&"داعش" مصرّ على التقدم في حمص رغماً عن روسيا: الخريطة مخيفة وماذا عن لبنان؟

محمد نمر

من يقرأ الخريطة ويطّلع على المواقع التي وصل إليها تنظيم "الدولة الاسلامية" في ريف حمص ونقاط الاشتباك هناك، سيشعر بأن الخطر بدأ يقترب من حدود لبنان الشمالية التي لا تخلو أساساً من تواجد عناصر "#داعش"، خصوصاً في جرود القاع ورأس بعلبك.

وبات واضحاً أن الطيران الروسي لم يستطع حتى اللحظة أن يكبح تقدّم "داعش" في سوريا، خصوصاً بعدما لاحظ المجتمع الدولي أن غالبية الضربات تستهدف المعارضة المعتدلة والاسلامية وتتعاطى برومانسية مع "داعش" الذي استغلّ الفرص ليسيطر على الأراضي.

&

من #حمص إلى #لبنان


بيبرس التلاوي ناشط سوري يهتمّ بمتابعة تطورات المعارك مع "داعش" في ريف حمص وتوسعها في المناطق الصحراوية، ويحدد مواقع النفط والآبار والغاز التي تسيطر عليها، وبحسب متابعته يعتبر أن تنظيم "الدولة الاسلامية يريد السيطرة على المنطقة الشرقية لحمص والاتجاه الى الجنوب للسيطرة على القصير، ومن ثم التوغل في اتجاه القلمون الشرقي من الجبال التي تمتد من القريتين ومهين حتى تصل إلى القلمون ‏وبعدها سيستطيع "داعش" ان يدخل البلدات الحدودية مع لبنان لتصبح جزءاً من دولته المزعومة". وفي رأيه، فإن "هدف داعش الوصول الى العاصمة دمشق من جهة القلمون، ودخول لبنان من القصير، وهو يريد توسيع رقعة سيطرته، ويفكر عكس ما تفكر به باقي الفصائل في سوريا".


وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن قراءة المستقبل ويبقى الواقع في الميدان المؤشر الوحيد إلى نوايا "داعش" الذي يهتم في هذه الفترة بالسيطرة على أوتوستراد دمشق - حمص. وبدأ رحلته من القريتين فسيطر على الحفر وأخيراً على مهين وبدأ برمي إرهابه على صدد التي يسكنها آلاف المسيحيين. ويتوقع التلاوي أن "يسيطر التنظيم عليها لأن قوته كبيرة وعناصر قوات النظام باتوا يهربون عند سماع اسم التنظيم"، مشيراً إلى أن "90 في المئة من سكان صدد مسيحيون، ويبلغ عدد سكانها نحو 20 ألفًا، والسيطرة عليها ستساعد التنظيم على التقدم باتجاه حسياء، كما أنه سيسطر على أبار الغاز المحيطة بصدد".

&

كيف بدأت المعركة؟


بعد سيطرة تنظيم الدولة على مدينة تدمر وتمدده الى مدينة القريتين في ريف حمص الجنوبي - الشرقي بدأ التنظيم التجهيز لمعركة جديدة، وكانت بلدة مهين الهدف التالي، ويوضح الناشط السوري من حمص بدوي المغربل لـ"النهار" أن "مهين بلدة تبعد عن المدينة حوالي 85 كيلومتراً ويتجاوز عدد سكانها 30 ألف نسمة، بعد نزوح عدد كبير من أهالي القريتين إليها. وهي تقع غرب القريتين وشرق صدد وجنوب حوارين ومن جنوبها توجد سلسلة جبال تمتد حتى القلمون"، ويضيف: "موقع مهين يعطيها أهمية استراتيجية لقربها من الطريق الدولي الواصل بين دمشق -حمص والساحل، وسكانها من المسلمين السنّة".

مهين بوابة صدد


منذ السيطرة على مدينة القصير كانت مهين تحت قبضة النظام السوري، فهي بحسب المغربل "بوابة صدد وبالقرب منها مستودعات للأسلحة سيطر عليها تنظيم الدولة الاثنين. وبدأ التنظيم هجومًا على مهين بسيارة مفخّخة استهدف فيها حاجز الأعلاف، ومن ثم دخل عناصر التنظيم البلدة وقتلوا عدداً من ميليشيات النظام، وسيطروا عليها بعد اشتباكات لم تدم طويلاً، وتعرضت البلدة للقصف بالطيران وبدأ نزوح الأهالي الى أماكن مختلفة منها صدد".


هذه الأخيرة لن تسلم من إرهاب "داعش"، إذ سارع إلى "إرسال سيارة مفخخة اليها ضربت أحد حواجزها، وكانت أشبه برسالة ان صدد هي المدينة القادمة"، مشيراً إلى أن "موقع هذه المدينة له اهميته التاريخية والاستراتيجية، وفي حال سيطر التنظيم على صدد فانه سيصل الى حسياء والمدينة الصناعية الواقعة على الاوتستراد الدولي، ما يؤدي الى قطعه، خصوصاً بعد الوصول الى قارة ودير عطية، فتحاصر من هناك العاصمة دمشق، فضلاً عن أنها ستشكل حينها خطرًا على لبنان، لأن التنظيم يعتبر أن حمص هي بوابة لبنان".

&

سريان أرثوذكس في صدد


اما الأهمية التاريخية لصدد فتعود بحسب المغربل إلى "أن سكانها يعتنقون المسيحية ويتبعون للكرسي الأنطاكي وهم سريان ارثوذكس، ولهذا تعتبر صدد ذات حجم دولي".
ويقول المغربل: "التنظيم يجهز لهذه العملية منذ زمن ويدرس المنطقة بمساعدة خلاياه، واستغل فرصة انشغال جيش الاسد في محاولاته الفاشلة لاقتحام ريف حمص الشمالي ليبدأ بالتنفيذ، وعلى الرغم من أن الطيران الروسي والنظام يقصفان في شكل يومي مناطق سيطرة التنظيم، إلا أن الغريب أن جيش الأسد حشد قواه على ريف حمص الشمالي وهي ثغرة كسبها التنظيم، واختار المناطق الشرقية ذات الأرض الوعرة والصحراوية التي يستطيع التحرك فيها بحسب تدريباته وقوته".

&

البريج و"حزب الله"
لا تزال الاشتباكات مستمرّة على أطراف مهين والنزوح مستمراً، وكان لافتاً وصول "داعش" إلى منطقة البريج التابعة لحمص وتقع على الطريق السريع حمص - دمشق لناحية حسياء، وتقول الناشطة الاعلامية نجوى القصير لـ"النهار": "وصل عناصر "داعش" إلى البريج وسيطروا على نقاط هناك، وبقي حوالي 10 كم للوصول إلى الاوتوستراد وبات واضحاً انهم يريدون قطع طريق دمشق - حمص".

&

الابتعاد عن لبنان؟


سكان البريج ينزحون نحو قارة ودير عطية، وترجح بأن "أي تحرك سيكون في اتجاه جوسية والقصير كما حصل في المرة السابقة، واذا تمت السيطرة على صدد سيكون من السهل الوصول الى قارة، خصوصاً بعدما سحب النظام قواته من قارة للمؤازرة"، وذكرت بأن "صدد شهدت عملية تفجير ولم يستطع التنظيم أن يدخل إليها حتى الآن، وربما توقف بسبب ضربات الطيران الروسي، لأن عبور هذه المدينة المسيحية يعني الوصول بسهولة الى الاوتوستراد وبعدها إلى قارة"، لافتة إلى أن "النظام سحب تعزيزات كبيرة الى صدد كي لا يخسرها".
القصير تستبعد محاولة دخول "داعش" إلى لبنان، وتقول: "أستبعد ذلك، لأن التابعين للتنظيم في الجرود القريبة من لبنان، هدفهم الوصول الى القصير والابتعاد كليا عن لبنان، كما ان في الجرود فصائل كثيرة ضد التنظيم، ولا يمكنهم التحرك بمفردهم في اتجاه لبنان".

&

الجرود و"داعش"


الناشط السوري زكريا الشامي الذي يتابع حال الجرود لفت إلى أن "حزب الله كان قد أمن خطوطه الدفاعية في البريج، ودورياته لا تتوقف في هذه المناطق، خصوصاً أن التلال المحيطة بالبريج والمدينة نفسها هي النقطة الفاصلة بين القلمون الشرقي والقلمون الغربي فكانت المفاجئة للحزب ببدء هجوم داعش صباح الأحد وتمت المواجهة بين الطرفين فاتخذ الحزب خيار الانسحاب لوقف الهجوم"، مشيراً إلى أن "السيطرة على صدد سيعرض ثكنات الحزب في لبنان والتلال الاستراتيجية الذي يحتلها للخطر، وبالتالي فإن القطع العسكرية التي اتخذها حزب الله كمراكز دائمة له في قارة والنبك ستكون في مرمى التنظيم".

وفي شأن امكانية وقوع معركة بين "داعش" وفصائل الجرود الأخرى، يقول: "الفصائل الى الآن لم تصدر اي بيان او ما شابه حول تطورات الوضع، لكني اظن ان ما يقوم به تنظيم الدولة من استهداف للحزب وقوات النظام لن يجبر احدًا على ذلك، وربما سيكون الأمر مشابهاً لما حصل في حلب أي التهدئة".
أما بيبرس التلاوي فهو على قناعة بأن "داعش يمكنها أن تسيطر على صدد ويتوجه بعدها إلى حسياء"، مذكراً بأن "التنظيم أرسل سيارة مفخخة انفجرت عند الباب الرئيسي للبلدة وتبعها هجوم من المقاتلين وسيطروا على خمس نقاط في الجهة الشرقية للبلدة".

&

اشتباكات التلال


وعن حال الاشتباكات، يقول الصحافي في "Syira direct" أسامة أبو زيد لـ"النهار" إن "الاشتباكات قرب صدد متواصلة لكنها ليست في قلب صدد، وتتركز في محيط البلدة على تلال الحزم الثانية، أما التلال المقابلة والأولى يتمركز الجيش السوري فيها وجميعها خارج صدد". ويضيف: "لا تزال المساعي للسيطرة على صدد غير جدية ربما لأنه يريد التمركز في مهين وتحصين نفسه فيها، ولأنها أكبر من صدد من حيث المساحة".

&

خطر على لبنان؟


وفي شأن الخطورة على لبنان في حال سلك "داعش" خط أهدافه، يقول أبو زيد: "لا تزال الخطورة بعيدة، وصعبة لأنه في حال سيطر على صدد ستكون العقبات كثيرة، كالمدينة الصناعية في حسياء الواقعة على طريق حمص - دمشق، وجبل الصوانة، كما هناك العديد من القطع العسكرية للنظام السوري"، ويضيف: "لا يرتبط الموضوع الآن بخطر على لبنان أو ما شابه والموضوع لا يزال بعيدا، كما انه من الصعب السيطرة على المنطقة الصحراوية هناك من دون تواجد عمراني، لهذا فإن غاية داعش أولاً قطع طريق حمص - دمشق"، وعلى الرغم من ذلك يشير أبو زيد إلى أن "هم داعش اليوم هو صدد وبعدها الجبل أو الحسيا، وفي حال نجح في السيطرة عليهما، فقد يكون الهجوم حينها على جوسية القريبة من الحدود اللبنانية"، مذكراً بأن "تقارير صحافية عدة تحدّثت في فترة سابقة عن هجوم خاطف لداعش على جوسيه، لكن الفشل جاء بسبب عدم القدرة على السيطرة على جوسية والحدود، ولا يمكنه أن يؤمن الدعم الكامل لنفسه في المنطقة، وفي حال سيطر على حسياء وطريق دمشق-حمص بالتأكيد سيغذي نفوذه بالقلمون بالامداد العسكري، وهنا يمكن القول أن لبنان سيصبح في خطر كبير، لأن الامداد سيكون من العراق إلى لبنان".

&