&&ينشغل اللبنانيون منذ ثلاثة ايام، بما سمّي «قنبلة فضائحية» فجّرها وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور، تتعلق بالأمن الغذائي، من خلال كشْفه لوائح إسمية بمتاجر ومطاعم مخالفة لمعايير الحفاظ على الصحة الغذائية، في وقت عادت معه ملامح تسلُّل الأخطار الأمنية الى التزايد التصاعدي.
وإذ غلبت على المشهد الداخلي في اليومين الأخيرين وصولاً الى الجلسة الدورية لمجلس الوزراء، امس، ترددات الجدل الذي أثارته خطوة وزير الصحة، بدا الوضع على الحدود الشرقية للبنان مع سورية مثيراً للقلق المتجدّد، وخصوصاً لجهة إمكان انعكاس التطورات الحاصلة هناك على مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين منذ 2 اغسطس الماضي لدى تنظيميْ «جبهة النصرة» و«داعش» في القلمون السورية وجرود عرسال.
وتصاعدتْ الخشية لدى الجهات الأمنية اللبنانية من ربْط مصير الوساطة القطرية الجارية في شأن المخطوفين بالتطورات الميدانية الجارية في منطقة القلمون السورية، عقب تطور مفاجئ برز، ليل أول من امس، اذ شن الطيران السوري غارات عنيفة على مواقع جبهة «النصرة» في نقاط قريبة من جرود عرسال لجهة فليطا السورية، وتبيّن وفق المعلومات التي تبلغتها جهات عدة في لبنان، ان هذه الغارات أدت الى إيقاع عدد كبير من القتلى في صفوف الجبهة.
وما أثار خشية الجهات اللبنانية المعنية، مسارعة «النصرة» الى اتهام الجيش اللبناني بالمشاركة في القصف على مواقعها، وزعمها ان الجيش استهدف أمكنة احتجاز العسكريين المخطوفين لديها.
ورغم ان الجيش اللبناني لم يتأخّر، ليل أول من أمس، في إصدار بيانٍ نفى فيه نفياً قاطعاً ان تكون مدفعيته قصفت اي موقع في جرود عرسال، فإن اتّهام «النصرة» للجيش أثار قلقاً واسعاً من إمكان ان يكون هذا التنظيم وجّه رسالة تهديدٍ مبطنة بإمكان تصفية عسكريين تحت وطأة تعرُّضه لضغط عسكري من جانب النظام السوري او الجيش اللبناني.
وأبلغت مصادر مطلعة على الوضع الميداني في القلمون «الراي» ان ثمة ما يؤشر الى حصول تطورات وشيكة هناك وسيكون لبنان معنياً بمراقبتها بدقة. فمن جهة لا يمكن للتنظيمات الأصولية المتمركزة في القلمون وجرود عرسال ان تبقى طويلاً من دون محاولة ايجاد منافذ الى مناطق دافئة وسط زحف الصقيع في مرتفعاتٍ يصعب تحمّلها وخصوصاً مع حصارٍ غذائي ولوجستي من الجانب اللبناني. كما انه يبدو ان النظام السوري ومعه «حزب الله»، وهذه التنظيمات يعدان كلٌّ من جانبه لمعركة كبيرة في منطقة الزبداني التي تُعدّ امتداداً حيوياً لجبهة القلمون. وإذا كان من الصعوبة بمكان التكهن بما قد تؤول اليه هذه المعركة المحتملة بقوة، فان لبنان سيكون معنياً بالقلق الكبير من تمدُّد انعكاساتها الميدانية الى المناطق المتاخمة للحدود سواء في جرود عرسال ام في مناطق اخرى مرشحة لتلقي الانعكاسات.
واشارت المصادر نفسها، الى انه على رغم الكتمان الشديد الذي يغلف اجتماعات خلية الأزمة الحكومية اللبنانية في شأن تطورات الوساطة القطرية في ملف العسكريين، فانه يبدو ان التطورات الأخيرة دفعت بالخلية الى طلب تحرك الموفد القطري على وجه السرعة تجنباً لإقدام «جبهة النصرة» على اي مَسٍّ بأي من الرهائن العسكريين، من دون ان تتضح بعد طبيعة تحركات هذا الموفد ولا مضامين المفاوضات التي يتولاها.
غير ان ما فُهم في هذا المجال هو ان الحكومة سارعت، ليل أول من امس، الى تكليف الوزير وائل ابو فاعور واللواء محمد خير الاجتماع مع أهالي المخطوفين العسكريين المعتصمين وسط بيروت، ونقل تطمينات اليهم بان الحكومة تتحرك بسرعة لمنع خروج مسار المفاوضات التي يتولاها الوسيط المكلف من قطر عن سكّتها، والتقليل من جدية التهديدات المبطنة التي أطلقتها «النصرة» لانها يصعب ان تفرّط الان بورقة الرهائن فيما يمتلك الجانب اللبناني أوراق قوة عدة من شأنها ان تضمن بالحد الأدنى تجنب التنظيمات الارهابية اي خطوة تصعيدية خطرة على حياة العسكريين المخطوفين.
وفي موازاة ذلك، كُشف ان عائلة العسكري المخطوف خالد الحسن زارت في الساعات الماضية ابنها المحتجز لدى تنظيم «داعش» في جرود عرسال، علماً انها المرة الأولى يسمح فيها تنظيم «الدولة الاسلامية» بالتواصل وجهاً لوجه بين اي اسير وذويه، على عكس «النصرة» التي سبق ان أتاحت لأكثر من عائلة زيارة مخطوفين من أبنائها.
&
التعليقات