رجا طلب

رغم الفرح الذي اعتمر صدور وقلوب الكثير من اللبنانيين والعرب الذين استقبلوا خبر بدء جلسات المحكمة الدولية لاغتيال رفيق الحريري في لاهاي بعد تسع سنوات من اغتياله بنشوة الشعور بالانتصار، فان المنطق يتطلب منهم التفكير في رد الفعل المتوقع للطرف الاخر والمتمثل بحزب الله وايران وسوريا.
فهذا المحور الذي بات متهما رسميا من قبل الادعاء العام للمحكمة، لن يسكت ابدا على ما يجري في لاهاي، وهو الان في حالة laquo; جنون laquo; وخروج عن السيطرة بعد ان باتت المعركة ذات عنوان طائفي وساهم هذا المحور الايراني - السوري عبر داعش والقاعدة في تاجيجها.
ماذا سيفعل هذا المحور بعد ان اتهمته محكمة لاهاي رسميا باغتيال الحريري ؟
ليس امامه الا ما يلي :
اولا: قيام ايران ومخابراتها في تعزيز المعارك ذات الطابع الطائفي في العراق وسوريا ولبنان وهذه مهمة ايرانية محضة وسيكون تنظيم داعش هو العنوان الاساسي لتلك المعارك لكونه يتبع استخباريا لمخابرات طهران والمخابرات السورية.
ثانيا: تقديم حزب الله تنازلات مدروسة بشان تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة برئاسة المكلف تمام سلام، وهي تنازلات غير جوهرية الهدف منها اظهار الحزب وكأنه ليس صانعا للمشاكل في لبنان بل العكس يعمل على حلها.
ثالثا: العمل على استفزاز اسرائيل من قبل حزب الله باي طريقة كانت لاستدراج اسرائيل لمعركة ما في لبنان للتغطية على المحكمة واعتبار ما يجري في لاهاي جزءا من الحرب على ما يسمى laquo;بالمقاومةraquo;.
رابعا: الاستمرار في نهج الاغتيالات وهذه المرة من المتوقع ان تطال من هم مع الحريري ومن هم من الشخصيات التى باتت عبئا على حزب الله والنظام السوري، والهدف من وراء ذلك خلط الأوراق.
القرار الايراني يتمثل في تفجير محكمة لاهاي ومن لبنان وسوريا والعراق عبر عنوان حرب طائفية كبرى،
ستجد صداها في طرابلس شمالي لبنان وفي صيدا جنوبي لبنان والبقاع وبيروت، ستشكل الخطوات السابقة مجتمعة نوعا من تفريغ المحكمة من مضمونها حتى لو قضت باية قرارات فالمتهمون ليسوا وراء القضبان، وحتى لو كانوا وراءها واعترفوا ان الاوامر جاءتهم من حسن نصر الله مباشرة، فالسؤال من هي الجهة القادرة على جلب نصر الله او غيره من قيادات حزب الله الى المحكمة الدولية؟ لا اعتقد ان هناك قوة ما مؤهلة لهكذا مهمة.
النتيجة الابرز التي يمكن الخروج فيها من المحكمة الدولية هي الادانة السياسية والاخلاقية لحزب الله وزعيمه على اغتيال الحريري الذي كان يشكل من الناحية العملية نموذجا للبنان المستقر - المستقل والمعتدل، وكان قرار اغتياله هدفه المباشر اضعاف الدولة اللبنانية وتكريس هدف laquo;اقامة دولة حزب اللهraquo; داخل الدولة اللبنانية وهذا ما حصل فعلا.
لبنان على موعد مع شتاء ساخن ليس في لاهاي بل بسبب لاهاي التي ستكون محط انظار اللبنانيين والعالم خلال الفترة القادمة.