حسنين كروم&

امتلأت صحف السبت والأحد بالكثير من الأخبار والموضوعات المهمة، أولها الخطاب الذي وجهه الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم السبت، أي بعد يومين فقط من أزمة انقطاع التيار الكهربائي يوم الخميس في عدد كبير من المحافظات، نتيجة خطأ في عملية نقل الأحمال، أو ما يسمونه بالمناورة، وأدت إلى شلل في كثير من المرافق والمؤسسات وأعمال الشركات والمحلات التجارية والبنوك، واعترف بوجود أزمة حقيقية تتمثل في عدم كفاية إنتاجها من الكهرباء والحاجة إلى أموال كثيرة يتم صرفها على مدى خمس سنوات لعلاج المشكلة. كما أعترف بوجود مشكلة أخرى خطيرة في الصرف الصحي الذي يغطي حوالي عشرين في المئة من القرى، وأكد أن هذه وغيرها مشاكل موروثة منذ عهد مبارك، من دون أن يذكره بالاسم وأن الجميع يعلم ذلك.


والقضية الأخرى التي تحدث عنها هي اعترافه بان الإرهاب لا يزال موجودا ويحتاج إلى وقت للقضاء عليه نهائيا، رغم أن الجيش والشرطة نجحا في القضاء على ثمانين في المئة منه، مطالبا المواطنين باستمرار تعاونهم في الإبلاغ عن الذي يخربون أكشاك ومحولات وأبراج الكهرباء، وأن الجيش والشرطة يتعاملان بحسم مع الإرهابيين، لكن بقدر من التحفظ للحفاظ على أرواح الأبرياء الذين يختبئ الإرهابيون بينهم. وانتهى إلى القول بأن نتائج التحقيقات في موضوع الكهرباء سيتم إعلانها بشفافية مطلقة. والسيسي بذلك يتتبع أسلوب خالد الذكر في مخاطبته المباشرة للناس عن المشاكل التي يواجهها النظام، وفي ماذا نجح وفي ماذا فشل أو تأخر، وحجم المصاعب ليحتفظ بالعلاقة المباشرة معهم والتأثير فيهم، خاصة أن أول رد فعل تلقائي للناس بعد انقطاع الكهرباء صباح الخميس، كان اتهام الإخوان المسلمين والسخط على النظام لعدم وضع حد لعمليات تخريب الكهرباء قبل أن يعرفوا الحقيقة. كما سبقتها موجة غضب شديدة بعد مقتل أحد عشر جنديا من الشرطة بعد تفجير مدرعتهم في رفح بسبب عدم وضع نهاية للعمليات الإرهابية في سيناء وتطاير الاتهامات بوجود فشل أو تقصير وعدم استخدام أقصى درجات المواجهة مع الإرهاب.
ومن الموضوعات المهمة الأخرى رئاسة السيسي اجتماعا مع أعضاء المجلس الاستشاري الجديد لكبار العلماء المصريين في الداخل والخارج، ليكونوا نواة لمجلس موسع مهمته وضع إستراتيجية البلاد في جميع المجالات. ونشرت الصحف قرار النائب العام المستشار هشام بركات بإحالة الرئيس السابق محمد مرسي ومدير مكتبه أحمد عبد العاطي وسكرتيره الخاص أمين الصيرفي وابنه، لاتهامهم بتسليم وثائق خاصة بالأمن القومي أرسلتها الأجهزة الأمنية لمرسي، لقطر وبذلك أصبح مرسي يحاكم حتى الآن في ثلاث قضايا، الأولى الأمر بقتل متظاهرين أمام قصر الاتحادية، والقضية الثانية والثالثة بالتخابر مع جهات أجنبية هي حماس وقضية الهروب من سجن وادي النطرون، التي تعقد جلساتها من مدة. والقضية الثانية، سيتم تحديد دائرة جديدة في محكمة الجنايات لمحاكمته أمامها.
أيضا اهتمت الصحف بالاستعدادات للعام الدراسي الجديد واستمرار تأكيدات وزير التربية والتعليم الدكتور محمود أبو النصر بأنه لا زيادة في مصروفات المدارس الخاصة، إلا التي حددتها الوزارة، لكن زميلنا الرسام الكبير في «أخبار اليوم» هاني شمس أخبرنا يوم السبت أنه ذهب للمدرسة الخاصة لدفع مصروفات أبنائه فشاهد الناظر وقد حمل ملابس ولي الأمر وترك له سروالا فقط وقال له:
- كده القسط الأول تمام تحب حضرتك تتبرع للنشاط المدرسي


وواصلت الصحف اهتمامها بالإقبال على شراء شهادات استثمار قناة السويس وتوقعات بتغطية المبلغ المطلوب في عشرة أيام، وهو ستون ألف مليون جنيه. وعقد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة مؤتمرا صحافيا عن حج هذا العام وحذر الحجاج من أن مصر اتفقت مع السلطات السعودية على منع ممارسة أي نشاط له طابع سياسي أو رفع شعارات سياسية أو مخالفة لقوانين السعودية أو وجود متسولين. وقام وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بزيارة مفاجئة لمحافظة كفر الشيخ، وواصل الجيش نشر صور بعض الإرهابيين الذين قتلهم في رفح والشيخ زويد، وحكم محكمة جنايات المنيا ببراءة ستة من الإخوان من تهمة إثارة الشغب والتخريب، واستمرار عدم اهتمام الشعب بتحركات الأحزاب والقوى السياسية استعدادا لانتخابات مجلس النواب، ومقالات وتحقيقات عن وفاة صديقنا السياسي المناضل اليساري وعضو مجلس الشعب الأسبق أبو العز الحريري وإنا لله وإنا إليه راجعون .
والى شيء من أشياء كثيرة لدينا..

ابتعاد الإخوان عن المشهد
السياسي يجب ألا يكون أبديا

ونبدأ تقريرنا اليوم بقضية المصالحة بين النظام والإخوان المسلمين وأنصارهم في بعض الأحزاب التي تثور من فترة لآخرى ثم تهدأ، وكان أبرزها محاولات صديقنا الفقيه القانوني والمفكر الإسلامي والإخواني الأسبق الدكتور أحمد كمال أبو المجد، ثم محاولات أخرى قام ببعضها أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة، وكان الرفض نصيبها وغيرها سواء من جانب الإخوان أو النظام او الأحزاب والقوى المؤيدة له.
ونشرت الصحف الكثير من التعليقات والتحقيقات والمقالات التي أكد أصحابها على استحالة تحقيق المصالحة، وكان البعض قد أكد أنها ستتم ولكن بعيدا عن القيادات الحالية للجماعة، وضرورة أن تقدم الجماعة نقدا ذاتيا وتعترف بأخطائها. ومن الذين دخلوا في نقاش حول القضية يوم الاثنين الماضي في «المصري اليوم» أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور محمد كمال، وكان عضوا في أمانة السياسات التي رأسها جمال مبارك في الحزب الوطني قال: «روج الكثيرون لنظرية دمج الإسلاميين في النظام السياسي، وأن ذلك سيؤدي لتحولهم إلى جماعات معتدلة تؤمن بالديمقراطية. الخبرة المصرية خلال السنوات الثلاث الماضية أثبتت فشل هذه الفكرة فدمج الإخوان المسلمين في النظام السياسي، بل وصولهم إلى الحكم لم يؤد لاعتدالهم أو قبولهم بالقيم الديمقراطية، بل أرى سعيهم للانفراد بالسلطة وإقصاء خصومهم وتهميش المرأة والأقليات الدينية.
وهنا يثور السؤال: هل يكون البديل هو الإقصاء، وهل يؤدي الإقصاء إلى الاعتدال؟ ليس المقصود بالإقصاء الملاحقات الأمنية والجنائية، ولكن المقصود حظر النشاط السياسي استنادا لنص المادة 54 من الدستور، التي تحظر مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني. تطبيق هذا النص ترتب عليه ليس فقط حل الأحزاب ذات المرجعية الدينية ولكن أيضا حظر أي نشاط سياسي أو انتخابي قائم على أساس ديني.البعض يرى أن إقصاء الإخوان عن المشهد السياسي سيؤدي إلى المزيد من تشددهم، ولكن هناك وجهة نظر أخرى تري أن الإقصاء قد يؤدي إلى الاعتدال. جماعة الإخوان تحتاج الى بعض الوقت لمراجعة أفكارها وسلوكياتها، والدولة المصرية تحتاج الى بعض الوقت لبناء نظام ديمقراطي مدني في ظل غياب قوى تستخدم الدين للوصول للحكم. إقصاء الإخوان أو ابتعادهم عن المشهد السياسي يجب ألا يكون أمرا أبديا».
وكان عضو مجلس الشعب السابق المحامي محمد العمدة قد قدم مشروعا مضحكا للمصالحة بعد الإفــراج عنه بكفالة مئة ألف جنيه في عدة قضايا لا زالت أمام المحاكم، وجوهرها اعتبار السيسي رئيسا مؤقتا وقد سارع الإخوان الى رفضها بشدة وبالتالي السؤال هو: ولماذا قدمها إذن؟

محمود مسلم: «لا مجال
للمصالحة مع الإخوان»

لكن حديث المصالحة لم يعجب زميلنا في «الوطن» محمود مسلم فصاح قائلا محذرا يوم الأربعاء من وزراء في الحكومة:»ما زال هناك من يفكر في موضوع المصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية الخائنة وللأسف منهم أعضاء في الحكومة يعتقدون أنها هي الحل الوحيد ويرددون ما يقال في الغرب من أن مصر لن تهدأ إلا بإدماج الإخوان في العملية السياسية.
لا أعرف لماذا يصر البعض على تضييع الوقت والجهد في مبادرات لا طائل منها؟ لا أتحدث عن المبادرين لأن لهم أهدافا ومصالح، ولكن عن اهتمام وسائل الإعلام بمثل هذه المهاترات، خاصة أن الجميع يعلم طريقة الإخوان في توزيع الأدوار لجس النبض، وإذا كانت الدولة واعية فلا تعلق على مثل هذه المبادرات، فيجب على الإعلام أن يكون على درجة الوعي نفسها ولا ينزلق لمثل هذه المحاولات. وحسنا قال المستشار الجليل أحمد الزند حينما وصف من يطرحون مبادرات المصالحة بالخونة مثل الإخوان تماما. الواقع يؤكد أنه لا مجال للمصالحة والأفضل أن يركز المصريون على مستقبلهم».

أحمد الخطيب: «الدولة
لن تفتح صفحة المصالحة»

وفي اليوم التالي الخميس شن زميلنا وصديقنا وأخونا في «الوطن» أحمد الخطيب هجوما عنيفا ضد الذين ينادون بالمصالحة مع الإخوان، وقال مؤكدا استحالتها:»آخر تلك الأكاذيب وأحدثها ادعاء الإخوان بأن الدولة ستفتح صفحة المصالحة وأن الأجهزة الأمنية تجلس مع الإخوان داخل السجون من أجل إتمام المصالحة، رغم أن العكس هو الصحيح، لأنهم الذين يتمنونها. وبحكم خبرة متابعتي لملف المصالحة في السابق بين الدولة والجماعات الإسلامية فإن الدولة لن تقبل بديلا عن محاكمة كل من حمل وحرض على استخدام السلاح منهم ومن غيرهم، ولن تسمح بأن يمارس الإخوان العمل السياسي مرة أخرى تحت أي شكل من الأشكال، ولن يكون هناك بديل عن عدم وجود مكان للتنظيم في مصر. شخصيا أعلم الكثير من المعلومات في هذا الملف وعما يدور الآن داخل السجون وليس هذا وقت نشره، لكن هذا هو موقف الدولة».

الدعوة لتحالف أولوياته الديمقراطية
وعودة الجيش إلى ثكناته

ونشرت جريدة «الفتح» لسان حال جمعية الدعوة السلفية تحقيقا لزميلنا ناجح مصطفى أورد ما جاء في الرسالة التي وجهها من السجن محمد السروجي مستشار وزير التربية والتعليم في حكومة الإخوان وعنوانها «من قلب المحنة إلى الإخوان المسلمين فقط»، قال فيها مخاطبا قيادات الجماعة:»حصلتم على فرصة حقيقية ففشلتم فوجب عليكم التنحي وحل شورى الجماعة وانتخاب قيادة جديدة. إن الوضع مبهم ولا توجد رؤية واضحة أو ممكنة للخروج من الأزمة، الا بحل مجلس شورى الجماعة وإجراء انتخابات جديدة والاقتداء بإخوان الأردن عندما حلوا مجلس الشورى عام 2008، بالإضافة إلى ضرورة تنحية كل قيادات المرحلة السابقة عن أي مواقع قيادية بعد إخفاقهم في ما أسند إليهم، رغم حصولهم على الفرصة كاملة، وضرورة دعوة القيادات الجديدة شركاء الثورة إلى تحالف وطني حقيقي يعبر عن الجماعة الوطنية المناهضة لعسكرة الدولة، تكون أولوياته عودة المسار الديمقراطي وعودة الجيش إلى ثكناته بعيدا عن المشهد السياسي. إن السلطة الحالية قادرة في ظل خبراتها الأمنية على تفكيك التحالف وتهديد استمراره، في حين تملك السلطة العديد من فرص البقاء في ظل وجود قليل من المعاناة أو التهديدات، على العكس من موقف التحالف الوطني المهدد من أكثر من ناحية، خاصة أن معاناة المصريين اليومية لا تعني السلطة كثيرا في ظل رهانها على موروث الصبر والتحمل لدى الجماهير التي أتاحت لمبارك الحكم ثلاثين عاما».

المجتمع المصري يتعايش
مع بعضه بعضا

أما آخر من سيحدثنا عن المصالحة في تقرير اليوم فهو زميلنا في «الأهرام» خالد الأصمعي وقوله عنها:»بيننا مصريون من أهلنا وزملائنا وجيراننا يحملون أفكارا تخالفنا وتخالف توجهاتنا ما زالوا يحلمون بدولة الخلافة، وتتوق أنفسهم إلى القرن الأول الهجري، وحياة الصحراء وبدائية الإنسان، ومنهم من ينكر كل ما توصلت إليه المدنية الحديثة، ومنهم من يرى أننا كفار فجار، وليس جميعهم مقبولين اجتماعيا، ولكننا نتعايش معهم ويتعايشون معنا وتسير الأمور بيننا بالأمر الواقع، وهؤلاء لا يحتاجون إلى مصالحة ولا دعاوى التوافق المجتمعي. إذن هي مصالحة أخرى تعنيها عقولهم وتخالف ما تنطق به ألسنتهم بمفردات وجمل منمقة مثل شرط ألا يكون التصالح مع من ارتكب جريمة بحق المجتمع، أو ساهم في سفك الدماء أو تآمر على مستقبل مصر، وهؤلاء إما في السجن أو مطلوب القبض عليهم أو هاربون خارج البلاد. هم يقصدون مصالحة مع التيارات والجماعات التي لا تقبل بالآخر ولا هدف لها غير فرض ثقافتها وفهمها على المجتمع، وهذا الفكر الأحادي رفضته جموع وغالبية المصريين وأكدوا اختيارهم عدة مرات، ودعاوى حسن نافعة وأحمد كمال أبو المجد ليست بعيدة عن الأذهان، وكان الرد عليها واضحا، ورغم وضوح التوافق المجتمعي على رفض هذا النوع من الدعاوى، يخرج علينا من وقت لآخر من يتحدث عن حاجتنا الملحة للمصالحة، وآخرهم المستشار إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب، الذي يجلس على مقعد وزارة تنفيذية جاءت به بعد بركان دم فجرته هذه الجماعات في وجوهنا وما زلنا نعاني من تداعياته».

قناة فضائية تمارس اغتيالا
معنويا لقيادات سياسة وصحافية

وإلى المعارك والردود التي اتصفت هذه المرة بالعنف، وبدأها يوم الخميس زميلنا وصديقنا بـ»الجمهورية» رياض سيف النصر بالهجوم الكاسح على الإعلامي توفيق عكاشة صاحب قناة « الفراعين» من دون أن يذكر اسمه فقال:»لو أن ما تمارسه احدى القنوات الفضائية من تشهير برموز وطنية يمكن أن يصنف على أنه ممارسة ديمقراطية، فلتذهب الديمقراطية الى الجحيم، ولا أعتقد أن ما شاهدته على شاشة القناة من اغتيال معنوي لقيادات تنفيذية وسياسية وصحافية يمكن أن تسمح به أعتي الدول الديمقراطية.
لم يترك صاحب القناة وزيرا او صحافيا او مؤسسة، من دون أن يوجه إليها الاتهام الجاهز دائما، وهو طابور خامس يسعى لإسقاط نظام ثورة يونيو/حزيران، من دون أن يقدم دليلا واحدا يثبت صحة أقواله، مما يضعه تحت طائلة القانون لو لجأ هؤلاء الأشخاص إلى المحاكم. وما يدعو للسخرية أن صاحب القناة، الذي استباح لنفسه حق محاكمة الآخرين وإصدار الأحكام ضدهم يفعل ذلك باسم الثورة، لمجرد أنه شارك في بعض المظاهرات والسعي إلى تحقيق مكاسب صغيرة مثل لي ذراع المسؤولين في مدينة الإنتاج الإعلامي ودفعهم إلى التوقف عن المطالبة بالديون المتراكمة على الفضائية التي يملكها، أو تجهيز المسرح في دائرته الانتخابية التي ينوي الترشح للانتخابات القادمة عنها».

رجال مبارك يحرضون
السيسي للتحول إلى ديكتاتور

ولو تركنا «الجمهورية» وتوجهنا إلى «وفد» يوم الخميس نفسه سنجد مفاجأة لرئيس حزب الوفد السيد البدوي ولرئيس التحرير التنفيذي ولصديقنا نائب رئيس الحزب أحمد عز العرب، اللذين اتهما الناصريين بتحريض الرئيس السيسي على إلغاء الأحزاب وعودة نظام الحزب الواحد، كما كان الحال أيام خالد الذكر. المفاجأة كانت في اتهام من يطالبون بتأجيل الانتخابات بأنهم يحرضون الرئيس على التحول إلى ديكتاتور ليسوا الناصريين وإنما رجال مبارك، إذ قال زميلنا وصديقنا أحد مديري التحرير مجدي حلمي:
«هذا اللوبي عاد ومعه رجالــــه في الأجهزة الأمنية المختلفة التي سخروها لخدمة مصالحهم، ويحاولون الالتفـــاف حول الرئيس مثلما فعلوا مع مبارك، يمنعون عنه أي صوت يحذره من خطورتهم وفسادهم عليه شخصيا، وعلى مصر كلها، هذا اللوبي عاد ومعه مجموعة من الراقصين والراقصات سياسيا وإعلاميا، يريدون تحويل الرئيس السيسي إلى ديكتاتور ضد المجتمع المدني وضد الصحافة والإعلام وضد الأحزاب».

البرلمان مجرد ديكور مصري

والهجوم الثاني كان في العدد نفسه ومن زميلنا عضو مجلس الشعب السابق محمد عبد العليم داود وقوله عن المطالبين بالتأجيل:»يقولون ويدعون إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية بدعوى أن البرلمان سيعطل وسيصطدم بالرئاسة، متى أيها الجهلاء كان لدينا برلمان يعطل أعمال الحاكم في أي زمن منذ 1952، دلونا على برلمان اعترض أو انتقد حاكما؟ امنحوني مضبطة واحدة سطر فيها موقف لبرلمان هاجم فيه حاكما؟ حدد لنا برلمانا نجح مرة واحدة في تاريخ الأمة منذ نشأة البرلمان الأول في عهد الخديوي إسماعيل سحب ثقة من حكومة؟ لم يحدث ولن يحدث لأن البعض أراد لمصر ديكورا ديمقراطيا في شكل برلمان. الذي أعرفه جيدا أن أكثر من ثلثي البرلمان على مدى تاريخه يصفق ويطبل للحكام، بل رقص أيضا في أعقاب هزيمة 1967 فرحا وطربا بعودة الحاكم، الذي أعرفه أيضا أنهم انهالوا سبا وانهالوا ضربا على النائب المحترم كمال أحمد في السبعينيات عندما هاجم وانتقد ووصف كامب ديفيد بأنها اتفاقية العار.. الذي أعرفه وأعلمه أن حملة المباخر في أي برلمان هم أكثر عددا من حملة مباخر كل فرحة أولياء الله الصالحين! قولوها صراحة أنكم تريدون وقتا أكثر لعودة برلمان كامل العدد والعدة من رجال جمال وعز من رجال الأعمال الفاسدين ورموز تزاوج السلطة بالثروة «.

«إتق الله» يقولها أحد أعضاء
مجلس قيادة ثورة يوليو للسادات

«هذا ومن المعروف عن محمد عبد العليم جرأته في قول ما يريد، والجديد في كلامه أنه لم يستثن تاريخ حزب الوفد، والمدة التي حكم فيها منذ أول وزارة برئاسة خالد الذكر سعد زغلول عام 1924، إلى آخر وزارة برئاسة خالد الذكر مصطفى النحاس من 1950 الى 1952، بلغت ست سنوات وفيها كان مسيطرا بأغلبية على مجلس النواب والشيوخ ولم يتم سحب الثقة. والحال نفسها في عهود أحزاب الأقليات العميلة للقصر الملكي، بل منذ تأسيس الخديوي إسماعيل مجلس شورى القوانين، أي نسف كل تفاخر للوفد وغيره وطبعا لم يكن ممكنا سحب الثقة في مجلس الأمة أيام خالد الذكر، لأنه كان هناك تنظيم سياسي واحد امتد إلى عهدي السادات ومبارك، رغم الأخذ بتعدد الأحزاب. وأتذكر بمناسبة ذكر واقعة الاعتداء على صديقنا عضو مجلس الشعب كمال أحمد ـ ناصري ـ أن عضو المجلس المرحوم كمال الدين حسين عن دائرة قليوب، وكان عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو أرسل برقية للرئيس السادات قال له فيها، «إتق الله» بعد إصدار قانون مقيد للحريات، فقام أعضاء حزب مصر العربي الاشتراكي في المجلس بتقديم اقتراح بإسقاط العضوية عنه، واخذوا يتبارون في مهاجمته لجرأته على قوله للسادات إتق الله، والغريب أن أشد من هاجموا كمال الدين حسين وطالبوا بإسقاط عضويته كان المرحوم عبد الفتاح حسن عن حزب الوفد، وكان وزيرا للشؤون الاجتماعية في وزارة 1950 – 1952 ومحاميا ووطنيا كبيرا ورجلا فاضلا، وقد اندهشت من تورطه في أمر كهذا، من دون أن يوقفه الحزب. وهاجمته أكثر من مرة وناقشت ذلك مع صديقينا المرحومين فؤاد سراج الدين رئيس الحزب وإبراهيم فرج سكرتير الحزب وكانا محرجين، وحضر وقتها عبد الفتاح حسن إلى منزل فؤاد سراج الدين ولما شاهدني أمسك بيدي وقال لسراج الدين يا باشا صالحني على كروم، وكنت وقتها أعد كتابي مع سراج الدين وإبراهيم فرج، وطلب عبد الفتاح حسن أن أحدد مواعيد لإملاء ذكرياته عليّ وقابلته أكثر من مرة في مكتبه في المنيرة خلف المعهد الفرنسي ولكن المشروع لم يكتمل – رحم الله الجميع».

حزب الفساد الحزب
الأكثر تنظيما في مصر

وإلى «الأخبار» في اليوم ذاته للتفتيش عن مزيد من المعارك، حيث قال زميلنا وصديقنا أحمد طه النقر ـ ناصري:»نحن أمام مأزق خطير لأننا نواجه الحزب الأقوى والأكثر تنظيما في مصر حتى الآن، وهو حزب الفساد، ومواجهة هذا المعسكر لن تجدي معها مجرد الرغبة أو حتى الإرادة السياسية، بل تحتاج إضافة إلى ذلك إلى رؤية شاملة للإصلاح وإجماع شعبي على التطهير والتطهر، خاصة أن الأذرع الإعلامية لحزب الفساد بدأت معركتها مبكرا، وشيطنة المقاتلين ضد الفساد وعلى رأسهم المستشار هشام جنينه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، لأنه تكلم بجرأة عن سرطان الفساد، واتهمت حاشية الفساد المستشار جنينه بأنه إخواني الانتماء والهوى، ولذلك فإن من مصلحته كما يزعمون تشويه نظام ما بعد ثورة 30 يونيو/حزيران التي أسقطت الرئيس الإخواني الذي عينه، وحتى لو كان الرجل إخواني الهوى وهو ما نفاه بنفسه أكثر من مرة، فيكفيه شرفا أنه يفضح ويقاوم فسادا متجذرا ترعاه وتدعمه دولة مبارك التي ما زالت قائمة لم تمس حتى الآن».

أزمة الكهرباء سببها
الفساد وليس الإخوان

وعن قرار السيسي تشكيل مجلس العلماء والخبراء للمساعدة في حل الكثير من المشاكل والازمات التي يعاني منها البلد، يتحدث لنا جمال سلطان رئيس مجلس الادارة ورئيس تحرير صحيفة «المصريون» في مقاله قائلا:» أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بتشكيل مجلس علمي رفيع المستوى يكون بمثابة هيئة استشارية لرئيس الجمهورية، للعمل على إيجاد أفكار وحلول للأزمات الطاحنة التي تعصف بمصر حاليا، قرار السيسي جاء بعد كارثة الكهرباء التي ضربت العاصمة وخمس محافظات الأسبوع الماضي، وشلت الحركة في مطار القاهرة وفي البنوك والشركات ومئات المصانع، وأربكت الحركة في قناة السويس، وقدرت مصادر رسمية حجم الخسائر الأولية التي سببها هذا «الإعصار» يومها بحوالي مليار جنيه، وهناك تقديرات غير رسمية تقدره بأضعاف ذلك، الأزمة اضطرت السيسي إلى الخروج إلى الرأي العام والإدلاء ببيان رسمي إلى الأمة، بما يعني شعوره بحجم الخطر. وتكلم السيسي في حديثه عن أسباب المشكلة وأنها عميقة، وتعود لانهيار في البنية الأساسية له منذ عقود وتراكم الإهمال والفساد، وأن الشبكات تحتاج صيانة وتفاصيل فنية أخرى، قدر أنها تحتاج إلى حوالي مئة مليار جنيه من أجل أن تعود الكهرباء لحالتها الطبيعية بعد خمس سنوات، وهذا يعني أن الحديث الذي انتشر في الآونة الأخيرة في قنوات رسمية والإعلام الرسمي عن أن كوادر إخوانية في قطاع الكهرباء هي السبب في الأزمة، عبارة عن خرف وتهريج واستهبال، بشهادة رئيس الجمهورية نفسه، وقد وصل الهوس إلى حد اتهام وزير الكهرباء نفسه بأنه إخواني ومن أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي… في النهاية، وجد السيسي نفسه أمام الحقيقة، وهي أن هناك مشكلات لا بد من أن تواجهها الدولة بالعلم والعقل والحكمة وليس بالفهلوة ولا التطبيل الإعلامي وصناعة القصص الوهمية والبحث عن شماعة عند الإخوان أو غيرهم، وبدون شك فإن هذه الخطوة في حد ذاتها خطوة إيجابية، وربما تفتح لنا باب الأمل في أن الدولة ستبدأ في استيعاب مختلف هموم الوطن وتتعامل معها بالجدية المطلوبة، الجدية التي لا تعني العضلات والهراوات وقنابل الغاز والرصاص والتحليلات المدهشة للخبراء الاستراتيجيين إياهم الذين يملأون فضائيات النفاق، وإنما تعني المعالجة العلمية الحكيمة للأزمات بعيدا عن التهريج…».

خطب الجمعة موجهة سياسيا

قصرت الحكومة الإفتاء على شيوخ الأزهر، بعد إقناع الجميع أنه لا فتوى صريحة وسليمة تصدر إلا عن الأزهر الـ.. (الشريف)، وأنه لا يجوز أن نثق بأي فتوى لشيوخ غير أزهريين، هذا ما كتبت عنه اميمة السيد في العدد نفسه من «المصريون» وجهة نظرها التي تستكملها قائلة:»هذا جميل ولقد رحبنا جميعا بالفكرة، رغم أننا لا ننكر فضل بعض العلماء غير الأزهريين، وهذا جاء من ثقتنا الكبيرة فى منارة العلوم الإسلامية منذ القدم، من دون أن نلتفت لما أصابها من تغييرات جذرية أثرت عليه بشكل سلبي، ثم بعدها بدأ حصر الفتاوى والظهور على الفضائيات بما يريدون وما ينتوون القيام به وترسيخه في عقول البعض، عن طريق مجموعة من شيوخه المعروفين وغير المعروفين، ليظهر للجميع أنهم الغالبية العظمى من شيوخ الأزهر، في حين أنها بالطبع ليست هي الحقيقة، والذين خصوهم فقط أيضًا بمهمة خطبتي الجمعة من كل أسبوع.. وبعد أن أتحفنا البعض منهم ببعض الفتاوى الرائعة! والتيسيرات العجيبة والسماحة في الدين الوسطي الجميل! والسكوت غير المبرر عن لغو بعض من يلقبون بالفنانين والفنانات والإعلاميين والإعلاميات ـ الذين كادت أن تتبرأ منهم تلك الألقاب حيث أفسدوا معناها ـ بعد كل هذا الهراء على الساحة المجتمعية واختلاف بل وتغير الدور الأساسي والإيجابي لأزهرنا الشريف على الساحة الإعلامية.. نجد أن الوضع وصل حد الغثيان في خطب الجمع المذاعة عبر أي قناة فضائية أو إذاعية وحتى التلفزيون المصري، حيث فاق الحد عن الطبيعي في توجيه هؤلاء الشيوخ لإقناع الشعب بأهمية حفر قناة السويس الجديدة، وضرورة المشاركة الفعالة في إنشائها، إما بالوقت أو الجهد أو المال، والإفتاء بحرمة عدم المشاركة فيها أو الموافقة عليها أو التباطؤ عن المساهمة المادية لدعمها.. فحتى لو كانت الخطبة مضمونها عن أي موضوع يخص أيا من مناحي الحياة العامة أو الفقه أو الشريعة، فلابد وبتعليمات عليااااا توجيه الخطبة لموضوع قناة السويس وإقحامها في الحديث عن البطولات والإنجازات، بشكل يدعو لاختناق واستفزاز من يحضرون صلاة الجمعة، أو من يشاهدونها أو يستمعون إليها عبر القنوات الإعلامية الموجهة لخدمة النظام!..تاركين بالحديث عنها أمورا أهم بكثير في حياتنا ومجتمعنا يحتاج لرأي الدين ونصائح العلماء لإصلاح المجتمع.. ولهؤلاء الشيوخ الموجهين.. مهما كانت قناعتكم بالأمر، أو كنتم مهددين أمنيا، فلا يوجد مبرراً أبدًا لهذا الانسياق وتلك التبعية بهذا الشكل المهين! الذي صرف البعض عن متابعة صلاة الجمعة.. اتقوا الله في كلماتكم، وارحمونا من خطبكم الموجهة سياسيًا، على الأقل إعمالاً بمبدأكم الأول «إيه دخل السياسة والاقتصاد في الدييييين؟!»…أفيقوا يرحمكم الله».

عمرو حمزاوي: حقي أن أدافع
عن الديمقراطية وأرفض حكم الفرد

جاءني الصوت بنبرة حادة ومهددة/فعلا، لازم تحمد ربنا على أنك بتنام في البيت أو أنك لسه بتنام أصلا/ اللي زيك في بلاد تانية أنت عارفها كويس في معتقلات أو سجون أو ما بقوش على وش الدنيا خالص/ كفايه بقى كده.
تعرفت فورا على الصوت الذي لم أتمكن من رؤية صاحبه/ كان للأستاذ محمد البنا رحمه الله/ أستاذ اللغة العربية الذي تعلمت منه جمالها وبلاغتها وقواعدها في مرحلة الدراسة الثانوية/ كان دائم الشكوى من تردي أوضاع البلاد ومحدودية معارف الطلاب وضعف اجتهادهم، ودائم المزج في حصصه بين المقرر التدريسي وتناول القضايا العامة، وفي الحالتين لم يكن يقبل المعارضة أو الكثير من الأسئلة/ كان يشرح ويعلم ويتحدث وفي يده اليمنى قلم «باركر» له لون أزرق داكن يستخدمه فى الإشارة إلى «الضحية» حين يوجه هو أسئلته إلينا، أو يعبر عن استيائه من «جهلنا» أو يمتدح النطق السليم أو الإعراب السليم حين «يفتح الله» على طالبة أو طالب من بيننا ويغيب الخوف من قلم الأستاذ البنا والتلعثم عند الحديث في حضرته.
إزى حضرتك يا أستاذ محمد/ الحمد لله على كل شيء/ هو حضرتك بتتفرج على التلفزيون دلوقتي؟/ أنا لسه فاكر رأيك فيه، تضييع وقت إلا نشرات الأخبار/ وبعدين دي أول مرة تكلمني بالعامية، لغة الشارع زي ما كنت بتقولنا.
حمزاوي، كل ده مش شغلك/ أنا بأقولك، لازم تحمد ربنا على أنك بتنام في البيت أو أنك لسه بتنام أصلا/ اللي زيك في بلاد تانية أنت عارفها كويس في معتقلات أو سجون أو ما بقوش على وش الدنيا خالص/ كفايه بقى كده.
بدون أن أنطق بكلمة، تعجبت من أن الأستاذ البنا أعاد عليّ كلماته وجمله بدون إضافة أو حذف/ أستاذ اللغة العربية، العاشق لتنويع المفردات ولتوظيف أدوات اللغة للإبهار والإقناع ولاحتكار الحقيقة له وحده، يكرر وبرتابة في الصوت ذات الكلمات والجمل وكأنه يقرأ نصا كتب له/ تحركت بعيدا عن صوت «الأستاذ» الذي كان يأتي في فراغ ليس له معالم مكانية أو أشكال أو ألوان/ تحركت خشية أن يكرر كلماته وجمله للمرة الثالثة، ومدركا أنه لم ينتظر مني شرحا «يا أستاذ محمد، حقي أن أعبر عن رأيي بحرية وبدون تهديد بالقمع. حقي أن أدافع عن الديمقراطية والحريات وأن أرفض حكم الفرد وصناعة الخوف. حقي أن أتضامن مع ضحايا الظلم والقمع والانتهاكات بدون أن أحارب بتخوين أو تشويه أو بقيود شخصية ومهنية»/ ومتألم أن أستاذي القديم جاءني بدون الإبهار اللغوي الذي كان يلزمني التفكير فيما يقول/ بل، وبدون القلم الباركر.
استيقظت من نومي مبكرا، وكنا في صباح الخميس الماضي/ تحركت سريعا من بيتي، كنت على موعد في مجلس الدولة مع الصديق خالد علي، والهدف كان حضور جلسة المحكمة الإدارية التي ستنظر في الطعن المقدم منا على قرار منعي من السفر بسبب «تغريدة» على موقع تويتر/ بادرني خالد بالقول: «شفت البلاغ اللي اتقدم فيك من يومين على الهوا؟ إيه أخبار البيات في البيت؟»/ عاد لي حلم «الأستاذ محمد البنا» وعاد صوته/ لازم تحمد ربنا على أنك بتنام في البيت أو أنك لسه بتنام أصلا/ اللي زيك في بلاد تانية أنت عارفها كويس في معتقلات أو سجون أو ما بقوش على وش الدنيا خالص/ كفايه بقى كدة».

&
&