راجح الخوري
&
عندما يقول جون كيري ان القرار رقم ٢٢٥٤ الذي أقرّ بالإجماع في مجلس الأمن، يمثل صيغة صّممت لوقف الحرب الأهلية في سوريا، فإنه يبدو كمن يَحفر او بالأحرى يعمّق الحفرة تحت إقدام الروس الذين يراهنون على شخص في مقابل شعب كامل تقريباً، وواضح ان هذا القرار لن يوقف الحرب في سوريا بل سيدفع بها الى مزيد من التأجيج والمآسي!
&
بعد ايام تنتهي مهلة الأشهر الأربعة التي حددها فلاديمير بوتين لإنتهاء عملية تدخله العسكري في سوريا لدعم بشار الأسد، صحيح انه عاد وربط هذه المهلة بمسار العمليات على الأرض، لكن الأصح انه أعترف قبل عشرة ايام بأن حسابات الحرب من الفضاء قصفاً وغارات وبراميل متفجرة، هي غير حسابات القتال على الأرض، ولهذا ليس واضحاً بالفعل كيف سيتمكن من ترجمة الإستدارة الكاملة التي نجح في إحداثها، عندما وضع نظام الأسد في موقع المرجعية الصالحة لمحاربة "داعش" والإرهابيين، ودعا الى ضمّ المعارضة التي دَمرها النظام أساساً للقتال الى جانبه!
&
يصبح الأمر اكثر إثارة عندما نكتشف ان القرار الذي أُعطي صفة لا يستحقها، اذ سّمي خريطة طريق لحل الأزمة السورية، يمكن ان يغلق الباب نهائياً امام التسوية السلمية في سوريا من خلال أمرين على الأقل:
اولاً إبقاء عقدة الأسد سواء في الحرب لجهة تأهيله والدعوة للانضمام اليه ضد الإرهابيين، أم في السلم لجهة الالتباس العميق في محتوى الحملة التي تتحدث عن المرحلة الإنتقالية، إذ ليس واضحاً ما اذا كانت مهمته الرئاسية تنتهي مع تشكيل الحكومة الإنتقالية بعد أربعة أو ستة أشهر، أو انها يمكن ان تبقى الى ما بعد المرحلة الانتقالية التي يفترض ان تنتهي بعد ١٨ شهراً!
&
على ان ما يثير اليأس لدى المعارضة ويجعلها أكثر اصراراً وإقتناعاً بجدوى البقاء في المتاريس لمحاربة النظام و"داعش" على ما يجري منذ فترة طويلة، هو ذلك التفسير الإستغبائي الذي نجح سيرغي لافروف في تمريره، أي معنى كلمة "المرحلة الإنتقالية" لكأن المطلوب في النهاية هو الإنتقال من تحت دلف النظام الى تحت مزاريبه التي تقطر براميل متفجرة تدمّر ما تبقى من البيوت على رؤوس السوريين!
&
أحد قادة المعارضة السورية لم يتردد في وصف قرار مجلس الأمن بأنه مسخرة المساخر، ليس لأنه جمع كل التناقضات في صيغة واهمة فحسب، بل لأنه يطلق أيدي الروس وحلفائهم الإيرانيين في سوريا، بما يمثّل وصفة ممتازة لمزيد من القتال والمآسي، ويكفي في هذا السياق ان نتذكر الأعوام الخمسة الماضية وما آلت اليه لكي ندرك تماماً، ان الشعب السوري الذي طالما رفعت روسيا شعاراته ليس أكثر من بقية ذخيرة تُحرق للحفاظ على النظام.