&«بلومبرغ» تطلق محطة تلفزيونيّة في بلغاريا وتعيد هيكلة وكالتها في أميركا
&
&محمد خلف


اختارت «بلومبرغ نيوز»، وكالة الأنباء الأميركية التي أسسها في العام 1991 البليونير ورئيس بلدية نيويورك سابقاً مايكل بلومبرغ، بلغاريا لتكون الدولة الثانية بعد تركيا (بلومبرغ خبر تورك) لإطلاق قناة تلفزيونية لأخبار المال والأعمال والاقتصاد.


وبدأت المحطة ببثّ برامجها في 19 تشرين الأول (أكتوبر)، بعد توقيع اتفاق شراكة بين بلومبرغ نيوز (BloombergL.p) وقناةBulgaria ON AIR لتزويد المجتمع الاقتصادي والمالي بالأخبار والتطورات والعمليات الاقتصادية والمالية في بلغاريا وأوروبا ودول العالم الأخرى، وتقديم التحليلات الرصينة، ونشر الثقافة الاقتصادية بين أوسع القطاعات الشبابية في بلغاريا. وقالت مديرة البرامج نيكولينا ديمتروفا، لـ «الحياة» أن القناة ستنتج برامج محلية تضاف الى تلك التي تصل من الوكالة، وأن القناة ستكون لها تسعيرة منفصلة خاصة بها ستعرضها على الشركات والمؤسسات التي ترغب في الحصول على منتجاتها وخدماتها المتعددة، وذلك في إطار مجموعة متكاملة تشمل المواقع الاقتصادية الإلكترونية الأخرى التابعة لـ Bulgaria ON AIR، وستبثّ برامجها عبر الأقمار الاصطناعية وشبكة الكايبل البلغارية».
وسيقوم معدو البرامج التلفزيونية البلغارية ومقدموها من الصحافيين المشهورين، بنقل حي ومباشر يومياً للأخبار والتعليقات والتحليلات الاقتصادية من المدن الكبرى، مثل لندن ونيويورك وهونغ كونغ وموسكو وفرانكفورت. ووفقاً لما ذكرته المديرة التنفيذية لشبكة الميديا Bulgaria ON AIR فيكتوريا ميتكوفا، لـ «الحياة»، فإن «بلومبرغ بلغاريا هي المحطة الأولى التي ستوفر الخدمة الإخبارية المتكاملة والجادة لأوساط المال والأعمال في بلغاريا، في إطار الأسس والمعايير الدولية المتّبعة في إعداد البرامج وتقديم التحليلات المهنية الدقيقة والمعلومات الخاصة بالتطورات الاقتصادية والمالية، وأوضاع الأسواق والاستثمار ومجالاته في بلغاريا وأوروبا والعالم». وأوضحت «أن هدفنا لا يقتصر على خدمة قطاع المال والأعمال وحده، بل يشمل نشر الثقافة الاقتصادية والمالية بين أوسع قطاعات المجتمع، وتقديم الخبرة العملية للشباب الذين يودّون خوض غمار العمل والاستثمار في القطاع الخاص بمختلف أشكاله ومجالاته، على أن نقوم بذلك في صورة لا تبعث على الملل».


وكان خبراء من بلومبرغ نيويورك درّبوا الطاقم البلغاري لكي يكتسب المعايير المهنية التي تلتزم بها وتحتكم إليها «بلومبرغ» في عملها ونشاطها الإعلامي في شكل عام. واختارت إدارة مؤسسة «بلومبرغ للميديا» جيف غرين ممثلاً لها في القناة، وسيكون المنتج التنفيذي المشارك للمحطة الى جانب ممثل المحطة البلغارية.

تغييرات وإعادة تنظيم


واختارت بلومبرغ، على رغم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالاتحاد الأوروبي وتزيد من تعمّق انقسامات مجتمعات دوله على خلفية أزمة اللاجئين، أن توسّع وجودها وتمتد الى دول البلقان، توقعاً ربما لتطورات اقتصادية ومتغيرات سياسية محتملة خلال السنوات المقبلة، في هذه المنطقة الحساسة من أوروبا التي لا تزال تعاني من آثار الحروب الإثنية والدينية التي عمّتها مع انهيار الفيديرالية اليوغسلافية في تسعينات القرن الماضي، إضافة الى اكتساب النفوذ والتأثير وتحقيق عائدات مالية إضافية.


وكانت بلومبرغ شرعت منذ أوائل العام، في عملية إعادة تنظيم وهيكلة لعمل هيئة تحريرها في واشنطن فقط، كما أعلنت إدارتها، نافية بذلك معلومات وردت في جريدة « فايننشال تايمز» تشير الى أن عملية إعادة التنظيم والهيكلة ستشمل هيئة تحرير نيويورك أيضاً. وأفاد رئيس التحرير الجديد لوكالة «بلومبرغ» شون مايكل وايت، بأن «قراراً اتخذ بتقليص الإدارة التي تتولى إعداد البرامج العامة والخاصة بالأعمال وتقديمها، من طاقمين الى طاقم واحد فقط يتولى إعداد البرامج المختلفة للوكالة ككل بهدف تحقيق أقصى حدّ من الجودة والنوعية في المحتوى والمضمون».
وكانت إحدى نتائج إعادة الهيكلة والتنظيم التي أثارت ضجة في الوسط الإعلامي الأميركي وما زال صداها قوياً حتى الآن، تسريح 100 محرر من مكاتب نيويورك وواشنطن. وقال رئيس تحرير المحتوى في الوكالة جوش ترنر آغيل: «سنواصل متابعة كل القضايا السياسية وكل سياقات النشاطات الحكومية بالوتيرة نفسها في نيويورك وواشنطن وفي كل مكان»، لكنه رفض التعليق على ما انتشر من إشاعات عن تسريح العشرات من المحررين والصحافيين.


ومع أن عدد الذين كشفت «نيويورك بوست» تسريحهم من الوكالة لا يمثّل إلا جزءاً قليلاً من عدد العاملين فيها والبالغ عددهم 2400 شخص، فإن هذا التقليص يمثّل عملياً الحدث والتطور الأكثر جدية في عمل الوكالة منذ عودة مؤسسها الى مجلس إدارة الوكالة. وجاء في بيان للوكالة: «في الأوقات الحرجة التي يواجهها الإعلام بكل أنواعه، وما يتعرض له من اهتزازات مع عمليات الانتقال الحاصلة من الصحافة الإخبارية التقليدية الى الرقمية، إضافة الى محدودية محتوى المادة الإخبارية والتوزيع، يشتدّ التنافس إلى أقصى حد، ما يفرض الانتباه والحذر والاعتدال عند إنجاز أي عمل أو اتخاذ أي قرار».

عائدات ماليّة مجهولة


إلا أنه من الخطأ اعتبار «بلومبرغ» وسيلة إعلامية تقليدية، خصوصاً أن قسماً قليلاً للغاية من أعمالها ونشاطاتها يرتبط بتيار المعلومات الموجّه إلى القارئ أو المتلقّي العادي، فالجزء الأساسي من منتجها الإعلامي يتمثّل في تقديم التحليلات المالية والاقتصادية للشركات المختلفة، وهي خدمات تعتمد على رصد البيانات المختلفة التي تتعلّق بالأعمال والتطورات الاقتصادية والمالية وتحليلها. وبالتوازي مع هذا، تقوم الوكالة بتغذية نشرات إخبارية عدة في محطات التلفزة والإذاعة التي تملكها، وأيضاً المواقع الإلكترونية المتخصّصة التابعة لها، وكذلك الصحف والملاحق الدورية التي تصدرها. وتشير البيانات الى «أن 80 في المئة من العائدات المالية التي تحققها الوكالة تأتي من شركات مشتركة في إصداراتها الإخبارية». ويبلغ عدد المشتركين في الوكالة الآن نحو 325 ألفاً».
وتتميز «بلومبرغ» عن الوكالات الأميركية والأوروبية المماثلة، في عدم نشرها أي معلومات عن العائدات المالية المتحقّقة من نشاطاتها وأعمالها، وما أعلن من بيانات حتى الآن وفق ما ذكرته «رويترز»، اقتصر على الفترة ما بين 2008 و2011 عندما كان دانيال دوكتوروف مديرها التنفيذي، حين ارتفعت من 5.4 بليون دولار الى 9 بلايين دولار.
وكان أول ما قام به مؤسس الوكالة مايكل بلومبرغ، بعد عودته الى إدارة مجموعته في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، هو استبدال رئيس التحرير مات وينكلر الذي أوصل الوكالة الى العالمية، وعيّن بدلاً منه الرئيس السابق لتحرير «ذا إيكونوميست» شون مايكل وايت. وبرر بلومبرغ خطوته هذه، برغبته في «توحيد هيئة تحرير المجموعة الإعلامية التي تطورت سريعاً وفي شكل استثنائي غير متوقع خلال السنوات الأخيرة».


لم يقتنع خبراء الإعلام بتبرير بلومبرغ خطوته هذه، التي رأى كثر منهم أنها تهدف الى تقنين العمل والتعامل المرن مع المتغيرات الحاصلة في الميديا وتقنياتها وتوجهاتها، بحيث يتم التركيزعلى النشاطات والأعمال المحورية. ويتّضح من دراسة أعدتها «فايننشال تايمز»، أن خلافات جدية تعصف منذ فترة طويلة بين القسمين الإخباريين الرئيسين في الوكالة، الأول ويعنى بمحتوى البوابات الإلكترونية المتخصصة بشؤون المال والأعمال، والثاني مهمته إعداد المعلومات والأخبار للمشتركين، إذ سعى كل منهما الى فرض هيمنته على الآخر.