مطلق بن سعود المطيري

قضية أبناء الداعشيات من متطرفين سعوديين قتلوا في المعارك بسورية والعراق تعد فصلاً مأساوياً جديداً يضاف لجرائم متطرفين سعوديين، ففي حياتهم جريمة وبعد مماتهم جريمة، وبلدهم وذويهم هم دائماً من يدفع ثمن جرائمهم، فقضية هؤلاء الأبناء المساكين ليست قضية انتساب لأب بل قضية انتساب لوطن أنكر آباؤهم الانتساب إليه وسعوا لزعزعة أمنه وقتل أهله، فحقيقة انتسابهم لآبائهم أمر يسر العلم سبل التحقق منه، ولكن انتسابهم لوطن أمر يتعلق بحقوق الوطن أولا وليس بحقوق من أنكر الانتساب إليه أو أبناء من أنكر.

إن بحثنا عن حق هؤلاء الأبناء للانتساب لموطن آبائهم من خلال تجارب سابقة في حالات مشابهة في أفغانستان أو العراق نجد أن الدولة تعطي للأبناء حق الانتساب أو تجنيسهم، وذلك وفقا للقاعدة الشرعية " لا تزر وازرة وزر أخرى" كان هذا عندما كان ينظر للمتطرف على انه إنسان مغرر به أخذته الحماسة الكاذبة لمواقع الإرهاب وقتل هناك وترك ابناً أو بنتاً عن جهل وبسبب جهل، أما اليوم فقد حذرت الدولة من الذهاب للقتال في مناطق الصراع الخارجية، حيث انتفت هنا صفة الجهل وعدم العلم بخطورة الفعل من خلال هذا التحذير، فماذا يعني العلم بالخطورة، هل يعني عدم حق الأبناء بالانتساب لوطن آبائهم؟ الواضح انه يعني ان الآباء ارتكبوا جرائم يعرفون أن لها عواقب، ولم يعد هناك جهل بهذا الأمر، والقياس الطبيعي على هذا الأمر أن المتطرف إذا عاد يعود سعودياً وإن تمت مساءلته فهو سعودي، وكذلك القتيل يموت سعودياً، ويبقى أمر انتساب الأبناء لجنسية أبيهم القتيل أمراً مرجحاً.

جريمة الإرهاب جريمة بحق الدين أولاً وثانياً بحق الوطن والانتساب له.. من ناحية الدين فقد أفتى العلماء الثقات ان هؤلاء المتطرفين خوارج وعملهم ليس من الدين بشيء، فقد نفى الدين بعلم ودين انتسابهم اليه، يبقى الوطن الذي يحتاج أن يكون حق الانتساب إليه أمراً اكثر أهمية وضرورة كالانتساب للوالدين، ولا يكون خياراً يرفض عند الضرورة ويقبل عند الضرورة.. الأبناء ليس لهم ذنب وكذلك الوطن ليس له ذنب، أم عليه دائماً أن يدفع ثمن الإنكار له؟! فالقضية تحتاج للتحديد أكثر، ولإجراء ينصف الوطن أكثر، وهنا علينا أن نتحرر من بعض أوهام الانتساب ونحدد حقيقة انتساب هؤلاء الذين باعوا أوطانهم بثمن لم نعرف حقيقته إلى الآن، ولكنا نعرف أنهم باعوا وطنهم، وقد يكون من الحق أن يكون هناك إجراء يسقط الجنسية عن كل متطرف ذهب للقتال في مناطق الصراع الخارجية، مع التحذير بأن هذا الإجراء يسقط جميع الحقوق المترتبة على انتسابه لجنسية بلده، بما فيها حق أبنائه الذين يأتون نتيجة زواجاته من السبايا أو نساء يشاركنه نفس التوجه، فمن أسقط الوطن من حساباته فلمَ لا يكون حقاً للوطن أن يسقطه - أيضاً - من حساباته؟!.
&