موسكو ndash; رائد جبر

تداعيات المشهد المصري والهزة التي تعرضت لها مواقع laquo;الإخوان المسلمينraquo; في مصر، شجعت كثيرين في روسيا على إعلان مواقف لم تكن تنشر على الملأ حتى وقت قريب.

وعلى رغم أن الجماعة مدرجة على لائحة الإرهاب الروسية منذ العام 2003، لأسباب قد تكون laquo;بيروقراطيةraquo;، كما قال أحد المسؤولين ذات يوم، لم تكن الأوساط الإسلامية الروسية تلتفت كثيراً إلى هذا الأمر، ونادراً ما كان يتذكر بعضهم ذلك في إطار التلميح إلى أن اعتبار laquo;الإخوانraquo; منظمة إرهابية لا يستند إلى أسس قوية، لأن الجماعة لم ترتكب اي جرم على الأراضي الروسية. وذهبت وسائل إعلام روسية وأقلام جادة إلى إطلاق دعوات لشطب تنظيم laquo;الإخوانraquo; من لائحة الإرهاب. وتزايدت هذه الدعوات إبان قيام الرئيس المعزول محمد مرسي بزيارته اليتيمة لروسيا في نيسان (أبريل) الماضي.

لكن دوام الحال من المحال. وبدلاً من تلك الأصوات، أسفرت التطورات الأخيرة في مصر عن بروز دعوات أخرى، غدت أكثر قوة وتأثيراً.

إذ شنّ رجال دين وخبراء مقربون من مطبخ القرار الروسي، هجوماً عنيفاً على laquo;الإخوانraquo; وكل laquo;مَن يشاطرهم الآراء في روسياraquo;، في مشهد عَكَس تباعد المواقف بين المؤسسات الدينية الرسمية، والمنظمات الاجتماعية لمسلمي روسيا التي اتخذ بعضها موقفاً مغايراً من الحدث المصري.

وفي حين تعاملت وسائل الإعلام التابعة للفريق الثاني، وغالبيتها إلكترونية، بحذر مع laquo;تحرك الجيشraquo; المصري، وركزت في تغطياتها على نشاط الموالين لـ laquo;السلطة الشرعية المنتخبةraquo;، شنَّ عدد من رموز الإدارات الدينية لمسلمي روسيا، حملة واسعة للتذكير بأن جماعة laquo;الاخوانraquo; هي laquo;تنظيم إرهابي أثبتت التطورات أنه لم يتخلَّ عن ماضيه الإجراميraquo;، كما قال رئيس مجلس العلماء التابع لدار الإفتاء الروسية فريد عليموف. ولاحظ أن laquo;عاماً واحداً من حكم الإخوان تسبّب في تحطيم وحدة الشعب المصري الوطنية، وحدوث انشقاق في القيادة الروحية في بلاد النيل، وتأجيج فتنة بين الأقباط والمسلمين، وإثارة اضطرابات وصراعات بطابع دينيraquo;. ورأى رجل الدين الروسي أن laquo;إصلاح ما خرّبه الإخوان يحتاج الى فترة طويلة وجهوداً مضنية في مصر والبلدان الأخرى العربيةraquo;.

وحذر من أن laquo;الجماعة الإرهابية سعت إلى السيطرة على كل منطقة الشرق الأوسطraquo;، مطالباً بـ laquo;منع الزعيم الروحي للتنظيم (الشيخ يوسف) القرضاوي وأي من مؤيديه وحاملي أفكاره من الدخول إلى روسيا لأنهم يُعدّون أعداء لها ولمسلميهاraquo;.

أما مدير مركز الأديان والإثنيات في منطقة حوض الفولغا، ريس سوليمانوف فاعتبر أن laquo;انهيار النظام السياسي للإخوان المسلمين في مصر يؤكد مجدداً أن وصول المتطرفين الإسلاميين إلى الحكم يقود نحو الدمارraquo;. وقال إن laquo;العالم يتذكر فترة حكم محمد مرسي بوصفها عام الاضطرابات في بلاد الأهرام، وعام القتل والترهيب وكمّ الأفواه والاعتداءات على الصحافيين والصحافيات، وكذلك طرد المسيحيين الأقباطraquo;.

ونبّه سوليمانوف إلى أن المهم laquo;عدم التفريق بين الإخوان على أساس معتدلين ومتشددين من أجل تخفيف العقوبات المطلوبة ضدهمraquo;.

ولا يخفي خبراء مستقلون أن هذه المواقف تعكس اقتناعاً بأن الحدث المصري أتاح فرصة مهمة للإدارات الدينية في روسيا، من أجل إطلاق النار على من يخالفها في الرأي، وكما قال أحدهم: laquo;هذا التوقيت هو الأنسب للفت الأنظار إلى نشاط مجموعات هدامة في روسياraquo;.

الأمر ذاته عكسته بجلاء عبارات سليمانوف: laquo;مؤيدو الإخوان، ومن يشاطرهم أفكارهم وأيديولوجيتهم في روسيا، يحاولون بكل السبل استغلال الإمكانات لإيجاد التبريرات، وتوفير دعم للرئيس المخلوع مرسيraquo;. ودعا إلى laquo;تشديد العقوبات على أنصار الإخوان المسلمين في روسيا، وإنزال أقصى العقوبات بهم، بناء على قرار المحكمة العليا الروسية التي اعتبرت في العام 2003 أن الجماعة منظمة إرهابيةraquo;.

وذهب أبعد من ذلك، معتبرا أن laquo;الوقت حان من أجل تطهير وسائل الإعلام الروسية من أنصار الإخوان والمؤيدين لهم، والمروّجين لأفكارهم، كما فعل الجيش المصري بإغلاق قنوات تلفزيونية، وهذه الخطوة تصب في مصلحة الشعوب الروسية، ومنع أية توجهات مغرضة لزرع فتنةraquo;.