عبدالرحمن عبدالعزيز الهزاع

الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، في مؤتمره الصحفي نهاية الأسبوع الماضي مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، لفت الانتباه إلى خطر تسعى إليه ما يسمى ب (داعش)، وعلى نحو يهدد الأمة الإسلامية وسيرتها بين الأمم، وذلك برسمها صورة مشوهة للإسلام بما تقوم به من تصرفات بربرية ووحشية وتعذيب وقتل بأساليب لا تقرها الأديان السماوية، ولا الأعراف والتقاليد والقوانين الدواية.

الأمير سعود أعاد إلى الأذهان أن هذا الخطر سبق وأن حذر منه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عدة مرات ولعل آخرها ما حصل في شهر اغسطس الماضي حين قال حفظه الله " إن من العيب والعار أن هؤلاء الإرهابيين يفعلون ذلك باسم الدين، فيقتلون النفس التي حرم الله قتلها ويمثلون بها ويتباهون بنشرها.. كل ذلك باسم الدين، والدين منهم بُراء، فشوهوا صورة الإسلام بنقائه، وصفائه، وإنسانيته.

نحن كمسلمين، وبعيدا عن ساحة الإرهاب والقتل الداعشية، ندرك تماما ما تتركه تصرفات الإرهابيين من أثر سلبي وصورة مشوهة عن الإسلام.. ولكن ماذا علينا أن نفعل لنحسن الصورة؟

إنها مهمة تزداد صعوبتها وأهميتها في ظل انتشار وسائل الإعلام والتواصل التي قرّبت المسافات وجعلت المعلومة والصورة متاحة للجميع متخطية كل السواتر والموانع. نحن كمسلمين، داخل بلداننا وخارجها نقابل ونتحدث مع الملايين ممن ليسوا على ملتنا ولكن تربطنا بهم علاقات من نوع أو آخر وقد تكون لديهم صورة مشوهة عن ديننا، وبالتالي نحرص على أن تكون الصورة خالية من التشويه.

هؤلاء لا بد لنا أن نجفف منابع الصورة السيئة التي تصلهم عنا وعن الإسلام برسم صورة مغايرة. لا بد لنا في تعاملاتنا اليومية وكلماتنا ووسائل إعلامنا وتواصلنا أن نسعى جادين إلى التعريف بالإسلام وسماحته، وأنه بريء من الإرهاب براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

في رحلاتنا للخارج، والأعين تحملق فينا لترى كيف نتصرف، علينا أن لا نتصرف بما يخدش إسلامنا، وأن نتبنى كل بادرة خيّرة وكل حالة إنسانية ونبين لهم أننا نفعل ذلك لأن ديننا يأمرنا به. في داخل بلادنا، وخاصة مع من يعمل تحت كفالتنا أو في دوائرنا، لا بد أن تنبثق كل تعاملاتنا معهم من قاعدة إسلامية صحيحة. هؤلاء، وهم بالملايين، سيكونون سفراء لنا في دولهم، فإن أحسنا إليهم عاملونا بالمثل، وإن أسأنا ساعدناهم على تشويه صورتنا.

المعادلة ليست صعبة، وإنما تحتاج إلى مراجعة لكل ما نقوم به، مع تقديم النصح والمشورة لكل مخالف، وبكل وسيلة متاحة. علينا أن نثبت للآخرين أن أي تحرك عسكري سيكون أكثر أثرا وفاعلية متى ما تزامن وانسجم مع تحرك فكري وتعاملٍ مع الآخرين يوضح حقيقة الإسلام ويفضح كيد كل من أراد تشويه سماحته وعدله.
&