أحمد الفراج
الإمبراطورية الأمريكية لا يحكمها الرئيس وحده، حتى لو كان يلقّب بزعيم العالم الحر، فالسلطة في هذه القارة تتقاسمها ثلاث جهات سيادية: الرئيس، ومجلسيْ النواب والشيوخ (الكونجرس)، والمحكمة العليا، وقد عمد الآباء المؤسسون للولايات المتحدة على أن لا ينفرد شخص، أو جهة واحدة بالقرار، وهؤلاء الآباء كانوا من خيرة زعماء ومفكري القرن الثامن عشر، ومن أبرزهم جورج واشنطن، وتوماس جيفرسون، وجون آدمز، ولا يزال الدستور الذي كتبوه قبل أكثر من قرنين سارياً حتى اليوم، عدا بالطبع عن تعديلات بسيطة، اقتضتها مصلحة الوطن العليا، خلال التاريخ الأمريكي الطويل.
ما يهمنا هنا هو انتخابات الكونجرس، والتي ستقام غداً، إذ سيتم انتخاب جميع مقاعد مجلس النواب، وعددها 475 مقعداً، وثلث مقاعد مجلس الشيوخ، أي 33 مقعداً، إذ إنّ عضو مجلس النواب يتم انتخابه لمدة سنتين، بينما ينتخب عضو مجلس الشيوخ لمدة ست سنوات، وبالتالي فإنّ هناك انتخابات كل عامين، يتم خلالها انتخاب كامل أعضاء مجلس النواب، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وما يهمنا في انتخابات الغد هو انتخابات مجلس الشيوخ، إذ إنّ الجمهوريين يسيطرون على مجلس النواب، وكل الاستطلاعات تؤكد أنهم سيواصلون هيمنتهم على المجلس في انتخابات الغد، أما مجلس الشيوخ فإنّ الديمقراطيين يسيطرون عليه حالياً، وتشير معظم استطلاعات الرأي إلى أنّ الجمهوريين قد يتمكنون من الفوز بستة من المقاعد التي يسيطر عليها الديمقراطيون حالياً، وبالتالي يحكمون قبضتهم على كلا المجلسين (الشيوخ والنواب).
حسناً، ماذا يعني هذا إن حصل، وكيف تتم قراءته سياسياً؟!. ستكون سيطرة الجمهوريين على مجلسيْ الشيوخ والنواب كارثة من عيار ثقيل على الرئيس الديمقراطي، باراك أوباما، والذي يعاني الأمرّين، منذ فترة طويلة، رغم سيطرة حزبه على مجلس الشيوخ، فكيف سيكون الحال في حال سيطر خصومه الجمهوريون على كلا المجلسين، إذ سيصبح مثل البطة العرجاء، حسب تعبير الأمريكيين، فالرئيس المحظوظ هو الذي يسيطر حزبه على الكونجرس بمجلسيه، وهذا قليلاً ما يحدث، أما من يسيطر حزبه على أحد المجلسين، فإنه يستطيع تمرير بعض سياساته على الأقل، أما خسارة حزب الرئيس لكلا المجلسين فإنه قيد من حديد، يكبل الرئيس، ويعطل سياساته، خصوصاً في ظل الحرب الشعواء بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حالياً، والتي وصلت درجات غير مسبوقة من التباعد، والتنافر، وخلاصة الحديث هي أنّ الرئيس أوباما ينتظره مستقبل حالك السواد، خلال العامين اللذين تبقيا من فترة رئاسته الثانية، وذلك إن صدقت توقعات استطلاعات الرأي، وخسر حزبه الديمقراطي السيطرة على مجلس الشيوخ، فلننتظر الغد، ونرى ماذا يحدث!.
&
التعليقات