راجح الخوري
&

خاض الحوثيون ست حروب ضد الدولة اليمنية. الحرب السابعة التي كرست سيطرتهم على صنعاء أسقطت اتفاق "السلم والشركة الوطنية"، وقبل ان ينهي الرئيس عبد ربه هادي منصور التوقيع عليه كانت قوات عبد الملك الحوثي تسيطر على الوزارات والثكن التي لم تقاوم بأمر من وزير الداخلية المحسوب على الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي تعاون ضمناً مع الحوثيين المدعومين من ايران رداً على ازاحته من السلطة.

لن يتمكن الحوثيون من حكم اليمن، الذي لم يقدر أحد على حكمه من قبل، لا العثمانيون ولا البريطانيون ولا جمال عبد الناصر، فقد مرّغ الجيش المصري في جبال اليمن الشاهقة ووديانه السحيقة علم ١٩٦١ عندما ارسل ٧٥ ألف جندي لقتال عبدالله السلال لكن دون جدوى!
اليمن بدأ ينزلق سريعاً الى حرب مذهبية بغيضة تغذيها كراهيات مذهبية بين السنّة والشيعة وتتقاطع فوقها أحقاد جهوية وحساسيات قبلية، ولا يغالي المبعوث الأممي جمال بن عمر عندما يصف الوضع بأنه خطير، وان ما حدث كان نتيجة حسابات خاطئة ارتكبها جميع الاطراف، وان ما زاد من انزلاق الوضع اعتماد جماعة "انصار الله" اي الحوثيين واطراف اخرى العنف وسيلة للسيطرة، اضافة الى الدور الانتقامي الذي لعبته زعامات النظام السابق التي تحالفت مع الحوثيين.
لكنه تحالف انهار فوراً على ما يبدو، فعلي عبدالله صالح يقول ان الحوثيين سيسقطون سريعاً وان عمليات السلب والنهب والتعديات على المواطنين ستعجّل في انهيارهم "وان السياسة الحوثية لا تختلف عن سياسة الاخوان المسلمين، ومن الطبيعي ان تنهار سيطرتهم". في المقابل وجّه القائد الحوثي ابو علي الحاكم تهديداً الى صالح بقوله: "يعتقد علي عبدالله صالح ان ألاعيبه ستنطلي على "انصار الله"، وفي اعتقاده انه سيعود حاكماً لكن مكره لن يمر ونحن له بالمرصاد"!
صحيح ان الحوثيين ألحقوا الهزيمة بشيوخ قبيلة حاشد من آل الاحمر واللواء علي محسن الاحمر الذي خاصم صالح، وصحيح انهم ضربوا "حزب الاصلاح" الاسلامي المتطرف وزعيمه عبد المجيد الزنداني، لكن الصحيح ايضاً انهم سيواجهون مقاومة سرعان ما ستجرف اليمن الى الحرب الأهلية، وان الفرصة ستصبح متاحة اكثر من ذي قبل لانفصال الجنوب ووقوعه في ايدي الاسلاميين من "انصار الشريعة" الذين نفذوا قبل يومين ثلاث عمليات تفجير ضد الحوثيين في مأرب وفي البيضاء وفي تعز.
عندما اتّهم عبد ربه هادي منصور ايران صراحة بأنها تريد إحداث الفوضى في اليمن وإحراقه مثلما فعلت في دمشق وبغداد، كانت طهران تتحدث عن "انتصار الثورة الاسلامية" في صنعاء، وهذا ليس اكثر من دليل على قرع طبول الحرب المذهبية التي ستمزق اليمن!
&