& يوسف الكويليت


الجانب الإنساني في شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يتعدى الأعمال الخيرية، إلى التواصل المفتوح مع المواطنين فعندما كان أميراً للرياض سهّل الطريق على كل من يريد مقابلته لأي شأنٍ أكان خاصاً أم عاماً، وحتى منزله اعتاد فتح أبوابه للجميع يحاور ويسمع ويدلي برأيه دون إلزام، وكان يفاجئ المرضى بالمستشفيات، أو الذهاب لبيوت المواطنين للزيارة والعزاء، أو يتصل بهم هاتفياً وبصفة شخصية ومن موقف إنساني وأخلاقي..

وحتى بالنسبة للأسرة المالكة ظل الأخ والأب الأكبر للجميع يحل قضاياهم بتنوعاتها المختلفة، وفي تاريخ علاقته مع إخوته الملوك رأيناه رفيق درب موثوقاً ومبجلاً لأنه رجل علاقات صادقة ورؤية بعيدة، وكان كل واحد منهم يضعه مرافقاً ومستشاراً يعرف بتاريخ بلده مثلما يلمّ بسياسات الدول وتوجهاتها، وظل في إمارة الرياض التي دام فيها طويلاً علماً كبيراً يستقبل البسطاء والواعين ورجال الفكر والثقافة، ولكل عنصر حديث خاص يتبسط مع الناس العاديين ويناقش الطبقات الواعية برؤية من يعرف الطريق إلى الثقافة والتاريخ وعلوم الحياة الاجتماعية بما فيها الرياضات المختلفة..

الحديث عن الشأن الداخلي، وكيف سيكون الاهتمام به من قبل الملك سلمان سيكون على أولويات قراراته وتوجهاته، ولم يكن غائباً عن المشاريع الهائلة أو ورشة العمل التي عمت مدن وقرى المملكة، وقد عاش مراحل التطور من البدايات الأولى، من الكتاتيب إلى أعلى الجامعات ومن بيوت الطين إلى القصور والأبراج الهائلة، ومن الأمية المتفشية إلى مراكز البحث العلمي والتعاطي مع المنجزات العالمية المعاصرة، بمعنى عام فهو في قلب التنمية الشاملة والعامة..

على المستوى الخارجي ولبلد بحجم وأهمية المملكة، كل يتحدث عن سياستها القادمة من وجهة نظره، وكل يعطي رأياً أو حكماً ما، عن تحولات وتغيرات، صداقات تقوم وأخرى تزول، وهذه لا تعدو رؤى تجتهد وتخطئ أو تصيب، ولكن الحقيقة أن المملكة استطاعت أن توازن بين خطواتها بلا تهور، تختار ما يخدم مصالحها وأمتها العربية والعالم الإسلامي بما يتفق ورؤيتها واستقلال قرارها، بل إن الملك سلمان ظل جزءاً من صناعة هذه السياسة وتطوراتها، ويعرف حجم بلده الاقتصادي والسياسي، والأدوار التي يلعبها، ولا يهمنا أن نجد من يحاول أن يدس ويشوش، ويضع الأكاذيب بموقع الحقائق، لأن المملكة في قلب الحدث العالمي، ويكفي أنها جنبت الاقتصاد الدولي الزعازع حين ارتفع أو انخفض سعر النفط لأنها تدرك مسؤولياتها كصانع سوق له..

المهمات كبيرة، لكن من يديرها يبقى بحجمها في الإدراك والتصرف والتوازن الموضوعي في إدارتها، والملك سلمان تلميذ وأستاذ مدارس مختلفة حيث عاصر أحداث أمته العربية ما بعد الاستقلال وطفرات الاعتدال والتطرف، ولم يكتف بالمشاهدة من بعيد أو قراءة قرارات عامة، بل شارك وزار وحاور زعماء ووزراء وقوى مؤثرة في القرارات في بلدانهم، ولديه رصيد كبير في الشأن الداخلي والخارجي، ثم إن من يعرف سياسة المملكة يدرك أنها قائمة على العقل والتروي بدون صدامات أو خلق بؤر صراع سياسي أو مذهبي وديني فكل علاقة مع أي دولة توضع لها استراتيجيات ورؤى واقعية، وبالتالي فالثبات على لمبادئ أمر قائم، وحتى المتغير السياسي يبقى ضمن المفاهيم المستقلة، والملك سلمان عنصر القوة في عمل المستقبل الذي نقرأ تباشيره من أول يوم لولايته المسؤولية الكبيرة..
&