محمد خروب

أحدهما، مسعود برزاني أو رجب اردوغان، يضحك على الآخر او يهزأ منه، أما غير ذلك، فيبدو في عالم اليوم وكأنه «عملة» مفقودة، فكيف يسارع كاك مسعود (كما يناديه انصاره تحبباً) وهو ابن الملاّ مصطفى الذي خبر «خذلان» القوى الحليفة وتلك التي استخدمته كأداة لإضعاف العراق (اقرأ العرب ايضاً) اوالتي امدّته بالسلاح والتدريب وتبادلت معه المعلومات الأمنية والاستخبارية، الى اتخاذ خطوات لاستقلال الاقليم، بعد ان أسقط المادة 140 باعتبار انها قد طبقت بعد استيلاء البيشمركة عليها، ثم اعلانه ان «الكركوك» لن تعود الى ما كانت عليه قبل العاشر من حزيران 2014 وهو تاريخ سقوط الموصل وتداعيات انهيار الجيش العراقي؟


للكرد حقّهم في تقرير المصير، لكن أي من «كردستان التاريخية» التي توزعت (أو تقاسمتها) على اربع دول، أحق بهذا.. اولاً؟ أليست تركيا التي تضم النسبة الكبرى من الكرد، حيث لم يعترف بهم احد من حكام انقرة، من العسكر ام من الاسلاميين، وآخرهم السلطان اردوغان الذي ما يزال حتى اللحظة يلعب لعبة مزودوجة ويستغل التناقضات بين «الكرد» من أجل تمرير مشروعه بإعادة دولة الخلافة (ربما يكون سبقه امير المؤمنين أبو بكر البغدادي) عندما «يغازل» كاك مسعود ويستقبله كضيف شرف في مدينة ديار بكر بلباسه الكردي التقليدي (المحظور على كرد تركيا ارتداؤه) كي يقنعهم بالتصويت لحزب اردوغان AK في الانتخابات البلدية الاخيرة (جرت في 30 آذار الماضي) في مواجهة الحزب المحسوب على اوجلان «حزب السلام والديمقراطية» قبل ان يتحول مؤخراً الى حزب ديمقراطية الشعوب او (الشعوب الديمقراطية).


آخر «تفضلات» السلطان رجب على كاك مسعود، السماح لانصاره داخل المناطق الشرقية والجنوبية ذات الاغلبية الكردية في تركيا، بتأسيس حزب «تركي» يحمل الاسم نفسه الذي يحمله حزب برزاني في العراق وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني.. فهل ينسجم هذا «التماهي» السياسي المحمول على اتفاقات اقتصادية وتجارية وخصوصا بترولية، استثمارية وتسويقية، مع اعلان أنقرة انها «تعارض» استقلال اقليم كردستان العراق؟
ثمة، إذاً قطبة مخفية في هذا اللغز «المعلن»؟


إما ان يكون كاك مسعود وهو الذي لا تغادر ذاكرته – كما ذاكرة الكرد كافة – ان احداً في العالم سوى اسرائيل ربما، لا يؤيد (حتى الان) اي صيغة من صيّغ تقرير المصير للكرد في مناطق تواجدهم الاربع، إلا بعد نضوج ظروف لا تطيح النظام الاقليمي الراهن, حتى لو كان يحمل توقيع الثنائي سايكس- بيكو, ما بالك ان الكرد يتحدثون عن «مظلومية» معاهدة سيفر؟


نقول: قد يكون في ذهن الزعيم الكردي الاكثر «شعبية» ان «يقايض» كركوك بالاستفتاء الشعبي على الاستقلال, بمعنى أن تُقرّ بغداد بأن كركوك (وما ادراك ما كركوك نفطاً وجغرافية ومركز صراع متعدد الاطراف» إذ ما يزال الاتراك حتى الان يعتبرونها والموصل، مناطق تركية اقتطعتها «قسمة» سايكس بيكو) هي جزء من إقليم كردستان حتى «يتراجع» كاك مسعود عن تنفيذ... تهديده؟


هل يقبل السلطان رجب مثل هذا «الحل» حيث «تركمانه» في كركوك, الذين بدأوا يميلون الى جانب برزاني؟... يبدو أنها جزء من اللعبة المشتركة التي يلعبها «كاك والسلطان», في الوقت ذاته الذي يحار المرء فيه, عندما يلحظ رهان السلطان رجب على كرد اوجلان (الاقوى تركياً وسورياً ايضاً) كي يضمن وصوله الى قصر شنقايا في انتخابات العاشر من آب القريب, بعد أن تم ترشيحه رسمياً من قبل حزبه في مواجهة مرشح المعارضة، اكمل الدين احسان اوغلو وصلاح الدين ديميرطاش زعيم حزب الشعوب الديمقراطية «الكردي», الذي سيكون «بيضة القبان» التي تُرّجح كفة أحدهما (كما وليد جنبلاط في لبنان) ويَرْشح ان «صفقة» قد عقدت بين هاكان فيدان رئيس المخابرات التركية واوجلان، يتم بموجبها «تجيير» اصوات الكرد لصالح اردوغان في «الجولة الثانية», بعد أن تكون رزمة قوانين «جديدة» قد تم تمريرها في البرلمان, تحت عنوان: مشروع قانون «لإنهاء الارهاب وتعزيز اللحمة الاجتماعية» بهدف «شرعنة» المفاوضات بين اوجلان والحكومة التركية, كون القانون السائد - حتى الان - يُجرّم مَنْ يجري مفاوضات مع «الارهابيين» كما يوصف انصار حزب العمال الكردستاني في تركيا..
طيب..
واشنطن تعارض (فيما هو معلن على الاقل) اجراء استفتاء في اقليم كردستان او استقلاله, كذلك اعلنت انقرة ولم تتردد طهران في رفض هذا التوجه, دون إهمال ادانة بغداد ذلك.. فعلى أي «حيط» دولي أو اقليمي يتكيء كاك مسعود, الذي عليه ان يُراقب بحذر خطوات الحوار «الشرعي» بين غريمه على الزعامة الكردية «الإرهابي» عبدالله اوجلان وشريكه التجاري والسياسي (حتى الان) السلطان رجب!
انها سياسة الحافة، التي يصعب ان تُوصف دائماً بأنها.. صائبة أو حصيفة.