يوسف الكويليت

حضور سمو ولي العهد وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز قمة العشرين الاقتصادية في «برزبن» حضور يفوق معظم المؤتمرات القارية والإقليمية، إذ لأول مرة بالتاريخ يصبح الصوت العربي ممثلاً بالمملكة في الحشد الهائل لأقوى الدول مساوياً لغيره في هذا النادي الكبير والهام، ولحوار أهم النقاط الأساسية للحركة الاقتصادية التي هي الهم الأكبر للأغنياء قبل الفقراء والتمثيل حين يأتي من خلال الرجل الثاني بالمملكة، وصاحب الخبرة والتجربة الثرية بجانب رؤساء دول العالم المؤثرين في مسيرة التاريخ الحديث، يؤكد أن المملكة الجبهة الأساسية في خطوط الدفاع عن العرب والعالم الإسلامي..

فسمو الأمير سلمان الرجل الذي عرفناه ملتحماً مع كل فئات مجتمعه، هو من يقف على منصة هذا المنتدى الكبير يتكلم باسم دولته ووطنه كرجل لم تختار بلده الصدف أو المجاملات وإنما حجمها المالي والسياسي والروحي، حتى أن الدوائر الخارجية اعتبرتها المؤثر، ليس في سياسة النفط وحده، وإنما بالاستقرار الاقتصادي العالمي كأحد المؤثرين في استقراره، وهذا التقدير العالمي لا يرافقه موقف عربي يوظف تلك القدرة لمصالحه رغم الدعوات التي قامت بها المملكة ونظرت إليها من زوايا العمل المشترك، تماماً مثلما ينظر الأوروبيون لألمانيا كقائد، أو الآسيويون للصين واليابان كعضوين فاعلين في تمثيل قارتيهما رغم وجود أعضاء هم أقل نفوذاً وقوة..

فالاقتصاد اقترن بالفعل السياسي، ونفس المنتدى المنعقد سوف لا يكون مرتكزاً على جانب واحد من القضايا المتشابكة بين معظم الدول، وخاصة خلافات الغرب وأمريكا مع روسيا أو الصين كراع لكوريا الشمالية التي تهدد محيطها أو مسائل الإرهاب والحروب والمجاعات والأمراض لأن العالم متشابك ولم يعد العزل قائماً بين حيز جغرافي وآخر في حدث أو قضية، لكن الفارق أن الأصدقاء - الأعداء لا تفرقهم السياسات مهما تصاعدت الأزمات بل تجمعهم المصالح، ولذلك تحل التعقيدات بينهم بالحوارات، وهو ما تفتقده أمتنا العربية وعالمنا الإسلامي، بل هناك من ينظر إلى عضوية المملكة بهذا المنتدى الهام والكبير بمال النفط، وكأن أي دخل قومي ليس له عائد في التنمية الداخلية والعلاقات الخارجية..

لقد فرزت المملكة نفسها بأن أصبح ركناً عالمياً يعزز ذلك أنها من أكبر المانحين للصناديق الخاصة بالمساعدات الدولية الخيرية، وأهم رافد للاقتصادات العربية في كل الأزمات والظروف، والداعية للاعتدال، وإدارة الحياة السياسية بمنطق العقل لا حالات الانفعالات السريعة في محيط كوني يحقق إنجازات كبيرة، بينما أمتنا تتقاتل باسم مذاهبها ومكوناتها الاجتماعية التي فجرت غضب الشارع لتستغله قوى داخلية وخارجية في هدم المدن والقرى على أصحابها وتمزيق خارطة الوطن الواحد..

أستراليا وقبلها غيرها في عقد تلك القمم رأت في المملكة قوة نفوذ لكنه معتدل ومتسق مع السياسات المتوازنة في عالم اليوم، وكنا نتمنى رؤية أعضاء من وطننا العربي والعالم الإسلامي لنشكل إطاراً لعمل واحد مؤثر في السياسات الدولية، وهو ما لم يتحقق، لكن المملكة تبقى الصديق الداعم والممثل الحقيقي لها في هذا المنتدى الكبير وغيره.
&