مخاوف من استيلاء مخترقي الأنظمة على "معلومات المستخدمين"

&

&

&

&

&هاني زايد&

ما ينطقه اللسان يعبر عن الشخصية، ولكن يبدو أن التكنولوجيا الحديثة لم تعد تقف عند ذلك، وإنما امتدت إلى تعبيراته، وتعليقاته، ومشاركاته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إذ طورت شركة "فايف لابز" اختبار شخصية يمكن إجراؤه عبر الإنترنت لتحليل حسابات مستخدمي "فيسبوك"، من خلال "الكلمات المستخدمة في تعليقاتهم ومشاركاتهم" على صفحاتهم الخاصة.


ويحدد الاختبار خمسة أبعاد يستخدمها علماء النفس لوصف شخصية الإنسان، وهي الانفتاح، والانبساط، والاضطراب العصبي، والضمير الحي، والطيبة، فبمجرد دخول المستخدم على موقع الشركة "http://labs.five.com/"، ينتقل مباشرة إلى صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك" لتبدأ رحلة تحليل الشخصية، وبعد ذلك تظهر الشركة إشعارا عاما بأن "الشركة ستتلقى بعض البيانات الخاصة بالصفحة مثل ‏قائمة الأصدقاء، ‏‏وعنوان البريد الإلكتروني،‏ ‏وقوائم الأصدقاء، و‏‏‏آخر الأخبار‏ ‏المدونة على الصفحة، وعلاقات المستخدم‏‏، وبمجرد الموافقة على هذا التنبيه، يظهر في غضون ثوان تحليل واف للشخصية طبقا لعدد الكلمات التي تظهر في تعليقات ومشاركات مستخدم الصفحة.
ويقيس الاختبار أيضا ما إذا كان لدى الشخص ميول لأن يكون عاطفيا، أو أن تكون لديه رغبة في التعاون مع الآخرين، وذلك كله من خلال متابعة ومراقبة الكلمات التي يستخدمها على صفحته، كما يمكن أيضا قياس مدى ثقة الشخص في نفسه، وما إذا كانت لديه مشاعر عدائية، أو مريبة تجاه الآخرين.


ويقوم الموقع أيضا بتحليل شخصيات أصدقائك على فيسبوك، والإشارة إلى أوجه الشبه بينك وبين أي منهم، أو أوجه التشابه بينك وبين شخصيات عامة مثل بيل جيتس، وأوبرا وينفري.
وتم تطوير هذا الاختبار بناء على دراسة أجريت في جامعة بنسلفانيا، ونشرت العام الماضي في مجلة "بلاس ون"، وقام الباحثون وعلى رأسهم آندرو شوارتز، بتحليل 700 مليون كلمة وعبارة من حسابات فيسبوك لـ75 ألف متطوع، ولاحظوا أنماطا لغوية في تعليقاتهم، ارتبطت فيها عبارات متكررة بأنواع معينة من الشخصيات.


وتري الدراسة، أن تكرار كلمات مثل "كابوس"، و"ضيق"، و"ضجر" مرتبطة بالاضطراب العصبي، بينما كلمات مثل "هادئ"، و"غير متضايق"، فضلا عن "علامات التعجب"، مرتبطة بالشخصية الانبساطية.
ويثير الاختبار الذي أجرته "فايف لابز" لتحليل الشخصية وغيره من وسائل تحليل البيانات مخاوف من أن تستخدم المعلومات من قبل الشركات لتحديد ما إذا كان موظف ما مناسبا لوظيفة معينة، ومخاوف من محاولة استخلاص معلومات صحية بمراقبة مزاج الأشخاص، لتحديد ما إذا كانوا يعانون من الاكتئاب.


وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن "المعلومات الهائلة التي تجمعها شركات الإنترنت عن المستخدمين قد تصبح عالة عليها للعديد من الأسباب، منها أن الشركات التي تجمع هذه البيانات قد تصبح ضحية للدعاوى القضائية في حال قام مخترقو الأنظمة بالاستيلاء عليها، وقد تقلل من الثقة بين الشركات وبين زبائنها، وتتعرض الشركات للمساءلة في حال علمت عن اتجاهات إجرامية عن مستخدميها، ولم تفعل شيئا حيالها.
وبسبب هذه المخاوف، بدأت حكومات أوروبية سن قوانين تحد من جمع المعلومات، وكان آخرها قانون "الحق في أن تكون منسيا"، الذي يلزم "جوجل" بحذف أي معلومات يريد المستخدمون حذفها من بياناتهم.
وقالت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، إن مستخدمي "فيسبوك" يمكنهم من خلال تطبيق "فايف لابز" معرفة الأشخاص الذين يحبون التحدث إلى الناس والاستماع إلى آرائهم، والأشخاص الذين لا يستمعون إلى أي آراء سوى آرائهم الشخصية، من خلال تحليل الكلمات التي يكتبها المستخدم في تعليقاته ومشاركاته.


وكانت دراسة أعدها سيف محمد، وتوني يانج الباحثان في "مجلس البحوث الوطني" في كندا، وتم الاستعانة فيها بقاعدة بيانات تتألف من 585 عاطفة ترتبط بكلمات مستقاة من تغريدات وتعليقات نشرت في موقع تويتر، قد ذكرت أن تحليل محتوى رسائل البريد الإلكتروني، والتعليقات الموجودة في "فيسبوك"، و"تويتر" يعد وسيلة فعالة للتعرف على المشاعر الإيجابية والسلبية للشخص.
من جهته، قال عادل كمال، الباحث في مجال علم النفس، لـ"الوطن" إن "تحليل مشاعر محتوى تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي يحتاج للمزيد من العمل قبل أن تستخدم النتائج على نطاق أوسع، فمثل هذه البرامج مثيرة للاهتمام، لكن تحليل الشخصية يحتاج إلى عمق بالبيئة المحيطة بالشخص، ومعرفة وافية بمعاني الكلمات التي قد تختلف دلالاتها من بيئة لأخرى، ومن مجتمع لآخر".
&