سمير عطا الله

قال الرئيس بشار الأسد، في آخر خطاب له، إن الجيش السوري متعب، ولذا يتخلّى عن مواقع أقل أهمية لينصرف إلى حماية الأجزاء الأكثر أهمية من البلاد. لم يحدد ماهية الأهمية التي يعنيها، لكنه أطلق شعارًا لا سابقة له، وهو أن «سوريا لمن يدافع عنها»، وهذا ينزع الجنسية عن نصف السكان الهاربين على الأقل.


في الأيام الثلاثة الأخيرة بدأت تظهر إلى العلن عملية معروفة منذ ثلاث سنوات، وهي أن الذين يدافعون عن سوريا المقصودة بالخطاب، ليسوا جميعًا سوريين: ضباط إيرانيون من أعلى الرتب، ومقاتلون قياديون من حزب الله، وقوات عراقية وإيرانية رسمية، وفوقهم جميعًا غطاء جوي روسي لا مثيل له منذ الحرب العالمية.


ماذا سيطلب «الذين يدافعون عن سوريا» في المقابل؟ ليس قاعدة بحرية، فهي لا تستحق كل هذه الحرب. وليس نفطًا أو غازًا موعودًا، فلدى إيران وروسيا والعراق منهما ما يفيض. وليس حماية النظام، لأن روسيا تعلمت من أفغانستان وأوروبا الشرقية أن أول من يتأذى هو النظام المسوّر بالحماية والدبابات والسوخوي.


إذن ماذا؟ إيران تعرف، وروسيا لا تعرف. إيران تريد إقامة قوس دائم من بيروت إلى طهران، مرورًا بدمشق وبغداد. ويكفي أن نعرف نوعية الضباط الذين يسقطون في سوريا، إضافة، طبعًا، إلى من لا نعرف.
أما روسيا، فالقوي ليس بالضرورة ذكيا دائمًا. والأرجح أن بوتين يركب رأسه كما فعل ليونيد بريجنيف في براغ، ثم في أفغانستان. لكن لا أرتال الدبابات غيرت شيئًا هنا، ولا أسراب الطائرات غيرت شيئًا هناك.

كل ما في الأمر أن المستقوين سوف يوسّعون رقع الحرب والدمار، ويطيلون أمد الاثنين. وسوف ينفجر الغاز بالجميع. وفي البيت الأبيض، يوضب فخامة السيد أوباما حقائبه ومذكراته. ومع صدورها، يكون قد انسحب من العراق وسوريا والخليج وأوروبا، ولكن أفشل أهم تجربة تاريخية في وصول رجل أسود إلى رئاسة أميركا. كم يندم الذين راهنوا على إنسانيتك. لم يكن مطلوبًا منك الحرب والتدخل الأعمى، وإنما صناعة السلام.
&