&خالد آل خليفة: لولا عاصفة&الحزم لدخل اليمن في حرب أهلية لا نهاية لها


* لولا تدخل السعودية بقيادة خادم الحرمين في لحظة حاسمة لتغير شكل المنطقة إلى الأسوأ لعقود مقبلة

* «عاشوراء» مناسبة دينية.. وهناك من يريد أن يستغلها مناسبة سياسية تخدم ولاية الفقيه

* بعض منظمات المجتمع المدني عبارة عن دكاكين سياسية تخدم مصالح دول.. ونحن متنبهون لها

* حرب إيران على المنطقة حرب رخيصة لا تكلف أموالاً.. فهي حرب عملاء يفجرون ويقتلون

وصف وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، الحرب التي تديرها إيران في المنطقة العربية، بأنها حرب رخيصة لا تكلف أموالاً، وأن برنامجها النووي متخلف، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، عند زيارته لمقرها في لندن، أول من أمس.

وقال الشيخ خالد لأعضاء القسم السياسي بالصحيفة: «هي حرب رخيصة التي تديرها إيران في المنطقة. عملاء منتشرون هنا وهناك.. وميليشيات، ليس فيها طائرات ولا بوارج ولا حاملات طائرات ولا جيوش جرارة.. هناك عملاء في البلدان يفجرون ويقتلون». وقال إن حلفاء الخليج الغربيين يدركون ما تقوم به إيران من زعزعة للاستقرار، لكن أولويتهم كانت لإيجاد حلول لبرنامج إيران النووي. وهنا قال الشيخ خالد: «البرنامج النووي الإيراني متخلف، لكنه قابل للتطور ويصبح أكثر خطورة.. لكن المخاطر الأخرى تتمثل في نشرها للإرهاب والإرهابيين في المنطقة». وأوضح أن إيران تنقل قوات للحرس الثوري بالآلاف للقتال في سوريا، وتزعزع اليمن، مشيرا إلى أنه «لو لم تأتِ (عاصفة الحزم) في وقتها، لكانت الأوضاع اليوم أكثر خطورة، وكانوا سيطروا على اليمن سيطرة تامة، وهذا يعني حربًا أهلية لن تتوقف في اليمن».

وأضاف {لولا تدخل السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في لحظة تاريخية حاسمة، لتغير شكل المنطقة إلى الأسوأ لعقود مقبلة}.

ونفى الوزير البحريني وجود انقسام في مجلس التعاون، بشأن «عاصفة الحزم»، والتطورات في اليمن، قائلا إن «هناك تفاوتًا في الآراء حول كيفية التعامل مع الموضوع. وأوضح أن «دخول قوات التحالف إلى اليمن هدفه مساعدة الشرعية اليمنية، ودحر الانقلابيين، وليس هناك أي هدف لاحتلال اليمن».

&

..وفي مايلي نص الحوار:

&

* نقترب من الخمس سنوات على أحداث فبراير (شباط) عام 2011، كيف كانت البحرين؟ وكيف وصلت الآن؟

- البحرين في 2011 وصل إليها ما وصل إلى العديد من البلدان العربية.. بالطبع هناك بلدان عربية كانت بها ظروف خاصة؛ فتونس مثلا لها ظروفها، وكانت البداية منها، وما زال التونسيون حتى الآن يقولون إن هذه أمور تخص تونس، ولم تكن بأي شكل من الأشكال لها علاقة بأنها جزء من المخطط أن ينتقل من مكان إلى آخر.

ومصر لها حكايتها ولها وضعها وظروفها، ومصر كما نعلم هي القلب، ولا تحتاج إلى أن تتعلم أو تأخذ تجربة من مكان آخر. لكن هناك من أراد أن يجعل منها جزءًا مما سُمي لاحقا بـ«الربيع العربي». وهناك من أراد أن يكون هذا الشيء شاملا للعديد من الدول العربية بالآلية نفسها والمنطق والطريقة ذاتها. وبغض النظر عن اختلاف ظروف كل بلد، فإن البحرين ليست غريبة على مسألة الحراك الشعبي. والبحرين دائما في كل مرحلة كان فيها حراك شعبي، وتطلعات ومطالبات وشد وجذب، لكنها كانت دائما تتسم بالوطنية، من حيث كيفية تعامل الحكم مع الشعب، أو من حيث عرض المطالب من قبل الشعب للحكم. كانت هناك مراحل في العشرينات، وأخرى في الخمسينات والستينات والسبعينات.. دائما هناك أشياء تتطور في البحرين.

فإذا قارن أحد البحرين في 2011، مع البحرين في عام 1956 مثلا، فلا يوجد مجال للمقارنة. لأن التطور السياسي الذي سار فيه المجتمع البحريني، والآليات التي اكتسبها والدستور وغيرها، لا تجعل هناك مجالا للمقارنة. الفارق أنه في 2011 كان هناك «البعد الخارجي»، وهو البعد الإقليمي الذي كان يحمل مؤامرة واضحة للسيطرة على البلد. وليس بهدف السيطرة على البلد فقط، لكن البحرين كانت المنفذ إلى بقية الدول في الجزيرة العربية.

* هل تقصد بالبعد الإقليمي إيران؟

- إيران طبعًا.. فكانت هناك مؤامرة واضحة للسيطرة على البلد. كان هناك من دول العالم من دخل في موجة أن هذا هو حراك شعبي، وهذه هي ثورة شعبية.. وكان هذا الكلام أكبر من حجمه، حتى من جاء واتهم شيعة البحرين مثلا بأنهم من قاموا بهذا الشيء، فإن هذا اتهام غير مقبول، لأننا نعرف أن أهل البحرين، سنتهم وشيعتهم، ولاؤهم للبحرين قبل كل شيء.. لكن هناك مجموعة لها ولاء خارجي، وتُدفع لها الأموال من أجل زرع الفتنة والقيام بمخططات محددة.. وآخر الإثباتات التي كشفت نوع الغطاء السياسي لهؤلاء وعملهم الحقيقي، هو ما نكتشفه في الأيام الحالية من مخابئ أسلحة ومتفجرات من مختلف الأنواع وتهريب، ولم نكتشف هذه الأشياء وحدنا، ولكننا اكتشفناها بالتعاون مع حلفائنا الغربيين وفي المنطقة، وبالأخص حلفاء في الأسطول الخامس، عندما حددوا لنا مسارات التهريب من الساحل الإيراني مباشرة.

فهذه هي الحقيقة التي كانت وراء الأوضاع في 2011، من استغلال وضع سياسي في دول أخرى، ومحاولة إلباسه للبحرين بالقوة، ولذلك فشل المخطط، وخرجت البحرين من أزمة إذا كانت هناك أزمة في 2011، وعدنا اليوم إلى الوضع الذي كنا عليه، وهو أنه لدينا دائما مسائل سياسية تُطرح بين آن وآخر، ويتم فيها التفاهم، ويجري تحقيق تطلعات الشعب والمضي إلى الأمام.

* ولكن ما التحديات أمامكم الآن؟

- التحديات ما زالت كبيرة، لأن هذا التحدي ليس موجهًا للبحرين فقط.. فالتحدي الذي واجهناه من إيران موجَّه للمنطقة كلها. نلاحظ ذلك في العراق، وفي سوريا، والله يعلم ما الذي يجري في سوريا اليوم، من طائرات تنقل الحرس الثوري الإيراني بالآلاف. إلى الأمس كنا نعلم أن هناك نقلاً محمومًا لقوات إيرانية وغير عربية أيضًا من مناطق مجاورة على أساس طائفي إلى سوريا لقلب حتى الوضع الديموغرافي في هذا البلد، وهي جريمة كبرى. وفي اليمن، ودعمهم لفصيل معين.. لا نقول الزيديين، فأغلبية الشعب اليمني يتبعون هذه المدرسة الفقهية، التي أتحرج من أن أسميها مذهبًا، لأن كلمة مذهب أصبحت إلى حد ما كلمة سياسية، وهذه المدرسة الزيدية كانت تدرس أيضًا في المدارس السعودية الدينية.

ويعمل الإيرانيون على الادعاء أن هذا خلاف طائفي بين سنة وشيعة في اليمن، وهو ليس كذلك. فالحقيقة أن هناك فصيلا، بل أسرة رجل كان يتحدى الإمام أحمد بن حميد الدين، وهو جد عبد الملك الحوثي، ويقول إنه هو الإمام.. والآن وصلت لهم الأموال والدعم، ومن ثم تحالف مع الرئيس السابق، وظن أنه قادر على أن يسيطر على البلد، ويظهر الصورة على أنها جزء من حملة على الشيعة في العالم أو أنه صراع سني - شيعي، وأن هناك مظلومية.. وهي أمور غير موجودة أبدًا. فهذا ما يجب أن نتنبه له الآن.

لذلك جاءت «عاصفة الحزم». وحقيقة أنه لو لم تأتِ «عاصفة الحزم» في وقتها، لكانت الأوضاع اليوم أكثر خطورة، وكانوا سيطروا على اليمن سيطرة تامة، وهذا يعني حربًا أهلية لن تتوقف في اليمن، لأننا نعرف ما هو الوضع الديموغرافي في اليمن، ونعرف أوضاع الشمال والجنوب ما بين عدن ومحمية عدن تاريخيًا وحضرموت والمهرة التي كانت اليمن الجنوبي، وما بين اليمن الشمالي من حدود اليمن الجنوبي إلى حدود نجران وجازان في السعودية.

ولولا تدخل السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في لحظة تاريخية حاسمة، لتغير شكل المنطقة إلى الأسوأ لعقود مقبلة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الرياض لا تبحث عن مصلحتها فقط، بقدر ما هي حريصة، كما كانت دائما، على استقرار المنطقة، وعدم جرها للقلاقل والخطر.

* هل ناقشتم المخاطر التالية؟ وما الخطوات التي اتفقتم عليها؟

- كنا ندرك أن ما يحدث في اليمن سيؤدي إلى انقسام البلاد، وأن اليمن الذي اتحد قد ينفصل عن بعضه. وقوع مثل هذا الأمر ليس في صالح دولنا، فاستقرار اليمن مهم، ولذلك كان التحرك بمبادرة جاءت بوزير خارجية اليمن في ذلك الوقت أبو بكر القربي إلى الرياض، ومعه المعارضون اليمنيون بقيادة محمد سالم باسندوه، وكان ممثل الحوثي معهم أيضا.. جاء ولم يرتب أحد هذا اللقاء لهم إلا في الرياض. ثم حدث نقل السلطة، أمام الملك عبد الله (رحمه الله). كان الرئيس (السابق) علي عبد الله صالح حاضرًا. جلس ووقّع. تلك الخطوات هي التي أوصلت اليمن إلى الدخول في مرحلة سياسية انتقالية جديدة، على غرار ما نطمح له في سوريا حسب «جنيف1». جرى تنفيذ هذا في اليمن.

فمن الذي انقلب على الوضع؟ ومن الذي حاول السيطرة على البلد وهدد وقتل وتحالف مرة أخرى مع الرئيس السابق، غير الحوثيين الذين كانوا طرفًا في الانتقال الديمقراطي في اليمن؟ لذلك كانت هناك ضرورة لإيجاد قرار دولي، وهو قرار 2216، والتمسك بهذا القرار حاليا حيوي وواضح، لأنه يحدد كيفية الالتزام بالمسار السياسي الذي سيخرج اليمن من محنته، وسيحمي مصالح جميع دولنا، وبالأخص مصلحة اليمن كدولة واحدة متحدة وجزء من جيرانها. ولذلك، يجب إبراز هذا الدور بحق، فنحن عندما نجلس مع كبار المسؤولين الدوليين، تلقى وجهات نظرنا قبولا من الجميع.. ولكن نأتي بعد ذلك، نجد أن هناك ظلمًا غير مقبول وإجحافًا للموقف الذي تقوم به السعودية وحلفاؤها فيما يتعلق بالجانب الإنساني في اليمن. ولذلك أرجو أن نبذل كل جهدنا في صالح إبراز الصورة الحقيقية فيما يتعلق باليمن.

* رأينا اختلافًا بين دول مجلس التعاون عند بدء «عاصفة الحزم».. عمان آثرت الحياد، وكان هناك من يراها أقرب إلى الحوثيين، فيما كان للسعودية والإمارات والبحرين وجود على الأرض، بعكس الكويت وقطر، ليس لهما وجود على الأرض.. حتى في هذه الأزمة التي اقتربت نيرانها من الحدود الخليجية هناك انقسام في مجلس التعاون.

- لا، ليس هناك انقسام.. لكن هناك تفاوتًا في كيفية التعامل مع الموضوع، بين طرف التزم عدم المشاركة، وهذا لا يعني رفضًا صريحًا، من جهة سلطنة عمان.. وطرف آخر شارك مشاركة وصلت إلى حد دخول القوات إلى داخل أرض اليمن، وهي دول السعودية والإمارات والبحرين. أما بالنسبة للكويت وقطر، فهناك وجود جوي في القواعد السعودية كدعم، وهناك أيضًا (دعم) من مصر والسودان، ولا ننسى أن التحالف فيه أكثر من دول المجلس.

دخول قواتنا إلى اليمن هدفه مساعدة الشرعية اليمنية، المتمثلة في الرئيس هادي وحكومته، حتى تتمكن من أخذ الأمور بيديها ممن انقلب عليها في اليمن، ويكون لديها الموقف السياسي الأقوى والأعلى فيما يتعلق بالتعامل مع هذا الانقلاب. ليس هناك أي هدف في الوصول إلى احتلال كامل لليمن، ليس فقط لأن ذلك غير مطلوب وغير مقبول، ولكن أيضًا لأنه صعب التحقيق، وسيؤثر بطريقة كبيرة من حيث الخسائر في الأرواح، وهذا ليس هو الهدف بالمرة. الهدف النهائي هو استقرار اليمن، يجب أن يتم تطبيق قرار 2216 بالكامل لأنه قرار أممي من مجلس الأمن، هذا ما تراه وتتفق عليه كل دول المجلس وكل دول التحالف. أما كيفية التعامل مع الوضع، فهناك تفاوت وليس انقسامًا.

* فيما يتعلق بإيران.. سحبتم سفيركم الأسبوع الماضي، وقلتم في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط»: وجدنا متفجرات تكفي لإزالة المنامة. ألم يقنع كل ذلك حلفاءكم الغربيين بأن إيران دولة إرهابية؟

- هذه الاكتشافات التي ذكرتها قبل فترة، وعندما قلت إنها كافية لإزالة المنامة، كنتُ أعنيها بكل صراحة. كان حجم المتفجرات كبيرًا.. وذلك قبل الاكتشاف الأخير، الذي سحبنا على أساسه السفير. في الاكتشاف الأخير كان هناك طن ونصف الطن زيادة عن الاكتشاف الذي سبقه.. كما ضبطنا معملاً ومصنع ألغام. كل هذه الأشياء يعلمها حلفاؤنا. لكن لم نصل معهم إلى صيغة أو موقف محدد بالضغط على إيران. قد تكون بعض الدول مشغولة أو مهتمة أكثر بمسألة أن يجتاز الاتفاق النووي المراحل الدستورية، قد يكون ذلك ما يؤخرهم عن اتخاذ موقف علني من هذه التجاوزات، لكن جميع هذه الدول تعلم يقينا ما يدور وما يقع.. هم من أخبرنا بوجود أسلحة ألقيت في عرض البحر. رأوهم يفعلون ذلك عبر الأقمار الصناعية. أبلغونا عن كثير من الأمور.. أخبروا عن خطهم من الساحل الإيراني مباشرة.. ومكان إلقاء الأسلحة في البحر.. وطلبوا منا الانتظار لنرى من الذي سيأتي من البحرين للحصول على تلك الأغراض.

هم يعلمون عن كل التطورات.. لكن نتمنى أن نصل معهم إلى موقف دولي بشأن هذا الأمر. لم يتعاملوا مع هذه القضية بالأهمية التي أُعطيت للملف النووي الإيراني، فمسألة إحلال الاستقرار في منطقة الخليج والمنطقة الأوسع - بكل صراحة - بعيدة المنال. نتفق معهم في أن التوصل إلى صيغة مرضية بشأن الملف النووي سيزيل أحد أسباب التوتر، ونتفق معهم أنه إذا طُبّق بالكامل سيسهم، دون شك، في إيجاد استقرار في المنطقة، لكنه ليس كل شيء، فهذا جانب واحد يتعلق بالغد، لكن هناك جوانب أخرى.

* ما الجوانب الأخرى التي تقصد؟

- نحن نعلم أن الملف النووي الإيراني هو ملف متخلف إلى حد ما، لكنه قابل لأن يتطور إلى أن يشكل خطورة في المستقبل.. لكن الخطورة التي نعيشها كل يوم لم يتم التطرق إليها، ولم تتم تغطيتها في مباحثات «5+1» مع إيران. البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني مثلا، أليس مخالفة؟ بالأمس صرحت الولايات المتحدة بأن هناك مخالفة لقرار مجلس الأمن 1929. هذا البرنامج الصاروخي لم يتم التطرق إليه بأي شكل من الأشكال في مباحثات «5+1»، مع أنه من الممكن أن يحمل رؤوسًا نووية، أو حتى من غير رؤوس نووية، فهي مدمرة. فإذا لم يتعامل العالم مع هذا الخطر، ومع خطر دعم الإرهاب ودعم العملاء، وخطر مواصلة برنامج الهيمنة الخاص بهم على المنطقة بهذا الشكل المحموم الذي يصرفون عليه المليارات من الدولارات الخاصة بالشعب الإيراني، فالمسألة ستكون صعبة. إنهم يرون أن هذا البرنامج النووي سيحل لهم المشكلة، خصوصا أن هناك أموالاً كثيرة ستتسلمها إيران، فإذا كانت إيران من دون هذه الأموال، فعلت ما فعلت؛ فما بالك مع الأموال؟! خاصة حيث علمنا أن الحرب على المنطقة هي حرب رخيصة لا تكلف أموالاً، فهي حرب عملاء وحرب ميليشيات، ليس فيها طائرات أو بوارج ولا حاملات طائرات ولا جيوش جرارة. هناك عملاء في البلدان يفجرون ويقتلون، ويعملون لهم ما يشاءون. إذن فإن تلك الحرب لا تكلف إيران كثيرًا.. فعندما يأخذون نسبة من هذه المليارات التي ستأتيهم من الأموال الموقوفة، سيساعدهم على أن يحصلوا على مواد أكثر تسبب الضرر في المنطقة.

* تحدثتم عن المتفجرات، والدلائل عليها.. فلماذا لم يُحوّل هذا الملف إلى مجلس الأمن مثلا؟

- قدمنا شكوى رسمية.. أنا الآن قادم من نيويورك، وسلمت اعتراضًا رسميًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ووضعت به كل التطور الزمني للأحداث التي صارت لدينا في البحرين من الاكتشافات من قبل، مع إيقاف محاولات للتهريب، وكل شيء وضعته في قائمة واضحة، وطلبت من الأمين العام شيئين؛ أولا: التدخل لإيقاف إيران عن هذه الأعمال، وللعمل على بناء علاقة أفضل ما بين إيران والبحرين ودول المنطقة الأخرى. والطلب الثاني أن يوزع هذه الوثيقة على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. فهذه الخطوة قمنا بها، لأننا عرفنا أن هذه هي أهم الخطوات.

* في ظل سحبكم للسفير، والهجوم الإيراني على السعودية في أعقاب حادثة منى، تكررت دعوات خليجية للحوار مع إيران.. ما ردكم على هذه الدعوات؟

- نحن في البحرين أكثر من التزم بالترحيب بأي دعوة للحوار مع إيران.. لكن أنت تتحاور، وتكتشف في الوقت ذاته مواد، لا أقول تؤدي إلى قتل شعبنا، بل قتلت بالفعل أبرياء من شعبنا، وقتلت رجال أمن في الشارع.. غير ألوف المصابين. لذلك نحن نرى أنه.. نعم، الحوار مهم، والتفاهم مهم في المنطقة، وليس هناك أسلوب لإيصال الفكرة والرأي إلا عن طريق الحوار، لكن لمن نتحدث؟ نحن نريد التحاور مع من لديه رغبة حقيقية في وجود علاقات أفضل مع جيرانه، لا من يحاورك من جانب ويتآمر عليك من جانب آخر.. نحن نرى أن هذه مضيعة للوقت. أما عن سحب السفير، ففي 2011 استدعينا سفيرنا راشد الدوسري للتشاور، بينما هم سحبوا في اللحظة نفسها سفيرهم من البحرين، ولم يستدعوه للتشاور. 3 سنوات لنا سفير في طهران، وإلى الآن ليس لهم سفير لدينا. إذن فالتجاوب من جانبهم كان غير جيد.

* لماذا تأخرتم في عملية سحب السفير من إيران رغم وجود أدلة وبراهين كثيرة؟

- يا أخي، وكما يقال: «حاول قدر الإمكان أن تبقي خيطًا». وما حدث يثبت كيف نحن حاولنا قدر الإمكان، لأنه من الممكن أن تعود الأمور إلى طبيعتها. ثم إن السفير أغلب عمله لصالح بلاده أكثر من وجوده هناك لصالحهم. هناك دول أخرى من مجلس التعاون الخليجي سفيرها موجود، حتى عقب عام 2011 جميع دول المجلس كان لها سفراء موجودون في طهران. ففضلنا أن يكون سفيرنا موجودًا هناك من أجل أن نتكلم بلغة واحدة وموقف واحد. لكن وصلنا إلى أن ساءت العلاقة لدرجة أننا كنا دائما نوجِّه لهم الحديث: اكتشفنا.. أوقفوا هذه الأعمال.. وهم مستمرون في هذا الشيء. لم نصل إلى مرحلة النهاية، وهي قطع العلاقات بحسب اتفاقية فيينا. التي فيها من سحب السفير للتشاور إلى قطع العلاقات وإغلاق السفارة، وهناك مرحلة قبلها تسمى إغلاق السفارة دون أن تصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية. ونحن لم نغلق السفارة، هناك قائم بالأعمال موجود، مثلما هم لديهم قائم بالأعمال.

لكن بلا شك أنهم تفاجأوا من تلك الخطوة التي قمنا بها، لأننا قمنا بها علنًا. لم نرَ أي مصلحة في وجود مسؤول بعثتهم في البحرين، ولم نرَ أي مصلحة في وجود سفيرنا في طهران. أحببنا أن نوصل رسالة واضحة لهم تقول إن المسألة وصلت إلى مرحلة لم نعد نتحملها. حاولوا هم بعد يومين من السكوت أن يتواصلوا عن طريق ممثلنا الموجود في سفارتنا في طهران (موظف ليس عالي الدرجة) بأن «نهدي اللعب شوية».. لكن المسألة بالنسبة لنا ليست لعبة. قالوا لنا إننا ممكن أن نرسل سفيرًا آخر وأنتم أيضًا ترسلون سفيرًا آخر. وأرادوا تهدئة الأمور.

* إيران تُعتبر حاليًا حليفًا للولايات المتحدة، ودخلت حديثًا تحالفًا رباعيًا مع روسيا، فهي تتحالف حاليا مع القوى العظمى.. في الوقت نفسه نرى أن العلاقات الخليجية مع الولايات المتحدة وروسيا تتراجع إلى الوراء.. فكيف ترون ذلك؟

- هناك نقطتان؛ الأولى أن إيران لم تصل إلى درجة أنها «حليفة» للولايات المتحدة، فالدول الحليفة للولايات المتحدة هي دول مجلس التعاون، وبيننا حوار وكلام مهم، مثلما شهدته قمة «كامب ديفيد». هناك لجان تعمل في مختلف المجالات، عسكريًا وسياسيًا وماليًا، وكثير غيرها. وما زال مقر الأسطول الخامس في البحرين، والعلاقات الدفاعية موجودة مع كل دول المنطقة، بينما ليست هناك علاقة مثيلة مع إيران. إذن فمسألة تحالف إيران مع أميركا سابقة لأوانها، وحسب ظروف اليوم هي شيء «غير موجود» بالنسبة لإيران. فقط هناك محاولة من الولايات المتحدة لأن تصلح علاقاتها مع إيران.. ولا يوجد ما يمنع أي دولة في العالم تريد أن تصلح وضعها.

أما الجانب الآخر، فإن إيران لديها نوعًا من التحالف مع روسيا، فأنا لا أرى أن هناك تحالفا روسيا إيرانيا في المنطقة ككل، أو أي نوع من التحالف الاستراتيجي. هذا الأمر أنا بحثته مع كثير من المسؤولين الدوليين، وهم أيضًا يرون الشيء نفسه؛ أنه ليس هناك تحالف استراتيجي إيراني روسي، لكن هناك التقاء مصلحة، وبالأخص في سوريا. فإيران لها مصلحة في سوريا أن تبقي هذا الخط الحيوي إلى حزب الله، وتساند النظام السوري مساندة كاملة. وأيضًا هناك مصلحة لروسيا في أن يبقى هذا النظام، ولا يسقط في أيدٍ معادية لها قد تفقدها كثيرًا من الامتيازات التي تحصل عليها في هذا البلد. فأنا أرى أن هناك التقاء مصلحة، لكنهما يختلفان في أمور كثيرة، ولذلك ما زالت دول مجلس التعاون ترتبط بعلاقات مع روسيا، ولا تريد أن تفرط فيها، لأن في نهاية الأمر أيضًا روسيا دولة مهمة. وتستمر الزيارات لأننا لا نريد بالابتعاد أن نسهم في وضع دولي متفجر في المنطقة، لكن هذا لا يعني أننا متفقون معهم على الوضع في سوريا. فنحن مختلفون معهم حول ذلك، ونرى أن المسألة يجب أن يكون فيها ما يؤدي إلى وضع يطبق اتفاق «جنيف 1»، في مرحلة انتقالية.

* مجلس التعاون الخليجي طرح من قبل مشروع أن يصبح اتحادًا خليجيًا، ونوقش أكثر من مرة، لكن هذا الأمر لم يحدث.. هل من الممكن أن يدعم التحالف في اليمن هذا التحول؟

- البحرين في البداية أيدت هذا الاتحاد، لأنه في مصلحتنا، وفهمنا أنه اتحاد تكاملي بين دول تحافظ على سيادتها. لكن هناك من أراد التريث لمزيد من الدراسة. وهناك من كان له رأي آخر في هذا الشأن. لكن مسألة الاتحاد أسهمت في أشياء كثيرة، منها صياغة كثير من الأمور التي طرحها المرحوم الأمير سعود الفيصل من أفكار حول كيفية تطور العمل الخليجي المشترك. في نهاية الأمر دول مجلس التعاون ما لها أي خيار غير أنها تتحد اتحادًا يقوم على التكامل، ويصل إلى أعلى الدرجات بخطى واثقة إلى الأمام. والتوحد موجود الآن أيضًا، خصوصًا في السياسات، لكن تتبقى الآليات التي تضمن بقاء تلك السياسات واستمراريتها هي التي يجب أن توضع. لكن الظروف التي نعيشها الآن تصعّب ذلك. مثل الدفاع عن حدودنا الجنوبية مع اليمن، ومسألة الدفاع عن مصالحنا في المنطقة.

* هل تيار الاتحاد خف..؟ وهل هناك تدخلات خارجية لوقف هذا المشروع؟

- لم تخف.. ومن ناحية أخرى لم نرَ من حلفائنا سوى الدعوة لأن نتكامل أكثر. سواء الولايات المتحدة وكل حلفائنا في دول العالم. لكنهم يفضلون أن يتعاملوا معنا كمجموعة وليس كل دولة على حدة. باستثناء أعدائنا الذين يودون أن يتعاملوا مع كل دولة على حدة. وأكبر إثبات لذلك قمّتنا في كامب ديفيد مع الولايات المتحدة، التي أثبتت في العقود الأخيرة أنها الحليف للاستقرار في المنطقة، ودخلنا معها في أمور ومعارك كثيرة، وأصبحنا الآن نتحمل مسؤولية أكبر يومًا بعد يوم، إن كان في دور عسكري أو مواقف سياسية. صارت دول المجلس تتحمل مسؤوليتها وليس فقط تعتمد على حلفائها في هذا الشأن. فالعالم يريد أن يتعامل معنا كمجموعة، يرانا مجموعة واحدة.. سوقًا واحدة.. إلى حد ما متكاملين. ونحن الآن نبني أكثر وأكثر ونطمئنهم، وأقول إن هذا المجلس وُجد ليبقى، لن نفكر في يوم من الأيام بأن هذا المجلس مهدد بأي شكل من الأشكال. لكن علينا أن نسرع إيقاعنا التكامل بشكل أفضل.

* بالعودة إلى الأوضاع في البحرين، إلى أي مدى أنتم مطمئنون إلى أن البحرين خرجت فعلاً من الأزمة؟

- الأزمة السياسية السابقة كانت أزمة مذهبية، وهي التي تعصف بالمنطقة كلها، وليست وليدة في البحرين، وكان هناك من يريد أن يدفع إلى الهاوية من الصراع المذهبي، وهذا لم يحدث، بفضل الله، لا شيعي قتل سنيًا على أنه سني، ولا سني قتل شيعيًا على أنه شيعي. صارت مصادمات مع رجال الأمن، وأكثر الذين ماتوا وفقا لتقرير لجنة تقصي الحقائق، هم الذين كانوا ضمن واقعة الـ35 شخصًا، في مواجهات مع رجال الأمن، أي مع مجموعة أرادت أن تواجه الدولة. كان هناك توجه أن يصير هناك حرب أهلية، لكن هذا لم يحدث، وهذا شيء يطمئنا بأن شعب البحرين لن يدخل في هذه اللعبة الخطيرة، لعبة الطائفية، رغم تزايد عمليات التصنيف الطائفي في الفترة الأخيرة.

* ماذا عن التمثيل في البرلمان؟

- برلمان البحرين (المجلس الوطني) المنتخب عام 1973 كان فيه مجموعتان؛ الأولى فيها رجال دين ورؤساء أسر وعشائر وشخصيات اجتماعية كانوا محافظين سنة وشيعة. والثانية ليبراليون شيوعيون وبعثيون وقوميون سنة وشيعة أيضًا. ورغم أنها كانت تجربة وليدة، فإنها كانت بداية من المفترض على كل مجلس تمثيلي في العالم أن يسير وفقها. بعد تعديل الدستور في 2002، قررت جمعية الوفاق التي قامت على أساس طائفي 100 في المائة مقاطعة الانتخابات.. لكن ما قررت إنهاء التنظيم وبناء المقر واللجان، في 2006 دخلوا الانتخابات بقائمة كاملة من مذهب واحد، ولا واحد من المذهب السني. دخلوا المجلس كمجموعة شيعية. فهل يرضي ذلك أحدًا؛ أن ترى مجموعة شيعية وأخرى سلفية وثالثة «إخوان». هل هذا الحال الذي وصلت إليه البحرين؟! الشاهد أن قرارات الناس تأثرت بالأمر، حتى القرار اليومي «ممن أشتري؟.. ومن أتعامل معه؟».

* هل لمستم دورًا لإيران في عمليات الشحن الطائفي؟

- نعم.. هناك أسباب أثرت على الشباب في المنطقة فيما يتعلق بالشحن الطائفي، أولها عام 1979 عندما جاء آية الله الخميني إلى السلطة في إيران، ونصّب نفسه حامي حمى الشيعة في العالم. كل شخص شيعي في العالم هو مسؤول عنه، إن كان بحرينيًا أو عراقيًا أو لبنانيًا أو باكستانيًا أو أي جنسية هو مسؤول عنها، ويشاورونه في كل شيء، وهذا ما لا يمكن أن نتقبله. إيران دفعت الكثير، وبذلت جهدًا كبيرًا في هذا الأمر، وبنت منهجًا تسير عليه.

النقطة الثانية، عندما دخلت الدبابات السوفياتية إلى أفغانستان، وتوجّه الشباب السنة إلى هناك، وهناك دول سهلت الموضوع وسفارات كانت توضح تعليمات لكيفية الجهاد في أفغانستان، عادوا متمرسين في القتال، وصاروا إرهابيين. المسألة صارت انقسامًا طائفيًا كبيرًا منذ ذلك الوقت. لكن لم ينفجر ويظهر إلى السطح إلا عندما صار العمل المحاصصي، بعد احتلال العراق، وصار القتل على الهوية. ولذلك نحمد الله على أننا لم نمر بهذه المرحلة. هناك وعي شعبي.

* لاحظت أن الجامعة العربية وكذلك الكثير من الدول العربية لم يكن لديها أي موقف حازم من التدخل العسكري الروسي في سوريا، حتى إن الجامعة ظلت أسبوعًا حتى أصدرت بيانًا أقرب إلى القرار الإداري؟ ما الموقف تحديدًا؟ هل الانفتاح الخليجي على روسيا سبَّب لها إحراجًا أم أن الجامعة أصبحت ضعيفة وموقفها في الملف السوري أحد تجلياته؟

- فيما يتعلق بالانفتاح الخليجي، أرجو ألا يُنظر إليه على أنها غيرت مواقفها من الوضع في سوريا. لكن لا يمنع الاختلاف مع أحد أن نتواصل معه. نحن لسنا في حالة عداء مع روسيا رغم اختلافنا في التعامل مع الملف السوري. وقلنا في الأمم المتحدة: نحن نرفض التصعيد العسكري. المصيبة التي وقعت فيها سوريا هي التدخل الإقليمي ومن جيرانها ومن حزب الله وإيران، الأمر الذي سهّل دخول إرهابيين. التدخل الإقليمي لم يسهم في تحسين الوضع في سوريا، إنما زاد سوءًا، وخرجت منطقة كبيرة من الأراضي السورية وصارت تحت سيطرة منظمة إرهابية وهي «داعش»، التي جاءت نتيجة عدم وجود جبهة سورية متحدة للتعامل معها. لو كنا بنينا على «جنيف 1» جبهة سوريا متحدة فيها التزام حقيقي من الحكومة السورية بإدخال جميع المعارضين الممكن تقبلهم حتى ممن لهم آراء دينية.. عدا «داعش» و«النصرة» وهما من الصعب تقبلهما لارتباطهما بالإرهاب، أما غيرهم فهم جزء من سوريا. وتتحمل المسؤولية في هذا الشأن في المقام الأول الحكومة السورية. إن إيجاد جبهة سورية متحدة إصلاحية كان سيجعل إنهاء «داعش» مسألة وقت.

الآن نتمنى، علما بأن القصف الروسي أكثره حدث في مناطق معتدلة، أن هذا التدخل يؤدي إلى تفاهم دولي لوضع حل لهذا البلد على أساس «جنيف 1». لكن إلى الآن لم نرَ شيئا. الوضع في سوريا خطير ومتفجر ويؤثر على كل دول المنطقة، لأول مرة أسمع اللبنانيين يفقدون الأمل في مستقبل بلدهم، ما فكروا في فقدان الأمل حتى في ظل الحرب اللبنانية! ولذلك لدينا أمل بالتواصل مع روسيا، الموجودة على الأرض ويصعب إخراجها، بأن يكون دورهم مسهمًا في الاستقرار وإعادة هذا البلد بالتعامل معهم. وإبعاد التدخل الإقليمي.

* هناك معلومة متواردة بأن الأسطول الخامس الأميركي في مياه الخليج انسحب في بداية الأحداث عام 2011 بداعي الصيانة، ما مدى صحة هذه المعلومة؟

- لم يحدث. هناك سفينة خرجت لمهمة أو شيء، لم يحدث أنهم انسحبوا من الميناء أو التسهيلات العسكرية الموجودة. وأحب أن أوضح أنه عندما دخلت قوات درع الجزيرة كان هدفًا استراتيجيًا، ولم يكن شيئًا داخليًا، ولم يرهم أحد من البحرينيين. دخلوا إلى مناطق محددة، منها إلى قاعدة الشيخ عيسى في الجنوب، وعدد من الأماكن الحساسة. كان هدفنا هو تثبيت الوضع وتهدئته، بشرط عدم سقوط ضحايا، ومن ثم استبدلنا بتسليح الشرطة البحرينية زيادة أعدادها من قوات الدفاع كي تقوم بدورها، ومن ثم أُخليت مناطق استراتيجية، وكنا نرى أنها تتعرض لتهديد خارجي، فطبعا السعودية والإمارات جاءتا لاستقرار البحرين وقامتا بدورهما التاريخي، وظلتا في القاعدة التي كانتا فيها هناك ثم عادتا.

وهنا يضيف الشيخ فواز بن محمد سفير البحرين في المملكة المتحدة، قائلا: مقر الأسطول الخامس في البحرين، وهناك مكاتب وادارات وليس فقط سفن على البحر. ولا يعني عدم وجود سفن ان الاسطول اغلق ابوابه. فتروح وتاتي وليست موجودة طول الوقت، بل إنها تذهب إلى مهام وتعود مرة أخرى في كثير من الأوقات، وهناك مهام مختلفة لكل سفينة.

* نعود إلى اليمن، وبخصوص العملية العسكرية «عاصفة الحزم»، التي بدأت منذ سبعة أشهر، هناك مخاوف إذا لم تُحسم الأمور، فهل يساوركم قلق أو مخاوف من أن إطالة أمد هذه العملية قد يفقدها تركيزها؟ وماذا ترون في البحرين؟ الحل لليمن هل هو سياسي أم عسكري؟

- أولاً، ليس هناك أي مفاضلة ما بين حل سياسي وعسكري، الحل المطلوب هو حل سياسي، أما التحرك العسكري في «عاصفة الحزم»، فكنا مرغمين عليه، وكان آخر خيار، لأن كل الخطوات استُنفدت، فهناك من رأى أن الحل السياسي ليس في صالحه، فانقلب عليه بالتحالف مع الرئيس السابق، هكذا كان الوضع الذي رأينا أنه كان سينفجر وسيقسم اليمن، وسيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، فقامت الدول بتدخل عسكري له مداه. الحل السياسي هو حل يمني نحن نسهم في الوصول إليه مع كل الأطراف، إن كان أي حزب أو أي مجموعة، ومنهم الحوثيون.. هم جزء من المشهد اليمني، ويجب أن يكونوا جزءًا من الحل اليمني، فلا مفاضلة بين شيئين؛ فالحل سياسي وليس عسكريًا، وإنما التدخل العسكري حدث لتثبيت الأمور لصالح السلطة الشرعية في اليمن، وحسب مخرجات الحوار بتثبيت هذا الوضع، وتمكين السلطة من السيطرة بنفسها على البلد.

* تحدثتم عن عناصر إيرانية في البحرين؛ هل لمستم من خلال العناصر التي تم توقيفها روابط بين العناصر الموالية لإيران في البحرين والعناصر الموالية لإيران في اليمن؟

- أولا، من ناحية المعدات، وجدنا أن التكنولوجيا التي يستخدمونها في التفجير هي نفسها التي في العراق، ونعرف من أين تأتي، وهي نفسها الموجودة لدى حزب الله، والموجودة في اليمن، والشيء نفسه الذي وجدناه في البحرين.. فهناك تشابه من ناحية المعدات. وحتى من ناحية كيفية التخزين، الأمور التي اكتشفناها في المخابئ هي نفسها التي اكتشفت في الكويت، بالضبط كأنهم دارسون في مدرسة واحدة، فالتشابه موجود والمخطط واحد، والمنشأ واحد.. التفاصيل كثيرة ونعرف إلى أين نوجه أصابع الاتهام بكل سهولة.

* هل العام الهجري الجديد يمثل عبئًا على الأمن في البحرين بسبب أحداث محرم ومجالس العزاء وما يحدث في البحرين؟ وكيف تتم السيطرة على هذه الأحداث بالتزامن مع الاحتفال بالعام الهجري؟

- فيما يتعلق بمحرم والسنة الجديدة، أولاً محرم واحتفالات عاشوراء ليست بشيء جديد على البحرين، حيث تخرج المواكب الحسينية منذ القدم في شوارع معروفة في المنامة بالتنسيق مع الشرطة، وتحميها الشرطة، ونحن أيضًا بصدد حمايتها، وكذا بصدد حماية مضمونها من التسييس.

فعاشوراء مناسبة دينية، وهناك من يريد أن يستغلها كمناسبة سياسية تخدم ولاية الفقيه بأي شكل من الأشكال. وهذا تحدٍ، ونرى أنه يسهم في تفجير الوضع المجتمعي في البلد، وهناك تواصل دائم مع اللجنة المسؤولة عن المواكب الحسينية أن يمنعوا هذا الشيء ويلزمهم بالمسؤولية عن منعه. وهناك دور رجال الأمن أن يحموا هذه المواكب، فحال جاء شخص مجنون أو مجرم أو عنده نية سيئة أو مخطط ليقوم بأي عمل مثلما استُهدف مسجد بالدمام، يمكن أن يقوم بالشيء ذاته في البحرين. فالمسألة أمنية، لكن في مضمونها هي مسألة دينية، ومن مسؤولية الدولة حمايتها، وهي جزء من حياتنا في مملكة البحرين.

* هل تعتقدون أن المنظمات المدنية هي التي زرعت المشكلة في البحرين؟ وهل تثقون في منظمات حقوق الإنسان؟

- المنظمات الأهلية في البحرين كثيرة، بعضها وأغلبها مسجل. وهناك نحو 500 منظمة في البحرين، وهناك منظمات دولية تتواصل مع حكومة البحرين في الشأن الحقوقي والقضائي. ونرى أن هناك منظمات تستحق التواصل معها لأهميتها، وإن اختلفنا معها، ومنها منظمة العفو الدولية، ورغم الصداع الذي سببوه لنا لكن في نهاية الأمر دائمًا ما نتواصل معهم لأنهم قد يكونون المنظمة الدولية الرئيسية التي يمكن أن تنظر لها المنظمات الدولية الأخرى إلى حد ما. لكن هناك منظمات مجتمع مدني عبارة عن دكاكين سياسية تخدم مصالح دول، فنحن متنبهون إلى أن هذا باب تم استغلاله كثيرا للتدخل في بعض البلدان لتغيير فكر ولتسييس بعض المواضيع، لكننا ملتزمون بمسألة الحقوق التزامًا كاملا، فقد مررنا بفترة صعبة في البحرين والحمد لله خرجنا منها، فالبحرين أرادت أن تبحث عن الحقيقة بنفسها، وحينما جاءت اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق كانت على مستوى دولي، وتم تسليم التقرير للملك، والتزمنا فيه بتنفيذ كل التوصيات.. فإذا كان هناك خطأ عملنا حتى لا تتكرر هذه المسائل. لكن مسألة المنظمات التي لا ترقى لأن تكون منظمة، فهذا متواصل دائما، وكل يوم تظهر أسماء جديدة.

* في أوروبا، هناك اتهامات لدول الخليج بأنها لم تتعامل بشكل مؤثر مع أزمة المهاجرين، ولم تفتح صدرها لهم مثلما فعل الأوروبيون؟

- لا أحد يتذكر الاجتماعات الإنسانية التي عقدت في الكويت، سوريا 1 وسوريا 2، والالتزامات الكبيرة التي وضعتها دول المنطقة، بينما أزمة اللاجئين في أوروبا جميعها سارت من منطلق وجود رفض لهذه الشعوب التي لا تنتمي لهم وأنهم صاروا خطرًا، رغم وجود دول استقبلت أكثر منهم بكثير.

وفي السعودية، التي استضافت ما يفوق المليوني سوري، والبحرين على صغرها التي استقبلت نحو 30 ألفًا، بخلاف الإمارات ومصر والجزائر والأردن، فإنك لا ترى أحدًا في المطارات يفترش الأرض.. ليس بسبب أنه لم يأتِ أحد، وإنما بسبب أن هذا الشخص وصل وهو الآن مع عائلته في بيت لدى أحد أقربائه، ويتلقى أبناؤه التعليم، وتمت معاملته كأخ وليس كلاجئ شارد من بلاده ويوقَف عند الحدود في مراكب. عدم وجود صور للاجئين لدينا لا يعني أننا لم نقم بدورنا، بل سياستنا تجاه إخوتنا السوريين لم توجِد مثل هذه الصورة التي رأيتموها في أوروبا.
* سأتذكر الفيصل ما حييت

* علاقتي الشخصية مع الراحل الأمير سعود الفيصل، شيء لن أنساه.. توجيهاته وقربي منه. تعلمت منه الكثير.. رأيت منه المحبة، والأخوة، والصبر والجلد. شيء غير معقول.. وذكرى طيبة لن أنساها من هذا الرجل، وسأتذكره ما حييت.

لن أنسى الدور الذي قام به والدول التي زارها، إبان اضطرابات 2011، وحينما كنت أجد صعوبة في التواصل نتيجة الصورة الذهنية التي تولدت عن البحرين في تلك الأحداث، ذهب هو إلى كثير من دول العالم لشرح موقف البحرين. لن أنسى زيارته لمملكة البحرين واجتماعه مع جلالة الملك، ولا أنسى مكالماته الهاتفية لي ليلا وفجرا للتنسيق معي.. أكون مقصرا في حقه إذا ما قلت إنه كان بالفعل وزير خارجية البحرين. وأقول ذلك من قلبي، فقد كانت فترة صعبة تعلمت فيها، ولن أنساه حقيقة.
* لم نعترض على استضافة قطر «فورمولا 1»

* غير صحيح ما يقال بأن البحرين اعترضت على استضافة قطر «فورمولا1»، فردت قطر بشراء الحقوق الرياضية لها.. في البداية، لما وقعت البحرين على عقد تنظيم السباق، كان هناك اتفاق على ألا يقوم أي سباق آخر بالمنطقة إلا بالتشاور مع البحرين، نظرا للحقوق التجارية. ومن ثم عملت البحرين على حماية حقوقها التجارية وليس منع الآخرين.

منطقة الخليج لا تتحمل أكثر من سباقين في موسم، ولهذا السبب تم الترتيب مع إخواننا في الإمارات أن يكون سباقنا في بداية الموسم، وسباق الإمارات في نهايته. وإذا صار هناك ثالث، «تلخبطت» الأمور. مسألة شراء قطر الحقوق التجارية هي مسألة سيادية لديهم.. لا نعلم عنها شيئا.
________________________________________