رأت الممثلة العالمية سلمى حايك أن الخوف يلعب دوره في جعل المخرجين في هوليوود لا يجدون مكاناً للمرأة العربية في أفلامهم، لافتة إلى أن الصورة النمطية لتلك المرأة هي المسيطرة في الأفق. وأضافت حايك - خلال جلسة حوارية جمعتها بممثلي الصحف العربية على هامش حضورها لعرض فيلم «النبي لخليل جبران» الذي شاركت في إنتاجه وحضرت بصوتها في التمثيل - أنها بحثت طوال سنوات عن أفلام تؤدي فيها دور سيدة عربية، لكن ذلك كان بمثابة المستحيل بالنسبة إليها.
&
حايك، المكسيكية من أصل لبناني، كانت قد كشفت خلال مؤتمر صحافي جمعها بطاقم عمل فيلم «النبي» قبل اللقاء، عن أنها تعرفت إلى كتاب «النبي» لجبران خليل جبران في طفولتها حين كانت تراه فوق طاولة إلى جانب سرير جدها، وحينها كانت تلفتها صورة جبران. وبعد وفاة جدها، وفي سن المراهقة، وقع الكتاب نفسه بين أيديها واستعادت الصورة ذاتها لجبران مكانها في ذاكرتها، عندها قرأت الكتاب الذي عرّفها إلى إرثها.
&
وهي إذ لا تزال متمسكة بجذورها اللبنانية وتفتخر بذلك، ما زالت تتذكر كيف أنها لم تكن تفرّق بين الكبّة والتاكوس، أيهما لبنانية وأيهما مكسيكية، حتى بلغت سن الثانية عشرة من عمرها، كاشفة عن أن جدها اللبناني كان متحدثاً سيئاً للغة الإسبانية وأنه كان لا يتناول سوى الطعام العربي، ولا يستمع إلا للأغاني العربية.
&
• هل صنع فيلم «النبي لخليل جبران» كان من أجل غاية تجارية أم مجرد عرضه في المهرجانات؟
&
-كان لغاية تجارية، وبالطبع ليعرض في مهرجانات وفعاليات أخرى. ربما هو ليس صناعة كبرى مثل فيلم «Frozen» وغيره من أفلام الرسوم المتحركة، ولكنه ليس مخصصاً فقط للمهرجانات.
&
• بما أنك تكلمت عن «Frozen» والرسوم المتحركة بشكل عام، لماذا لم يُصنع بطريقة التصوير ثلاثي الأبعاد «3D»؟
&
-لربما كان من الممكن، ولكن لم تتوافر لنا الأموال لفعل ذلك.
&
• ذكرت خلال المؤتمر، أن الدافع الأساسي وراء اطلاعك على كتاب جبران كان جدك. فهل هذا الأمر سيفتح الباب أمام إنتاجات مقبلة من مؤلفات لبنانية. وهل سنرى أعمالاً أخرى من النمط نفسه؟
&
-بحثت طوال سنوات عن أفلام أؤدي فيها دور سيدة عربية، لكن هذا بمثابة المستحيل لأنه لم يوجد من أدوار لسيدات عربيات في الأفلام. ولكن بقدر ما أحب أن ألعب دور سيدة عربية في فيلم، لا أعتقد الآن أنها فكرة جيدة، بل أفضّل أن تسعى ممثلة أخرى لتطلع بدور سيدة عربية في أحد الأفلام الغربية. أنا فخورة جداً بخلفيتي وأصلي اللبناني والعربي، لكن لسوء الحظ لا تتوافر أدوار لسيدات عربيات في صناعة الأفلام.
&
• لكنك قدمت عملاً عن رواية للكاتب المصري نجيب محفوظ؟
&
-حصل اقتباس لرواية كتبها الكاتب المصري الكبير الحائز على جائزة نوبل. وقد اقتبس هذا الكتاب في المكسيك، فبدت المكسيك وكأنها مصر ونجح الأمر تماماً، وأحد لم يعرف الفرق.
&
أعلنها للمرة الأولى، هناك إمكانية لأن ألعب دور سيدة مصرية في مسلسل أميركي، علماً أنني سبق لي أن لعبت دور سيدة إيرانية.
&
• شاركت في مهرجان القاهرة قبل ذلك، ونراك حالياً في مهرجان الدوحة. كيف ترين المهرجانات العربية وما الذي ينقصها؟
&
-أعتقد أن هذا المهرجان بمثابة مثل يحتذى به وبمثابة قدوة للمهرجانات الأخرى. إنه مثير جداً للاهتمام لأنه موجه للشباب الذي يعطيهم إمكانية التعبير عن أنفسهم وآرائهم عبر الفن. ويمكن لمهرجانات أخرى أن تستمد الدروس من هذا المهرجان، فهو لم يحاول أن ينسخ مهرجانات أخرى، بل أوجد نوعاً جديداً من المهرجانات. لا يوجد فيه 4 أو 5 محكّمين، بل 400 محكّم، وهم ليسوا من الممثلين أو المخرجين، بل من الشباب، وهذا هو المذهل. شباب من أنحاء المنطقة كافة.
&
• هل فكّرت بتقديم دور امرأة عربية تتكلمين فيه بالعربية؟
&
-لا أتحدث العربية، لأن والدي حين كان صغيراً كان يعيش في المكسيك والجميع يتحدث الإسبانية. وحين وُلدت. جدي كان يتحدث الإسبانية بشكل سيّئ. كان يستمع فقط إلى الأغاني العربية ويأكل المأكولات العربية فقط. لم أكن أعرف الفارق بين الكبة والتاكوس حتى بلغت الثانية عشرة من عمري. لم أكن أعرف أيهما لبنانية وأيهما مكسيكية. وقيل لي إن عليّ الزواج بلبناني.
&
• تحدثت عن بحثك عن دور لامرأة عربية، هل تعرفين عن قضايا المرأة العربية؟
&
-بالطبع، أنا مطلعة جيدة على القضايا التي تخص المرأة العربية، ولسوء الحظ هذا أحد الأسباب التي لا تدفع هوليوود إلى إيجاد أدوار لنساء عربيات في أفلامها. فالمخرجون في هوليوود يخشون من خلال أي قصة أو رواية أو فيلم أن يتسببوا بالإهانة إلى أي دولة أو أي طرف أو فكر عربي، إذ ربما قد يولد لهم ذلك المتاعب. ومن هنا فهم يمتنعون عن القيام بأي مشروع تأخذ فيه دور امرأة عربية. ولسبب ما يعتقد المخرجون في هوليوود أن من المقبول أكثر أن يصنعوا أدواراً شريرة لرجال عرب على إعطاء دور بطلة مثلاً لسيدة عربية. بالطبع بالنسبة إلي هذا أمر مثير للجدل.
&
• هل كل من يعمل في صناعة السينما في هوليوود يفهمون هذا الأمر؟
&
-أنا أصلاً كامرأة مكسيكية كان الأمر صعباً عليّ، فكيف كعربية! الأفلام التجارية ليست مهتمة بامرأة لا يمكنها أن تعبّر عن رأيها ولا يمكنها أن تخرج للعالم أو الا يمكن للآخرين أن يروها. في هذا النوع من الأفلام يجب أن نتعرف إلى الشخصية وألا تبقى صامتة وغير مرئية.
&
• ولكن هذه الصورة نمطية؟
&
-بالطبع ليست كل النساء كذلك، ولكن المخرجين في هوليوود يخافون أن يخرجوا عن هذه الصورة المنمّطة للسيدة العربية، ولكن قد تصنع قريباً قصة جميلة عن سيدة عربية مع أحصنة، لا سيما أن هناك أحصنة رائعة في منطقة الشرق الأوسط. حتى بالنسبة إلى هذا الموضوع، فهو مثير للجدل: هل ستتمكن هذه السيدة من المشاركة في الألعاب الأولمبية والتنافس مع رجال ونساء آخرين!
&
• بعد سنوات من عملك في السينما، ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها؟
&
-كفنانة قد أقول إن رسالتي هي أنه يجب على كل واحد منا أن يبحث عن الإنسان في ذاته وأن يتعرف جيداً إلى شخصيته. كفنانة أيضاً لا يمكنني أن أصدر الأحكام، فإن فعلت لا يمكنني أن أؤدي أدواراً مختلفة أو أن أقول إن هذا يعجبني وذلك لا. وكإنسان أؤمن أن داخل كل واحد منا عظمة وخير وسحر. رسالتي، هي أن في داخل كل منا بالطبع الكثير من العظمة. فحين نخلد إلى النوم، غالباً ما نحلم بأننا نطير، نختبر أن جسمنا خفيف ويطير، ونحن كبشر نستخدم 3 في المئة فقط من دماغنا، لذلك أؤمن إيماناً شديداً بأن في كل منا الكثير من الأمور الجيدة والطيبة والعظيمة والمذهلة. وإذا تمكنا من إيجاد ما هو مذهل في داخلنا، يمكننا أن نجترح العجائب ونجعل من العالم مكاناً أفضل. ولكن بالطبع نحن كبشر في المقابل ضعفاء ويعترينا الخوف ولدينا الكثير من المشاكل والمتاعب، ولكن حين نواجه الخوف والمتاعب، يجب أن نتذكر أيضاً كل ما هو مذهل.
&
• قلتِ إنك لا تبكين عادة، ولكنك بكيت عندما شاهدتِ فيلم «النبي لخليل جبران» كما تبكين حين تشاهدين لعبة كرة القدم. كيف تفسرين ذلك؟
&
-بحكم عملي كثيراً في مجال المساعدة الإنسانية وزرت قارات وأماكن فقيرة جداً مثل أفريقيا والهند والكثير من المناطق في أميركا الوسطى، كما ذهبت إلى كالكوتا وسيراليون... أي أكثر الأماكن فقراً حيث ينعدم الأمل، ورأيت الأطفال هناك يصنعون كرة من الورق ويلعبون بها ويتشاجرون ويركلون الكرة وينسون كل همومهم. وأنا حين أشاهد لعبة كرة القدم أرى الجميع يركضون وراء الكرة ويتحمسون وهذا ما يؤثر بي. حتى الأميركيون الآن فهموا أهمية لعبة كرة القدم.
التعليقات