تكون اخوانياً او سلفياً هذه الايام فأنت في مأزق حقيقي، أما إن كنت فلسطينياً فأنت في خطر داهم فيما لو كنت غزاوياً حمساوياً، أو مجرد متدثر بسمة أو طقس إسلامي، فكارثة محققة في انتظارك حتى لو كنت قد حللت في القاهرة للعلاج او الدراسة، إحذر ان يعلو صوتك باللهجة الفلسطينية في وسائل المواصلات او في الشارع او على المقاهي، فآلة الاعلام الفاجر لن تدعك لحال سبيلك، سيتم الدفع بك كظهير إخواني قادم من اجل القيام بعملية ارهابية بسبب الرئيس المنتخب، الذي اقصي عن منصبه قبل ايام. تجاوز العديد من الصحف مهمته البديهية في تنوير الناس وكشف الحقائق إلى وسيلة لبث الفتنة. أينما حللت بوجهك نحو تلك الصحف لن تجد إلا العار متمثلاً في الدفع بالاسلاميين نحو مقصلة الاعدام، اما الفلسطينيون فقد باتوا إرهابيين يخشى على مصر منهم. قبل ايام نشرت الصحف المصرية خبر القبض على خمسة فلسطينيين معهم قنابل للقيام بعمليات ارهابية في ضاحية مصر الجديدة، وبعد ساعات نفت سلطات التحقيق ان يكون اي من الخمسة فلسطينياً، غير ان الصحف كافة لم تنشر التكذيب، بل مضت في غيها لنشر الفتنة.


فقد بات الاسلاميون والفلسطينيون نفايات خطرة ينبغي دفنها ومعها الحقيقة المرة. ومن المثير للسخرية ان يشارك كتاب الصحف في الاقسام كافة حتى من يحررون صفحات الفن والرياضة في الهجوم على الاخوان ومن يناصرهم. حرصت صحف الجمعة على المضي قدماً في تهنئة المواطنين على الخلاص من حكم الاخوان واحتشد مئات الكتاب في الحرب الضروس ضد الاسلاميين والفلسطينيين ويا فرحة إسرائيل فينا. أحدهم كتب مطالباً بطرد الفلسطينيين من ارض الكنانة، وبلغ الجهل بآخر لطلب رفع الدعم المالي عنهم، ولايعرف هذا وغيره ان المقيمين منهم في مصر لا يتقاضون ديناراً ولا درهماً، بل يعاملون كالأجانب في كل شيء، إن لم يكن وضعهم اشد قسوة من الاحباش والبرابرة الذين تعج بهم شوارع القاهرة. وفي صحف امس الجمعة ستجد نفاقاً تشمئز منه النفوس للمشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، كما ستعثر على شتائم يندى لها الجبين وتحمر منها الوجوه، ضد الرئيس الذي ازيح عن منصبه، شتائم ادناها لص واعظمها خائن، وبينهما قاتل ومن المؤسف انك لن تعثر في تلك الصحف، رغم كثرتها على من يقول كلمة حق عن الرجل ولا عن التيار الاسلامي بوجه عام، احدهم كتب في جريدة lsquo;الوطنrsquo; يطالب بعزلهم في مستشفيات الامراض العقلية للعلاج، وآخر في lsquo;الوطنrsquo; قال ان الحل حظرهم عن العمل العام، وثالث في صحيفة lsquo;التحريرrsquo; تحدث عن أهمية القضاء عليهم، ورابع تحدث في lsquo;اليوم السابعprime; عن ان الحل في ملاحقتهم، فيما ذهب كاتب في lsquo;الأهرامrsquo; الى ضرورة اجتثاثهم من الارض، وحرصت بعض الصحف للحديث عن وضع مرسي داخل المكان الذي يقيم به في وزارة الدفاع. أما رموز الجيش فيعيشون عرساً حقيقياً بمعنى الكلمة حتى من خرجوا من الخدمة، حصلوا على نصيبهم من الثناء، فيما نفت القوات المسلحة وجود أي انقسامات داخل صفوف الجيش المصري، واكدت ان القول بذلك شائعات يطلقها الخونة والعملاء. وناشدت القوات المسلحة الشعب المصري بعدم الاصغاء الى الشائعات المغرضة.

على الشعب ان يلتفت
للمستقبل وينسى الماضي

البدايه مع lsquo;الاهرامrsquo; التي دعا رئيس تحريرها عبدالناصر سلامة، الذي كان احد الداعمين للرئيس محمد مرسي قبل ان يتخذ موقفاً اكثر حيادية خلال الفترة الاخيرة، لكنه يدعو الجماهير لتجاوز المرحلة السابقة والنظر للمستقبل: خريطة المستقبل، التي نحن بصددها الآن، يجب أن تكون النواة التي يلتف حولها أبناء الشعب ndash; كل الشعب من أقصاه الى أقصاه، والتي قد تشكل إلهاما للشعوب الأخرى، إن هي كانت بحجم المتوقع منها، وقد تشكل لا قدر الله خيبة أمل، إن كانت دون المأمول. وما نأمله من الرئيس الجديد هو أن يكون رئيسا لكل المصريين، ومن الحكومة الجديدة أن تكون معبرة عن إرادة الشعب، ومن لجنة صياغة الدستور أن تكون توافقية، تمهيدا للانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي أرى أنها سوف تكون الأهم في تاريخ مصر، أما لجنة المصالحة الوطنية فسوف يقع عليها العبء الأكبر في احتواء كل آثار الأزمة الحالية والأزمات السابقة.
لقد دعونا كثيرا من قبل الى أهمية احتواء أعضاء الحزب الوطني بالنظام الأسبق ضمن المنظومة السياسية للمجتمع، وها نحن ندعو الى احتواء كل التيارات الإسلامية في النظام السابق، ضمن هذه المنظومة الآن، وسوف نظل ندعو الى إعمال مبدأ العفو والمصالحة مع النظامين، مادام الأمر لا يتعلق بقضايا دم أو تحريض على العنف، وما دون ذلك هو عبث لن تتحمله الأجيال الحالية، ولا الأجيال القادمة.

الجيش أنقذ
مصر من الضياع

هذا ما قاله الشاعر فاروق جويدة، في lsquo;الاهرامrsquo; من: ان الجيش تدخل في لحظة مثالية لانقاذ البلاد من خطر الاخوان: الف باقة ورد تحملها مصر الى ابنائها الأبرار رجال قواتنا المسلحة ورجال الشرطة، الذين عادت قلوبهم الصافية تحتضن شوارع مصر مرة اخرى. اما شباب مصر الرائع الذي تجمع بالملايين ليكتب اسطورة جديدة، فهم املها الباقي ومستقبلها المضيء.. اقول لهم عودوا الى صدر الأم لأنها حبكم الدائم وعشقكم المقيم، اختلفوا ما شئتم في السياسة وتفرقوا في دروب الفكر وعيشوا الإيمان على طريقتكم تسامحا وترفعا، ولكن لا تختلفوا ابدا على ولائكم لها، سافروا ما شئتم في بلاد الله واشربوا من بحور المعرفة ما اردتم، ولكن تذكروا دائما انها الوطن والقبر والمصير.. آلاف الأفكار تغزو عقولنا.. وآلاف الأحلام تزور جوانحنا.. ولكن ليس لنا غير وطن واحد هو كنانة الله في ارضه مصر.. الباقية ابدا منارة تضيء.. وحضارة نزهو بها.. وشعبا عاشقا للحياة هذه هي مصر التي اذهلت العالم بهذه الملايين التي خرجت في حشود لم يشهدها من قبل لتجسد معنى الحب والوطنية.. وهذا هو تراث مصر الحقيقي.

الى مرسي شكرا لتعاونكم

ونبقى مع lsquo;الاهرامrsquo; واحد الساخرين من الرئيس مرسي، إذ يهاجم ايمن عثمان الاخوان ورئيسهم: لم يكن خطاب مرسي الأخير يحمل جديدا، سوى لغة التهديد والوعيد، ولا ـ تنس من فضلك ـ الثقة الخائبة ndash; منزوعة الدسم ـ عديمة الطعم، فارغة المحتوى، وللتاريخ: كانت مأساة الرجل المروعة، فيمن حوله ـ الأهل والعشيرة- الذين وضعوه في مواجهة شعبٍ تستحيل مقاومته، ومن المحال تطويعه شعب لم يرضخ من قبل لا للهكسوس، ولا للإنكليز ولا لغيرهم.. شعبٌ انصهرت داخله كل الحضارات.. ولم ينصهرhellip; فكيف يأتون اليوم بقومٍ يحملون كل هذه الصفاقة، يريدون إرهابه وإخضاعهhellip; شعبٌ لا ينكسر، ولكنه يكسر من يعانده، حتى لو كان مرسي وجماعته، الذين لم يفهموا من يعاندون، واتهموه تارة بالفلول، وتارة بالخمور، وثالثة بالكفرhellip; شعبٌ علم الدنيا معنى الإيمان، فجاءه الإخوان ليدخلوه حظيرة السمع والطاعة، فأعادهم إلى جحورهم، وأحجامهم الحقيقية، لأنهم لم يتعلموا أنه شعبٌ يحطم الأغلال، وأن كلمته هي العليا، وتهديدات الآخرين هي السفلىhellip; شــــبابُـه لم يعش من قبل في جحورٍ مظلمةhellip; اعتادوا الحرية، ولم يعهدوا كل هذا الكم من الصـــلف والكبر، ولم يعرفوا هذا الغرور المقيتhellip; توحدت الكلمة على شيء واحد lsquo;مصرrsquo;، واختفت كل الألوان، إلا علم مصر الذي يحتضن الجميعhellip; لقد أعطاكم الشعب فرصة لم تكن والله لتخطر حتى على خيالكم، وصفق لكم، فصدمتموه، وشد على أيديكم فخذلتموه، ثم في النهاية كفرتموه، وعشتم في أبراج عالية تتكبرون، وما كان هدفكم سوى التمكين وأخونة كل ما تصل إليه أيديكم، فأي وطن كنتم تريدون أن تضيعوه، بنهضة لا يملؤها إلا الكذب والخداع، ولا يحيطها إلا الزيف والضلال..عاديتم كل شيء في الوطن، إلا السمع والطاعة والتمكين.. أردتم أن تغيروا هوية شعبٍ بنشر فكركم المقيت.

ليسوا خصوماً
بل غزاة

واينما تطل برأسك على صحف مصر تعثر على مزيد من الهجوم ضد الاخوان واعضاء التيار الاسلامي، فها هو الشاعر عبد المعطي حجازي يعترف صراحة بان الاخوان وانصارهم غزاة ينبغي دحرهم: حين يظن بعض المتحدثين في السياسة أن الإخوان المسلمين خصوم سياسيون يقعون في خطأ قاتل ويوقعون غيرهم فيه، فالخصومة السياسية لا تكون إلا بين أطراف تقف على أرض مشتركة، تدين لها بالولاء وتسعى لتحقيق غايات مشتركة يتجه لها الجميع وإن تعددت طرقهم إليها واختار كل طرف سياسي طريقاً منها يراه أقرب إلى الغاية وأوفى بالمطالب والحاجات التي يجتهد السياسيون في تحقيقها، ونحن نرى أن الإخوان لا يقفون على الأرض التي نقف عليها، نحن نقف على أرض الوطن، والإخوان يقفون معلقين بين الأرض والسماء، لا يطالون هذه ولا تحملهم تلك، لأنهم يتقافزون بين الجمهورية والخلافة، بين القرن العاشر والقرن العشرين يسألهم السائل: من أنتم؟ فيجيبه حسن البنا: نحن دعوة سلفية وطريقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، وشركة اقتصادية؟! هكذا يخلطون بين مطالب الدنيا ومطالب الآخرة فيضيعونها جميعاً، ولهذا لا نستطيع أن نعدهم خصوماً سياسيين وهم من جانبهم لا يعدون أنفسهم خصوماً سياسيين ولا يتحدثون إلينا بهذه الصفة لإخوان لا يعتبرون أنفسهم طرفاً سياسياً ضمن الأطراف الأخرى فهم لا يمثلون مصالح محددة، ولا ينتمون لفكر سياسي بالذات، ليسوا يميناً وليسوا يساراً وليسوا وسطاً بين اليمين واليسار.
المهمة التالية القضاء
على الفيروس الاخواني

ونتحول لجريدة lsquo;المصري اليومrsquo; التي يطالب خلالها رجب بمكافحة كل ما هو إخواني رجب جلال: سقط مرسي، بجهد يسير، لكن الجهد الذي بذل، لإزاحته عن سدة الحكم، أقل بكثير من الجهد المطلوب بذله، لإزاحة فكرة lsquo;الإخوانrsquo; نفسها من جذور المجتمع، لأنها فكرة أشد خطراً آلاف المرات، من مجرد وصول lsquo;رجل طيبrsquo; مثل مرسي إلى القصر الرئاسي، وكان الأنسب له العمل مأذونا شرعيا في قريته، لا مجال للراحة بعد مغادرة مرسي القصر، فالمهمة التالية أكثر أهمية، لأنها تتعلق بانتزاع ذلك الفيروس الذي توطن في البلاد منذ عام 1928، وهو فكر مسموم يستخدم الدين على طهره وقداسته وثباته، مطية رخيصة للوصول إلى السياسة على قذارتها وألاعيبها وتغير مواقفها بين لحظة وأخرى. لا تصدق أن الإخوان- فكرة أو أشخاصاً أو تنظيماً- يعنيهم الوطن أو حدوده وأراضيه أو أبناؤه ودماؤهم، كل ما يعنيهم هو استمرار الكيان في أي أرض وأي مكان، انظر إلى الاسم الذي اختاره فتحي يكن، مؤسس الجماعة الإسلامية في لبنان، لكتابه lsquo;دولة الفكرةrsquo;، أي أنه أينما وجدت الفكرة وجدت الدولة.. الحدود والأرض ليست مهمة، وانظر كيف تعامل نظام الإخوان ببرود ولا مبالاة مع التحرشات السودانية بمثلث حلايب، أو الحديث عن توطين فلسطينيين في سيناء، ذلك أن التنظيم يسعى لتأسيس دولة الخلافة الكبرى، التي تذوب فيها الحدود والمسافات بين مصر والسودان، أو فلسطين. مكافحة الفكر الإخواني هي المعركة التي يجب أن تبدأ فوراً، مواجهة التجارة بالدين، وبيع سلعة من أسمى الأمور بأثمان بخسة، مواجهة الكذب والنفاق وخيانة العهود، وسفك الدماء من أجل تحقيق مصالح دنيئة، والازدواجية البغيضة التى لا يخجلون، وبعض أذيالهم مثل صفوت حجازي، من الظهور بها: الخروج على مرسي حرام، لكنه حلال على مبارك، مواجهة اضطهادهم الأقباط والنظرة إليهم بدونية، واحتقارهم المرأة، واغتصابهم الوطن.

نحلم معا بوطن أفضل يتسع لنا جميعا

وإلى صوت آخر اختار ان يربت على اكتاف شباب الاخوان، لا ان يسخر منهم زياد العليمي في lsquo;المصري اليومrsquo;: عزيزى عضو جماعة الإخوان المسلمين- نعم عزيزى لأن وطنا واحدا يجمعنا وينتظر أن نبنيه معا ـ تعلم أنني أحد معارضي جماعتك عندما كانت في السلطة، وإذا راجعت ذاكرتك ستعرف أنني لست ممن أوحت لك قياداتك بأنهم فلول النظام السابق، وربما تكون جمعتنا مظاهرة ضد مبارك، أو تشاركنا lsquo;بورشاrsquo; واحدا في معتقلاته، أو كنت محاميك متطوعا في إحدى القضايا التي اتهمك فيها نظام مبارك، أو حتى وقفنا كتفا بكتف خلال موجة ثورتنا الأولى أمام أجهزة مبارك القمعية، كان كل منا على استعداد لأن يفدي حلمنا المشترك بروحه كنا نحلم معا ـ رغم اختلافنا ـ بوطن أفضل يتسع لنا جميعا، ويحفظ حريتنا ويصون كرامتنا، لكن قيادات جماعتك لم ترض أن نستمر شركاء في هذا الحلم، فقالوا لك إن من خرجوا في الميادين ضد حكمهم ما هم إلا أتباع النظام السابق وأعداء الإسلام! ودفعوك لتقف في مواجهتي، حفاظًا على السلطة ليس أكثر، وحكموا بلادنا لصالح الجماعة، لا لصالحنا جميعا كمواطنين مصريين حلمنا معا بعدالة اجتماعية، فازداد المصريون فقرا في ظل حكمهم! وحلمنا بدولة ديمقراطية فاعتُقل الثوار، وبُرئ رجال مبارك! وحلمنا بوطن مستقل ذي سيادة، فإذا بالدكتور مرسي يصف نفسه بأنه الصديق الوفي لرئيس وزراء إسرائيل، ولا يخجل من إعلان التبعية للولايات المتحدة، حتى كان آخر بيان يخرج من مكتب د. مرسي يعلن عن اعتماده على دعم أوباما له! وهل حقق قيادات جماعتك أيا من الأحلام التي جمعتنا معا، رغم اختلافاتنا السياسية، أم كانوا استمرارا لنظام عملنا معا من أجل إسقاطه؟ اليوم، هُزِم قادة جماعتك أمام ملايين المصريين الذين خرجوا غاضبين لعدم تحقيق أحلامهم، ويحاولون جرك لتقاتلني.

شكراً للاخوان لأنهم وحدوا المصريين

أقسم بالله أن الفرحة التي رأيتها على وجوه الناس هذه المرة اكبر كثيرا من فرحتهم بإزاحة وإسقاط حسني مبارك، هذا ما يراه عماد الدين حسين رئيس تحرير صحيفة lsquo;الشروقrsquo;: الناس من كل الأطياف يرقصون ويغنون ويهتفون بحب مصر، يرفعون الأعلام وهم يبتسمون من قلوبهم رأيت منظرا يصعب نسيانه، أسرة من أب وأم وبينهما طفل يحمل علما ويركبون جميعا على عربة كارو، وأسرة أخرى على موتوسيكل متهالك، الفرحة تشع من عيونهم، سألت نفسي وربما أردت أن أسال جماعة الإخوان: ما الذي يجعل مثل هذه الأسر سعيدة إلى هذه الدرجة، وهي لا يبدو عليها أنها من المهتمين بالسياسة وتوابعها؟ وأغلب الظن أنها أصيبت باليأس من المستقبل في ظل حكمهم فقررت البحث عن خيار آخر. في هذه الليلة الاستثنائية رأيت كل المصريين باستثناء الإخوان، رأيت المحجبات والسافرات، المسلمين والمسيحيين الجميع كان في أعلى درجات الانتشاء. في الثانية ليلا كنت أسير فوق كوبري أكتوبر كانت سيدة شعبية تسير بجانب شخص يبدو أنه زوجها، وآخر يبدو أنه ابنها، كانت تتحدث بفرح وبصوت عال وتقول lsquo;جوعونا وكفرونا.. ربنا ينتقم منهمrsquo;. مجموعة أخرى من الشباب تتراوح أعمارهم بين الثالثة عشرة والعشرين، يغنون بسعادة يرقصون يحملون الأعلام المصرية، تحدثت مع بعضهم، لا يعلمون أسماء الأحزاب السياسية أو قادتها أو حقيقة الصراع.. سألتهم ولماذا أنتم ضد مرسي والإخوان؟ فقالوا بنفس واحد: lsquo;لأنهم كدابين وانهم بتوع ربناrsquo; كان لافتا أيضا وجود ملحوظ للإخوة الاقباط، مندمجين تماما مع إخوانهم المسلمين. كل الشعب المصري كان في الميادين الثائرة في جميع انحاء الجمهورية طوال الأيام الاربعة الماضية.

مرسي تنازل لكن السيسي لم يقبل

وإلى كاتب يأبى ألا يغرد محلقا بعيداً عن السرب رغم ما يلقاه من هجوم، انه وائل قنديل في lsquo;الشروقrsquo; الذي يرى ان آلة الاعلام الشريره شوهت الرئيس والاسلاميين: لقد أعلن الرئيس قبوله بحكومة ائتلافية تضم مختلف ألوان الطيف السياسي وتشكيل لجنة لإنفاذ التعديلات المطلوبة على الدستور، وأخرى للمصالحة الوطنية، وإشراك الشباب في الحكم، والذهاب إلى انتخابات برلمانية، وهذه الخطوات ذاتها تضمنتها خارطة المستقبل التي أعلنها القائد العسكري، لكن بدون وجود رئيس الجمهورية، ومع تعطيل العمل بالدستور، والمجيء برئيس المحكمة الدستورية حاكما للبلاد، مع الأخذ في الاعتبار أن كل ذلك جرى في مقر وزارة الدفاع بناء على استدعاء القائد العام للقوات المسلحة لقيادات سياسية ودينية، تلك هي مفردات الصورة التي يمكن للرئيس الامريكي باراك أوباما أن يضعها أمام طالب مبتدئ في العلوم السياسية، ويطلب منه تعريفا مناسبا لما جرى، إن ما يحدث منذ إعلان وزير الدفاع لخطة المستقبل يبدو شيئا مثيرا للدهشة والعجب، فبعد هتاف صاخب للحشود الغاضبة lsquo;الحرية بتتولدrsquo; اشتغلت آلة المصادرات وإغلاق القنوات الفضائية والصحف المؤيدة للرئيس الذي تم عزله، وبعيد الإعلان عن مصالحة وطنية بغير إقصاء أو إبعاد دارت ماكينة الاعتقال تحصد قيادات الإخوان والإسلاميين، وأخشى لو استمرت الحرية تتوالد بهذه الوتيرة فلن يبقى في مصر مكان لصوت أو قلم ينطق بما يغضب السادة أصحاب المستقبل، الأمر الذي يحول المرحلة من انتقالية إلى انتقامية بامتياز. لقد مكث محمد مرسي في الحكم عاما واحدا، كان يتعرض خلاله للشتائم والسباب والتخوين والإهانة من قنوات وصحف لم تترك مفردة في قاموس البذاءة إلا واستخدمتها.

الاسلاميون يثنون
على قادة الجيش

كلهم باعوك يا مرسي ومن بينهم كتاب ينتمون للتيار الاسلامي، فها هو جمال سلطان رئيس تحرير جريدة lsquo;المصريونrsquo; الذي ظل يحلم بعصر الاسلاميين، لكنه يئس من الاداء المتواضع للاخوان منذ شهور، يثني على الجيش ووزير الدفاع: وبعيدا عن الخلاف الذي سيطول أمده حول الظالم والمظلوم في تلك المحنة الكبيرة التي عاشتها مصر خلال الأشهر الماضية، والتي انتهت إلى خسارة lsquo;الإخوان المسلمينrsquo; لأعظم فرصة تاريخية أتتهم، فإني ـ شخصيا ـ أثق بأن مصر ستكون خلال هذه الفترة في يد أمينة، وأن المستقبل سيكون واعدا للجميع، أكرر للجميع، شريطة أن يعتصم lsquo;الجميعprime; بالعقـــلانية السياسية والبعد عن الاندفاعات العاطفية والتشنج الذي يصنع الأخطاء ويسهل وقوع lsquo;الطيبينrsquo; في الفخاخ المنصوبة لهم، أقول: أثق في أن المستقبل سيكون واعدا بإذن الله في مصر، وأن البلاد ستكون في أيد أمينة، ومبعث ثقتي أن هذه الوثيقة، وهذا العهد الذي قطعه الجيش على نفسه، صدقت عليه أمام العالم كله ثلاث مؤسسات لها خصوصيتها وحساسيتها وحرمتها الشديدة لدى ملايين المصريين وأصبحت شاهدة على هذا الالتزام وضامنة له، الأزهر في شخص رأس المشيخة فضيلة الدكتور أحمد الطيب، الكنيسة الأرثوذكسية في شخص رأس الكنيسة الأنبا تاوضروس، القضاء المصري ممثلا في رأس القضاء رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار حامد عبد الله، وعندما يوثق عهد بضمان هؤلاء الثلاثة فقد امتلك حرمة لن يستطيع أحد أن يتلاعب بها، أضف إلى هؤلاء الثقة الكبيرة في شخص الفريق أول عبد الفتاح السيسسي.

لا خوف على الاسلاميين
هكذا يقول الجيش

وإلى مزيد من الثناء على الجيش وهذه المره على يد شقيق رئيس تحرير lsquo;المصريونrsquo; محمود سلطان: حسنا فعلت القوات المسلحة، حين أعلنت أنها، لن تسمح بإهانة التيار الإسلامي، وتأكيدها أنه جزء من التيار الوطني، وسيكون شريكًا في صوغ مستقبل مصر السياسي، والكلام الذي صدر من الجيش بشأن الإسلاميين، جاء من قبيل مسؤولية المؤسسة العسكرية، إزاء حماية جميع المواطنين، بغض النظر، عن ميولهم الأيديولوجية، وكرسالة lsquo;طمأنةrsquo; للتيار الإسلامي، بعد أن عاش قرابة عام، في أسر lsquo;الفزّاعةrsquo; الإخوانية التي كانت تخوفه، بأن غياب الجماعة عن السلطة، يعني عودتهم إلى السجون مرة أخرى. لم تنقطع الاتصالات بي، من رموز وشباب إسلامي، غضبوا غضبا نبيلا، من خروج الرئيس السابق محمد مرسي من الحكم، غير أن القاسم المشترك، بين كل من كلموني، كان الفزع والخوف من مطاردات أمنية محتملة لهم، وإيداعهم السجون، عقابا على تأييدهم للإخوان، شباب الجماعة نفسه يحتاج إلى رسائل lsquo;طمأنةrsquo; بأنه لن يسدد فاتورة خروج الإخوان من السلطة، من حريتهم وأمنهم وأمن أولادهم وذويهم، وإذا كانت المؤسسة العسكرية، قد تعهدت بأنها لن تسمح بإهانة التيار الإسلامي، وأكدت أنه جزء من النسيج الوطني، وشريك أساسي في صنع المستقبل، فإن على النخبة المدنية التي تبنت خطابا عدائيا، ضد الجماعة ورئيسها وشبابها طوال السنوات الماضية، معنية الآن، بأن تبرق رسائل الود والتواصل مع شباب الجماعة ومع قياداتها غير المتورطة في أي وقائع فساد.

مرسي ليس الليندي
والجيش لم ينقلب عليه

وإلى طائفة من الكتاب آثروا ارتداء اللون الكاكي الذي يعد لون زي الجيش ومن هؤلاء ياسر عبد العزيز في جريدة lsquo;الوطنrsquo;: يظل الجيش مستودعاً أصيلاً للوطنية، وعماداً للدولة المصرية العريقة، ويبقى دائماً بمنزلة الجدار الأخير الذي تستند إليه الجماعة الوطنية وتثق فيه في أحلك الظروف وأشدها ارتباكاً، لم يخب الظن في الجيش يوماً، لقد صمت الجيش أحياناً، وضعف في أحيان أخرى، بل ولم يسلم أيضاً من الهزيمة، لكنه عاد في كل مرة أقوى وأشد بأساً وأكثر تصميماً، واستطاع دوماً أن يفي بما عليه وأكثر، ولم يخذل شعبه أبداً، ولم يتقاعس عن القيام بواجبه إزاءه. ثمة إشكال كبير في الطريقة التي تم بها تنفيذ الإرادة الشعبية بإبعاد مرسي عن الحكم؛ فقد اعتبر بعض مؤيديه أنه أُزيح من موقعه بانقلاب عسكري، بل إن بعضاً من خصومه، وآخرين ممن يعتقدون بفشله وسوء أدائه، يرون الأمر نفسه أيضاً يسود اعتقاد في الإعلام الغربي مثلاً أن الجيش انقلب على مرسي، هكذا كُتبت العناوين في أكبر وسائل الإعلام الغربية، وهو الأمر الذي يمكن رصده أيضاً في التعليقين الفظين الامريكي والبريطاني على ما جرى قبل يومين، يريد البعض لنا أن نفهم أن ما جرى أمس الأول، الأربعاء، لم يكن سوى lsquo;انقلاب عسكريrsquo;، ويستدل على ذلك بتدخل الجيش لحسم عملية إبعاد مرسي عن منصب الرئيس بالقوة، ويستشهد بعمليات الاعتقال والتوقيف والمنع من السفر ومداهمة بعض وسائل الإعلام وإيقافها عن العمل، يريد البعض أن يوحى لنا أن الجيش انقض على السلطة الشرعية التي يمثلها رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية، ويذهب آخرون إلى مدى أبعد من ذلك بكثير؛ إذ يشبّهون مرسي بالزعيم التشيلي الراحل سلفادور الليندي.

بكري للمشير طنطاوي..
انت معجون بحب الوطن

وإلى مزيد من الثناء على قادة الجيش حتى السابقين منهم، فها هو مصطفى بكري رئيس تحرير جريدة lsquo;الاسبوعprime; يهيل الثناء على المشير حسين طنطاوي في جريدة lsquo;الوطنrsquo;: يا سيادة المشير أنت لم تغادر المشهد أنت موجود في عقول ضباط وجنود التقيتهم في ندوات ومحاضرات في المنطقة المركزية والمنطقة الغربية والجيش الثاني والثالث، وفي الكلية الحربية، كنت أستمع إلى كلماتهم، كانوا يسمونك lsquo;الوالدrsquo;، المشير والدنا جميعاً، لقد حافظ على الجيش، ووفر له الإمكانات وترك له رصيداً احتياطياً بالمليارات تحسباً لقيام أمريكا بقطع المعونة. يمضي بكري في ثنائه للمشير، أيها الصامت دوماً، أيها المجرد عن المصالح والهوى، أيها الوطني حتى النخاع، أيها الكتوم، أيها العاقل الهادئ العميق المفكر الاستراتيجي أنا أحبك من كل قلبي يشاركني في ذلك ملايين الملايين. وفي يوم الانتصار نذرف الدموع على شهداء سقطوا نتذكرهم لكننا أيضاً نتذكر الرجال الذين حافظوا على الجيش والوطن، وكانوا شركاء في لحظة الفرح الكبير.
إن أبلغ تكريم لك هو أن نحتفل بك جميعاً لنقول لك lsquo;شكراً أيها النبيل، شكراً أيها العظيم، مصر كلها تقول لك شكراً بعلو الصوتrsquo;، هؤلاء الذين حققوا الانتصار هم أبناؤك، وجيشك وأهلك.

يا ترى انت فين يا مرسي؟

السؤال على لسان محمود صلاح في lsquo;اليوم السابعprime; الذي يأتي في اطار حملة السخرية ضد الرئيس المقال: اللهم لا شماتة.. هكذا يقول المصريون.. هذا الشعب الطيب الغلبان الذي تحمل ولا يزال كل أصناف وألوان المعاناة والعذاب، ورغم أن المصري هو الذي قال وغنى يا ظالم لك يوم، إلا أن الشماتة والتشفي ليسا من طباع أهل مصر، ومع ذلك.. يا ترى انت فين يا مرسي؟!
ترى وأينما كان الرئيس المخلوع محمد مرسي في هذه اللحظة.. ترى فيم يفكر، وماذا يقول لنفسه؟ هل مازال نفس المسلم الذي يؤمن بأن المولى سبحانه وتعالى هو الذي يهب من يشاء، ويمنع عمن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء؟
ترى هل يفكر محمد مرسي الآن تفكيرا واقعياً، وهو يستعرض شريط ذكريات العام الذي قضاه رئيسا لمصر، هو وجماعته ومن وراءه؟ هل يسأل مرسي نفسه اليوم وهو في محبسه، أو المكان الذي تحفظ فيه الشعب عليه: لماذا ثار شعب مصر على نظامي ونظام الإخوان؟هل كنت فعلاً وإخواني نعرف حقيقة وطبيعة هذا الشعب، الذي يرفض القوة والظلم، ولا يعرف التطرف والمغالاة؟ ولماذا فشل الإخوان في السيطرة على هذا الشعب، وتغيير هويته؟

كفى الله المؤمنين شر القتال

على الرغم من انه ألد خصوم الرئيس والاخوان إذ عمد على مدار عام مضى على فتح النار ضد حكم الجماعة، إلا ان ابراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة lsquo;التحريرrsquo; يرى انه لم يعد هناك وقت للكراهية والانتقام: لا وقت لنبدده في كلام فارغ عن فلول، فلا فلول بعد اليوم، بل لم يكونوا يوما، لقد عملَت آلة حمقاء على تقسيم الناس ووضعهم تحت ضغط عصبي وإلصاق وصمة بهم، وزالت تماما الفواصل بين مَن تورطوا في استبداد أو فساد، وهم كذلك بضع عشرات، وبين ملايين من المصريين لم يكونوا أكثر من طيبين أعمَتهم نياتهم الحسنة عن أخطائهم السيئة، فلما رفعت الثورة الغشاوة رأوا، إذا بالبعض يدينهم ويَصِمُهم ويلفظهم من دون ذنب إلا الرغبة في امتلاك بعضنا أختام الوطنية وصكوك الثورة! لا وقت للكراهية، فلا تجعلوا من أنفسكم ثوارا تملكون حق منح نياشين الثورة والشجاعة والولاء للثورة لأحد وتنزعونها عن أحد، لا أحد ثوريا ولا توجد على الإطلاق الآن قوى ثورية، وكل من ينسب إلى نفسه هذه الصفة منتحِلُ صفةٍ مزوِّر، فالمصريون كلهم في lsquo;ثلاثين يونيوrsquo; وما بعده قاموا بالثورة، فكل مصري ثوري، وكل ثوري مصري، ولا فضل لعيِّل على عيِّل، ولا لرجل على رجل، ولا لامرأة على امرأة (لكن فضل ستات مصر فوق الكل) لا وقت للكراهية ضد الشرطة، فقد أثبتت أنها استوعبت الدرس العميق وتصرفت بمنتهى الوطنية والمسؤولية. نعم نحاسب المخطئ ونعاقب من أجرم، ومن تَورَّط ومَن عَذّب أو قتل، لكن في إطار العدل، لا الكراهية، لا يمكن أن نستمر في وَصْم جهازٍ بصفاتٍ تَخلَّى عنها، ونحاسبه على ماضٍ اعتذر عنه.

رئيس تحرير lsquo;الاهرامrsquo; يصفع محررة

وإلى بشائر عزل الرئيس على المؤسسات الصحافية القومية، حيث اشتعلت الأوضاع داخل جريدة lsquo;الأهرامrsquo; بعد عزل الدكتور محمد مرسي من منصبه كرئيس للجمهورية، وتجمع نحو 150 صحافياً بجريدة lsquo;الأهرامrsquo; أمام مكتب عبدالناصر سلامة رئيس تحرير lsquo;الأهرامrsquo; لمطالبته بالرحيل باعتباره معيناً من قبل الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى صهر مرسي، التابع للإخوان، واعتدى سلامة على الصحافية الزميلة سحر عبدالرحمن بالضرب، وصفعها على وجهها، ما أدى لإصابتها بحالة إغماء وإعياء، وجرى الاتصال بالشرطة لتحرير محضر بالواقعة واحتشد الصحافيون في صالة تحرير lsquo;الأهرامrsquo; واتهموا رئيس التحرير بتجميل نظام محمد مرسي والانقلاب عليه عقب عزله، مطالبين برحيله ورحيل ممدوح الولي رئيس مجلس الإدارة. وعقد اتحاد شباب صحافيي lsquo;الأهرامrsquo; اجتماعاً أمس لمناقشة مستقبل المؤسسة ووضع خارطة طريق لها لتسيير أعمالها وطرح أسماء بديلة بدلاً من lsquo;سلامة والوليrsquo;. من جانبها، قررت الجمعية العمومية لـrsquo;الأهرامrsquo; إقالة ممدوح الولي رئيس مجلس الإدارة، لإخلاله بواجباته الوظيفية وتعطيله لقرارات الجمعية العمومية التي اتخذتها قبل توليه المنصب، وطالبت بحل مجلس إدارة lsquo;الأهرامrsquo; وإقالة رئيس التحرير، ومحمد خراجة رئيس تحرير lsquo;الأهرامrsquo; المسائي وطالبت الجمعية باختيار رؤساء جدد، وتشكيل لجنة من حكماء الصحافيين لاقتراح أسماء، مطالبين بتجنب اعتماد ممدوح الولي في إدارة الشؤون المالية والإدارية للمؤسسة، وتفويض عمر سامي لحين تعيين رئيس، وإلغاء قرارات lsquo;الوليrsquo; بتشكيل 18 شركة من شركات الأهرام للاستثمار ومجلس إدارة لجامعة الأهرام الكندية.